المواطن/ كتابات ـ طه العزعزي
ثمة أمر مخجل جداً ، لانكاد نمر هنا في فيسبوك الحائط الأزرق إلا ووجدنا كثيراً من المنشورات التي تحاول على نحو مزيف إدعاء الكثير من المفاهيم والقضايا الحساسة جداً والعادلة إلى درجة كبيرة كمفهوم وقضية الإختلاف مثلاً ، هذه الكتابات كثيرة جداً وذات قصد مختلف أبعد مما يقف عنده السطر أو تدعيه الكلمة ، يتعلق الأمر أولاً وأخيراً بالجواسيس الذين يتم تمويلهم ورميهم في جسد المجتمع وفي وسط النخبة المثقفة حتى ، وهذا يأتي بالفائدة عليهم ” أي على الممولين الكبار ” خصوصاً وأن تلك الكتابات أصبحت تُأول ضمن غايات تفسيرية أبعد من كونها غايات تعبيرية كتابية تنتهج الدفاع عن القضايا المركزية في واقعنا وفي راهننا اليمني هذا .
” إن الموهبة يمكنها أن تزيف ” يقول الفيلسوف العالمي سيوران ، فالكتابة هي موهبة ذات سمة خاصة ، وهي بالذات يمكنها أن تزيف وأخاف أن أقول أن بإمكانها تزييف كل شيء لسطوتها المتعدية لعقول العوام ، إذ أننا نرى بكل توتر وخوف من الكلام الممجوج ماتتلقفه وسائل الإعلام ، ونرى الكثير من الصحافيين هنا وهناك من يعملون لصالح هذا الشخص الفلاني أو ذاك ، ولغرض هذه الجماعة الدينية وتلك وهذا الحزب الفلاني وذاك الآخر ، وهذا كله على مقاس التمويل ومقاس الأولية لمن يدفع أكثر ، وهكذا يستمر الزيف ويكاد يتغلغل في وعي الكثيرين من الجهلاء الذين هم غالباً ذوي عقول باردة ، وللأسف ، حتى الآن لم يهدأ الزيف ، ومايزال يضرب في العمق ويتجاوز الحدود ، وهاهو يسحق الجمال بتحذلق وخدعة إخراج فنية غير مريحة في بداية الأمر ، وهذه الجماعة البتة لن تجد لخدعتها سوى أقصر طريق تؤدي إلى حفرة أو جدار ، أليست الحرب خدعة ! ، وبلا شك أليست هناك حرب هي الآن إعلامية أيضاً! ، هذا مايحدث الآن ولا أمل من الذين يعملون بنفسية مريضة وبذهنية متفقة مع نفسها وجماعتها فقط ضمن لواء الحداثة وإدعاء مفاهيم ذات أبعاد علمانية وفكرية وسياسية ، بينما هي في الأصل تعمل من أجل السلالة أو المذهب والطائفة فقط ، وهذا هو مايناقض تلك المفاهيم الأولى السامية .
أخجلني جداً ، منشور كتبه الكاتب الشاب ” محفوظ الشامي ” يفضل فيه الشامي زوامل الحوثيين على أغاني أيوب الوطنية ، هذا ماجعلني أشفق على المحفوظ كثيراً ، وعلى وجه الخصوص هذا ذوقه الشائه الخاص به ويدل على شدة حماسته ، وهذا المنشور الذي كتبه يأتي ضمن إحتمال تعاطفه مع هذه الجماعة الحوثية وليس بجديد هذا المنشور فقد كتب محفوظ الكثير من قبل يبدي فيها تعاطفه مع جماعة الحوثيين ، لكن الأمر المزعج جداً أن محفوظ الشامي يدعي بكل هدوء قيم علمانية ومدنية ذات فضاءات واسعة ونقية ، إنه يحاول دوماٌ التسلق إلى أعلى ، لكنه وفي كل أحواله مفضوح من أول الكلمة إلى أقصى الحرف ، وقريباً سيعرف البعض أن محفوظ الشامي هو محفوظ الحوثي السلالي الهاشمي وليس محفوظ المتحرر الحقيقي حين الكتابة ، أو كما يدعي أنه محفوظ المدني والعلماني الذكي ، أو الكاتب الذي لاينطلق حين الكتابة من قاعدة الإنتماء والسلالة والتفكير بعقل القبيلة والطائفة ، ضمن هذه الحداثة الفائقة يعمل محفوظ الشامي وهو أحد الذين يرتدون الأقنعة عوضاً عن الوجه الحقيقي .
إن الكتابة مسؤلية عظيمة حقاً ، ولن تكون كذلك أيضاً إلا إذا كانت تعمل ضمن فضاءات مدنية وإنسانية رحبة وناضجة جداً ، أما الكتابة التي تسعى على نحو عبثي لتمجيد صاحبها وشخصنته بما فيه المدح المقرف فهي ليست سوى الكتابة الميتة التي لن يفلح كاتبيها أبداً ، إن الإسراف في التماهي والتقوقع والصمت الآن هو الأخطر ، الكتابة يجب أن تكون الآن جريئة جداً كي تتحقق المكاشفة والصدام والفضيحة ، يجب أن لاتتعامل مع الصديق حتى ، يجب أن يكون قوامها كسر النمط والمشي خارج المألوف وإن يكن بسوريالية ، إن البعض الآن من هواة التزحلق والكتابة ” الرخيصة ” يكتبون من موقع الإتباع المضمر لا من موقع الإبداع المستقل .
محفوظ الشامي سوبر مان الكتابة الجديدة ، لم يستطع أن ينقذ سلالته وأن يقنع الآخرين بأنها سلالة مظلومة كما يدعي في مجمل كتاباته ، أنا بالذات كدت أصدق محفوظ لو أني أدركت تناقضاته الصفراء وبين هو لي إنتمائه عبر ذكائه الخارق في الكتابة ، محفوظ السوبرماني لم يستطع أن ينقذ نفسه حتى ، هو يكتب لنفسه فقط ، وليست له رؤية ناضجة أبداً ، يتلومع كثيراً ويقتنص الواجهة ، وينظم إلى جماعة ” بني بني .. بني هاشم ” السلالية التي أهلكت حاظرنا وتكاد تحطم حتى مستقبلنا بكل ظلامية وعنف .
طه العزعزي .