المواطن/ كتابات _ فهمي محمد
عندما تتكرر الثورات – كما هو الحال في اليمن – بين الحين والآخر وتتعثر مع هذا التكرار فكرة التغيير السياسي والاجتماعي والإقتصادي وحتى الثقافي بالمعنى الذي يجمد معنى البلدان سياسياً على تضاريس الجغرافيا بل يجعل منها حالة موضوعية ممانعة لفكرة الأوطان، فذلك يعني أن العقل السياسي في هذا المجتمع مايزال غير قادر على تجاوز محنة السلطة وحتى التفكير فيها كغاية وليس وسيلة ، بمعنى آخر أن فكرة الدولة والديمقراطية لم تتحولا بعد إلى قيمة نضالية لتلك النخب السياسية أو الحزبية التى تتخلق أو تبرز في معترك الفعل الثوري المتكرر أو تلك التي تصل إلى سلطة الثورة وتتولى مقاليد الحكم .
الثورة بحد ذاتها تبدأ بفعل ثوري يعمل على رفض واقعاً ما بأدوات سلمية أو عنيفة، وهذا ما يجعل الثورة مفتوحة على مصراعيه أمام كل القوى والمكونات الطامحة في تحسين وضعها، لكن فكرة التغيير بالمعنى الذي يحول الثورة إلى مشروع سياسي / مدني / وطني محقق الوجود، ترتبط دائماً وابداً بنجاعة العقل السياسي الذي يدير المشهد بعد إندلاع الثورة، أو يتولى مقاليد سلطتها، ما يعني أن الثورة بمقياس فكرة التغيير يجب أن لا تخلق قوى بديلة تتولى مقاليد السلطة كما هو الحال في اليمن، بقدر ما يجب أن تخلق واقعاً متغيراً يلغي حالة الجمود السياسي والاجتماعي وينسجم بالضرورة مع أحكام الصيرورة التأريخية التي تجعل المجتمع بشكل عام وبكل مكوناته أمام تحول تأريخي مفصلي، تحتفل معه كل المكونات وجدانياً وعملياً بأدانة الماضي أكثر مما تحتفل كل عام في ذكرى الثورة بالمعنى الذي يعني إسقاط نظام أو حاكم .
في اعتقادي أن حديثنا عن الثورة سوف يختلف كثيرا لو تمكن عقلنا السياسي من إعادة تعريف الثورة بناء على ثنائية الفعل الثوري والمشروع الثوري بمقياس فكرة التغيير نفسها، حينها سوف نكتشف أننا نثور ونضحي ثم ننتج في آخر المطاف قوى بديلة للحكم – كما هو الحال في تعز وعدن وفي كل مكان – وليس واقعاً متغيراً، ما يعني في النتيجة أننا قد ننجح في مهمة الفعل الثوري لكننا نفشل دائما في تطبيق مشروع الثورة .
الى متى ؟؟؟