المواطن / وكالات
اعتبرت مصادر دبلوماسية عربية أن إيران أدخلت العالم ومنطقة الخليج منعطفا خطيرا بتغييرها المعطيات الإقليمية والدولية عن طريق الهجمات التي نفذتها في السعودية واستهدفت معامل لشركة “أرامكو”.
وتوقفت هذه المصادر عند اعتراف وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بأن “العمل الإرهابي”، الذي وقع السبت الماضي، أدى إلى “وقف عمليات الإنتاج في معامل بقيق وخريص مع ما يعنيه ذلك من استهداف لإمدادات البترول العالمية وتهديد لأمنها وهو ما يمثل بالتالي تهديدا للاقتصاد العالمي”.
وتساءلت هذه المصادر عن الردّ الأميركي على ما تعرّضت له المملكة العربية السعودية، خصوصا في ضوء الاتهام المباشر لوزير الخارجية مايك بومبيو لإيران بالوقوف خلف الهجمات في حين امتنعت السعودية عن توجيه إصبع الاتهام إلى “الجمهورية الإسلامية” على الرغم من إعلان الحوثيين في اليمن مسؤوليتهم عن الهجمات.
وكان ملفتا تشديد بومبيو على الدور الإيراني وعلى أنّ الهجمات لم تأت من العراق الذي سارعت حكومة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي إلى نفي أن تكون أراضيه مصدر الهجمات التي ضربت المعامل السعودية.
وتناقلت بعض وسائل الإعلام، بينها “سي.أن.أن” و”وول ستريت جورنال” الأميركيتان معلومات تفيد بأن طائرات مسيرة أو صواريخ من طراز كروز، أطلقت من الشمال وليس من الجنوب، في إشارة إلى العراق أو إيران.
وقال مراقبون إن صدور النفي العراقي بهذه السرعة، دون التحقق من معلومات نشرتها وسائل إعلام غربية، وألمح إليها مسؤولون أميركيون، يكشف مخاوف الحكومة من تحولها إلى طرف في نزاع دولي بهذا الحجم، لاسيما مع التحذيرات الأميركية والأوروبية من استهداف مراكز الطاقة في المنطقة.
وتقول مصادر استخباراتية عراقية، إن نفي مكتب رئيس الوزراء العراقي يستند إلى معلومات تفيد بأن ميليشيات الحشد الشعبي، وهي المتهم الأول في هذا النوع مع الأعمال، لا تملك طائرات مسيرة أو صواريخ، يمكنها أن تصل إلى هذا العمق داخل الأراضي السعودية.
وكانت حكومة ذي قار المحلية، في جنوب العراق، نفت أن تكون طائرات مسيرة حلقت في سمائها، متجهة نحو الخليج، السبت، بالرغم من أن الميليشيات الشيعية تمتلك بنية تحتية عسكرية في مواقع عدة، تقع في أطراف هذه المحافظة، خارج حدود المراقبة الحكومية.
ورفضت إيران اتهامات واشنطن لها بالوقوف وراء هجمات بطائرات مسيّرة استهدفت منشأتين نفطيتين سعوديتين، معتبرة أن الهدف منها تبرير أي خطوات انتقامية قد تتخذ بحق الجمهورية الإسلامية.
وألقت السعودية التي تقود تحالفا عسكريا عربيا في اليمن منذ عام 2015 ضد الحوثيين باللوم على إيران في هجمات سابقة. وتتهم الرياض إيران أيضا بتسليح الحوثيين.
وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إن أميركا وحلفاءها “عالقون في اليمن” وإلقاء اللوم على إيران “لن ينهي الكارثة” مطالبا باعتماد المقاربة الايرانية للحل في اليمن.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية عباس موسوي في بيان إن “هذه الاتهامات ووجهات النظر الأميركية الباطلة تأتي في سياق دبلوماسي غير مفهوم ولا معنى له”.
