المواطن/ كتابات _ محمدهائل السامعي
تصنّف جمهورية الصين الشعبية في أيامنا، بأنها واحدة من دول العالم النامي، لكنها وبرغم ذلك تُعتبر الدولة الثانية إقتصادياً على صعيد الدنيا بعد الولايات المتحدة الامريكية.
وتتبوأ الصين مركز الصدارة في دول العالم وبضمنها النامية، ولأنها تَعتبر ذاتها واحدة من دول كثيرة في هذا الكون هي تسلك في علاقاتها سبيل، مبدأ، الربح للجميع، وتلتزم بمصالح العالم النامي وإرشاده الى طريق التعاون العادل، ونيل الاستقلالية الاقتصادية فالسياسية، وتمكينه في قراره الدولتي الحر.
البعض يُصنّف الصين بأنها واحدة من دول العالم “المتقدم” بالمفهوم الغربي، ولكن الصين تُحافظ على مكانتها بجدارة دون الأخذ بأوصاف غير أوصافها هي، وتسعى بحسب تخطيط سياساتها لتكون الأولى، ولها الحق في ذلك لكونها دولة العمل والتخطيط والوعي وتفعيل العقول، وترفض في عالمنا النامي البروز بمثابة القائد والقيادة، فهذه الامور لا تندرج في قاموسها أبداً.
نعرف بأن السياسي الشريف ،كان فرداً او تكتل حزبي هو-الذي يعمل من اجل الشعب وللشعب ،و رهاننا يجب أن يكون على الشعب لاغير،وهنا يقول :ماو تسي تونغ ” الشعب، والشعب وحده، هو القوة المحركة في صنع تاريخ العالم. “وعلى الرغم ماتعانيه الدول النامية من تخلف سياسي ،اضافة الى تفخيخ السياسة وتلويثها بقصد تدمير الحياة السياسية للمجتمعات النامية وتمّيع لقضاياها العادلة،الا أن فشل السياسة النزيهة والشريفة ،امام المصالح الدولية والاقليمية وهيمنتها السياسية لن تدوم طويلا .
يظل ما رسمه ،الماركسي الاول في اليمن/ عبدالله عبد الرزاق باذيب ،من حلم “يمن ديمقراطي حر موحد”، الى ما زرعه
الرفيق ،الرئيس الراحل سالم ربيع علي “سالمين”اليساري ذو التوجه الاشتراكي”الماوي”،من حب وحماس ثوري لدى البسطاء،
و ما أورثه الرفيق المؤسس ،المُفكر/ عبدالفتاح إسماعيل ، من محبة للفكر الاشتراكي التحرري ،وماخلده في وجدان الشعب اليمني ، من أمل، بحُلم الوصول لِيمن التعايش والوئام -يمن العدل والسلام ،لدى كثير من رفاق النضال ،منتقداً مايحمل من مشروع وفكر، أستبق أوآنه، في قصيدته المشهورة” مخلف صعيب”- ودِوانه الغني بكلماته الخالدة ،حُبه للشعب واليمن ،وإهتداء البحر بالنجم في القيادة والتحرر،وفي مقولته التاريخية:”ستظل وحدة الشعب وتقدمه الاجتماعي هدف الاقلام الشريفة،وستظل الكلمة ركيكة المعنئ مجزأة الأحرف ،اذ لم تكن من أجل الشعب”
ويبّين ما هندسه شهيد التسامح السياسي ، الرفيق الخالد/ جارالله عمر ،في خطابه الاخير ،في أكبر قاعة باليمن ،وتحت نقل الفضائيات،عند إغتياله أمام العالم أجمع،من رفض الفساد والتخلف والإستبداد والظلم الجاثم على الشعب .
اضافة الى ما خلفه من نضال دؤوب، فقيد الوطن ،والحزب الاشتراكي اليمني /علي صالح عباد(مقبل)،من حِنكة سياسية،و صبّر ،ومعرفة ساسية- ثورية في انقاذ الشعب ،ووصيّته الاخيرة ،قبل رحيله بأيام -بأن قال:”عالجوا الشعب لا تُعالجوني”،ورفض مُعالجة حالته الصحية المتعبةو المريضة ،وعلى نحو ذلك ينضال الرفاق من أجل دولة الشعب ،في يمن اتحادي ديمقراطي حر.
