المواطن/ كتابات ـ فهمي محمد
القراءة والكتاب هما أدوات المعرفة وديناميكية الوعي الإجتماعي الناجع تجاه الفعل السياسي الذي ينتصر لمسألة الخلاص الثوري في معركة التغيير لاسيما في عصرنا الحاضر،
كما أن الفارق بيننا وبين الشعوب المتقدمة التي نحلم بالعيش في أوساطها، غالباً ما يقاس بعملية بسيطة تكمن بنسبة معدل قراءة الفرد للعديد من الكتب والأبحاث في السنة!
لكن المفارقة التي تستدعي حزننا الشديد أن هذا القياس أصبح اليوم غير قابل حتى للمقارنة مع هذا الجيل الصاعد – جيل التواصل الاجتماعي في زمن النت – الذي نعيش في أوساطهم ومعهم.
فالسواد الأعظم منهم سوف يموتون بلاشك دون أن يقرأ الواحد منهم كتاب واحد في رحلة العمر، بإستثناء ماهو مقرر دراسي أو مايتعلق بالمهنة في أحسن الأحوال وتلك مشكلة كبرى تقف في طريق الوعي السياسي والمدني في اليمن على وجه الخصوص، لذا فإن مشكلة التغيير السياسي على سبيل المثال تكمن في جزء كبير منها بكون الوعي الإجتماعي العام على المستوى الوطني غير قادر حتى الآن على أن يشكل ديناميكية فاعلة وحاسمة في معادلة الصراع السياسي لصالح المشروع الوطني والمدني، حتى وإن بدأ هذا الوعي الإجتماعي في كثيراً من تحركاته ثائراً ضد الفساد أو الإستبداد !
النجاعة الدائمة في الإنتقال إلى حياة التمدن – كمشروع وطني ودولة مدنية – تعني بالضرورة وجود حالة من التحولات الجذرية والبنيوية الواعية للمفهوم الإنساني التعايشي = ( ما بعد مفهوم البشرية أو الآدمية الصراعية ) وهي نتيجة سياسة وفكرية محققة لحالة من التموضعات /الثقافية/ القيمية/ المدينة/ على المستوى الأفقي التي تمتد إجتماعياً في ذهنية الجماعة بفعل الوعي على إمتداد جغرافية الوطن بشكل عام، وكلا الأمرين يستحيل حدوثهما في مجتمع لا يقرأ أبنائه في رحلة عمرهم كتاب واحد، حتى وإن نبغ بعض هؤلاء أو حتى أكثرهم في تخصصاتهم العلمية التي تجعل من الفرد مبدع في تخصصه العلمي، فكثير من الدول في العالم الثالث حققت تقدماً كبيراً في التقنية والتصنيع لكن العقل الجمعي فيها مازال غير مؤهل للتعاطي مع المشروع الوطني، لم يتجاوز بعد حالة الإنقسام المذهبي أو الطائفي … !
الإنتصار السياسي للمشروع الوطني لا يتحقق بأي حال من الأحوال بكثرة عدد المهندسين أو الأطباء أو المتخصصين في المجتمع بقدر ما يتحقق بوجود حالة ناجعة من الوعي الإجتماعي العقلاني المؤثر في معركة التغيير ، وهذا الوعي يتشكل بكثرة عدد القراء – في عالم الفكر والسياسة – والباحثين والمثقفين الذين يؤسسون لسلطة الفكر والوعي السياسي في المجتمع، يقال دائما عندما أندلعت الثورة الفرنسية، كان القراء والكتاب والمفكرين والمثقفين أكثر من الثائرين في الميادين والشوارع، مايعني بالضرورة أن مسألة التغيير السياسي تظل مرتبطة بمسألة الوعي الإجتماعي = { العقل الجمعي الواعي سياسياً } أكثر من كونها مرتبطة بمسألة المعرفة الفردية.
لكن المشكلة تبدو أكثر كارثية عندما تكون النخب والقيادات لا تقرأ !!!