المواطن/ كتابات ـ عبدالعزيز المليكي
الطبيعة التحليلية الشائعه في الفكر الإسلامي تعتمد على ربط الأحداث الكونية بمتغيرات دينية عقائدية تخبئها الذاكرة الدينية من سنوات سحيقة. بحيث يكون القدر المطلق الذي يتوافق مع رغبتها هو المتحكم الفعلي في مجرى الأحداث
تلك الطبيعة التي تم إكتسابها من التفاسير الموروثة التي
كانت ناتجة عن محاولات إنسان ذلك الزمن لتفسير الأشياء بمفهوم عصره صنعت من الأجيال الإسلامية التي أتت بعدها أجيال تقليدية بعيده كل البعد عن مفاهيم الحداثة والتطوير
حيث أصبحت تسير على غرار التركيبة النمطية لإنسان ما قبل ألف وخمس مئة عام
هذه الطريقة التقليدية عطلت القدرات العقلية بشكل شبه كامل وقتلت كل الوسائل التي من شأنها إحداث حراك فكري ومعرفي
وبتالي كان الوصول إلى حالة الجمود نتيجة حتمية لإننا بُتنا نرى أن الحداثة هي نفسها الموجود في تلك التفاسير فأصبحنا نعيش على إنتظار إنتصارنا المكتوب في كف سيف المهدي المنتظر
ونفسر كل مستجدات العالم بتباشير إقتراب الساعة والجنة الموعودة
نترقب لحضة إندثار التكنلوجيا ليعود زماننا. لاكن ما يحدث أننا نهوي بشكل مخيف ناحية ذلك الزمن الغائر في أعماق الهاوية بينما يفرد بقية العالم أجنحته ليحلق في الأفق
ما الأشياء الجوهريه التي تناولتها تلك التفاسير ؟؟
في واقع الأمر لم تتناول أياً من تلك التفاسير أي مواضيع جوهرية
فقد تحدثت بإسهاب شديد في مواضيع سطحية جداً بإمكان أي شخص بسيط أن يتمكن من فهمها بحكم طبيعته البشرية الراقية
بينما وضعت تلك الكتب الكثير من الخطوط الحمراء أمام الأمور الغامضة التي شغلت الحيز الأكبر من عقل الإنسان بحكم أنها أمور ليست من إختصاصه
هل ما بناه الله يوجد فيه خلل حتى أنه لا يريد من الإنسان الإطلاع عليه؟؟
وكيف يمكن أن نكون مطالبين بالإيمان بأشياء لا تستوجب معرفتنا بها أساساً؟؟
الإيمان الذي يولد من رحم الشك والتفكير أقوى وأكثر ثباتاً من ذلك الإيمان الأتي من العدم (إيمان العادة عبادة)
لذلك من غير الطبيعي أن يضع الإله الدوائر الحمراء حول الأشياء التي ستوصل العقل إليه
فالعقل دائماً ما يؤمن بالأمور القريبة أو التي تأتي نتيجة التفكر والتدبر
لكن ما قامت به تلك التفاسير هي أنها قطعت العلاقة بيننا وبين الإله من جذورها وأصبحت عبادتنا له مقرونه بالإيمان بأصحابها إذا لم نكن نعبدهم..
فعند التأمل في سياق نصوص تلك التفاسير نجد أنها جعلت من التفكر أمر مقروناً بالشرك. حيث فسرت النصوص القرآنيه التي تحث على التدبر بإنتقائية شديدة بحيث لا يتسرب إلى أذهاننا من الفهم إلا الرشح اليسير الذي تريده هي..
ما يجب علينا اليوم أن نعلم أن التفاسير التي نسير حياتنا حسب رغبتها أصبحت بمنظور العصر الحديث عبارة عن تقيمات بدائية طفيفة لا تناسب ظروف عالم اليوم
فاتفسيرات التي تعتبر الغيب أهم رافد من روافد المعرفة من المستحيل جداً أن تتوافق مع التركيبة العقلية لإنسان القرن الواحد والعشرين الذي يؤمن بأن العلم هو الرافد الأول والأهم
عبدألعزيز ألمليكي