يقول فلاديمير إيليتش لينين: “إنّ الشتائم في السياسة تعبّر عن مدى عجز صاحبها على تقديم نقد علمي لخصومه السياسيين”، ولهذا نجد أن السياسة والمنهج السياسي الصيني الفكري والعقلي يتّسم بالعقلانية والموضوعية، ويتماشي تماماً مع الماركسية اللينينية والمنهج المادي الجدلي، وفي طبيعة النهج التحليلي العلمي والمنطقي والموضوعي، ولهذا تحرز الصين نجاحات متلاحقة على كل الأصعدة، وتجتذب المزيد من المناصرين والعقلاء والحُلفاء الاصدقاء الى جانبها.
في اليمن نفخر بالصداقة التي تم إحرازها ما بين الحزب الاشتراكي اليمني وأحزاب كبيرة وفاعلة كالحزب الشيوعي الصيني، بحيث باتت علاقات الحزبين قوية ومتينة ولافتة للانتباه الدولي. ولهذا، يستفيد الحزب الاشتراكي اليمني من التجربة الفريدة والمهمة للحزب الشيوعي الصيني، ذلك أن الحزب الاشتراكي اليمني هو حزب أممي، وعضو في منظومة الاشتراكية الدولية، ولديه قواسم مشتركة في قضايا أمّمية يناضل من أجل نُصرتها والتي منها العدالة، والتنمية، والتحديث، والتحرّر، والسلام، والأمن العالمي، كما لديه أيضاً قواسم مشتركة مع أحزب وقوى سياسية يمنية وعربية، وهي علاقات لا تتجزأ ولا تبتعد عن القواسم المشتركة مع أحزاب اليسار العالمي، ولكنها مكمّلة لها، من أجل أهداف وطنية منها، بناء الدولة اليمنية الاتحادية على أسس حديثة، وتشييد مجتمع ينعم بالسلام والتعايش والوئام، الى جانب مساعي تحقيق العدالة الاجتماعية والنظام المدني الديمقراطي .
الاشتراكي اليمني حزب لديه تجربة تاريخية طويلة، وثقل سياسي وجماهيري عريض، وقبول شعبي واسع، لذلك يهتم بدراسة تجربة الحزب الشيوعي الصيني في دقائقها وتلاحقها، وهناك اهتمام حزبي لدينا للاطلاع على تدريس الأكاديمية العلمية للحزب الشيوعي الصيني، للاستفادة منها يمنياً، في إعداد الكوادر الحزبية والسياسية على نمط متطور، كما هو في الصين الشقيقة، وفي القضايا التنظيمية والإدارية، وغيرها الكثير.
ونحن في الحزب الاشتراكي اليمني، نرى بأن جمهورية الصين الشعبية تصنع تجربة سياسية فريدة من نوعها في التاريخ، ولذلك يجب الاستفادة من أدائها وطبيعتها، والاستزادة من معرفة حِكمة القيادة الصينية في كل المناحي، بل والاطلاع على آليات حلّ الخلافات بمنطق السياسة الرشيدة، بدون التوجّه لخوض حروب عسكرية أو سياسية مع الخصوم، فالصين و روسيا تحسمان بهدوء المعركة الحالية مع دول الهيمنة، ولأجل الانتصار على أمريكا وصلفها المكشوف، لكن الصين لا ترغب ولا تسعى ولا تهدف الى أن يتضرر العالم وأمنه الدولي وسلامه العالمي جراء رعونة السياسة الامريكية، ولمجرد صلف منظومة مُهيمنة على الكونجرس الأمريكي وهئية الامم المتحدة والبنك وصندوق النقد الدوليين، ويتضح بأن رغبة الصين و روسيا تتمحور حول إحداث تغيّرات جذرية في سياسة وأداء النظام العالمي وبدون هدم أو إيذاء البشرية وحضارتها ونجاحاتها.
أعتقد بأن التنسيق ما بين الاشتراكي اليمني والشيوعي الصيني، بحكم التشابه في الرؤى والآليات، والفكر والخط الثوري التحرري، والتوجه السياسي الموحّد، سيتيح لنا معرفة الاشتراكية الناجحة في الصين، ويتيح كذلك إدراك التغيّرات التي تشهدها روسيا والتي ستؤدي الى عودتها الى الصدارة العالمية. والحزب الاشتراكي اليمني يُدرك، أن الصين مارد يساري صاعد وقاهر لقوى التخلف والإستبداد والهيمنة، فهو يضيء للعالمِ ولعالمِ الغد، ونثق ومعنا كثيرون، بأن الفكر لا ينتهي ولا يشيخ، والمشاريع الوطنية والأممية التنموية الانسانية التحررية لا تنقرض، بل تستعيد شبابها مع مرور الأزمان وتنتعش وتعود للعطاء والصدارة.