وتوقّعت المصادر ذاتها إجراء الإدارة الأميركية مشاورات مع حلفائها في المنطقة وفي العالم قبل الإقدام على أي خطوة ردا على الهجمات الإيرانية التي تعكس رغبة إيرانية في الذهاب إلى أبعد حدود التصعيد في حال استمرار العقوبات الأميركية التي تستهدفها والتي تشمل منعها من تصدير النفط والغاز. وتحدث دبلوماسيون عرب في بيروت عن خيارات صعبة أمام دول الخليج العربي والإدارة الأميركية.
وقال هؤلاء إن الردّ سيعني نجاح إيران في جرّ المنطقة إلى حرب شاملة، فيما غياب هذا الردّ سيعني الاستسلام لها. وقالت سوزان مالوني، خبيرة شؤون الشرق الأوسط في معهد بروكنجز في واشنطن، إن حلفاء واشنطن سيرغبون في رؤية أدلة دامغة على تورط إيران.
وأضافت “من المعقول أن الإيرانيين لديهم علاقة بهذا الأمر.. علينا أن ننتظر ونرى كيف ستجمع الإدارة الأدلة”.
وقال السناتور الجمهوري لينزي غراهام وهو حليف وثيق لترامب وعضو في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ إن هجمات السبت تظهر أن إيران غير مهتمة بالسلام وتسعى بدلا من ذلك إلى امتلاك أسلحة نووية وإلى الهيمنة الإقليمية.
وأضاف على تويتر “حان الوقت الآن أن تضع الولايات المتحدة على الطاولة مهاجمة مصافي النفط الإيرانية إذا واصل الإيرانيون استفزازاتهم أو زادوا من تخصيب اليورانيوم”. وتصاعد التوتر في منطقة الخليج منذ مايو مع وقوع سلسلة هجمات وأعمال تخريب استهدفت ناقلات نفط.
وأثار إسقاط إيران طائرة مسيّرة أميركية دخلت المجال الجوّي الإيراني بحسب طهران، الخشية من إشعال الوضع إذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنه ألغى في اللحظة الأخيرة ضربة جوية على إيران.
وفي تصريحات نُشرت الأحد، قال قائد قوات الجو-فضاء التابعة للحرس الثوري الإيراني العميد أمير علي حاجي زادة إن “جميع القواعد الأميركية وسفنها البحرية المستقرة على بعد ألفي كيلومتر هي في مرمى صواريخنا”.
وتابع “بالطبع بعض القوات التي تتواجه في الميدان يمكن أن تقوم بشيء ما، إذا يمكن أن تندلع حرب”. وأكد “نعدّ أنفسنا دائما لحرب شاملة”.
وتفرض الهجمات التي تعرضت لها وحدات معالجة نفطية رئيسية في السعودية على العالم اختبار قدرته على التعامل مع أزمة في الإمدادات إذ يواجه فقدان أكثر من خمسة بالمئة من الإمدادات العالمية من أكبر دولة مصدرة للنفط الخام في العالم بصفة مؤقتة.
وقد ترتفع أسعار النفط الخام عدة دولارات للبرميل عندما تفتح الأسواق، الاثنين، إذ أن تعطل الإمدادات لفترة طويلة قد يدفع الولايات المتحدة ودولا أخرى للسحب من مخزوناتها النفطية الاستراتيجية لزيادة الكميات المتاحة تجاريا على مستوى العالم. وقال جيسون بوردوف المدير المؤسس لمركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا في نيويورك “أسعار النفط ستقفز بفعل هذا الهجوم وإذا طال أمد تعطل الإنتاج السعودي فسيبدو السحب من المخزون الاستراتيجي.. مرجحا ومنطقيا”.
وقال أندي ليبو رئيس ليبو أويل أسوشييتس “كل يوم تظل فيه المنشأة مغلقة يفقد العالم خمسة ملايين برميل أخرى من إنتاج النفط. والطاقة الفائضة في العالم ليست خمسة ملايين برميل يوميا”.