المواطن/ كتابات – وسام محمد
عندما يركز التحالف الجديد للقوى السياسية في ادبياته على مسألة التوظيف (لو التعيين سهل) بترديد الكلام الاخرق حول المعايير فهذا يشير الى أحد أوجه أزمة هذه القوى والى مأزقها النهائي.
هزيمة الانقلاب واستعادة الدولة, تبدأ من فهم, الطاقة الحيوية التي تكدست لعقود خارج مجال الفاعلية, بفعل السياسات النيوليبرالية وفشل الدولة في استيعاب هذه الطاقات, ليشكل هذا الوضع ابرز ديناميكيات تفجر ثورة فبراير.
ولأن القوى السياسية التي تصدرت تمثيل الثورة فشلت في استيعاب هذا الامر ولم تسارع في ايجاد حلول حقيقية عوضا عن فشلها في التعامل مع مخاوف البيئة القبلية التي جرى تسويق ان الثورة جاءت لاستهداف مصالحها, فإن هذا الوضع أدى الى انفجار الحرب وأصبح أحد مفاعيل ديمومتها.
في الثمانينات كان اليمنيون يفرون من العسكرية, أما راتب الحكومة فلم يكن يمثل اغراء لأحد وكان الشيء الوحيد الجاذب للعمل مع الحكومة هو نداء الواجب. لكن من يومها تضاعف عدد السكان ثلاث مرات على الاقل وجرت مياه كثيرة. عاد المغتربين من الخليج. تحقفت الوحدة. انفجرت الحرب. ثم بدأت الخصخصة تحت اشراف البنك الدولي, وبالمجمل أصبحت الدولة حكرا على فئات ومراكز نفوذ محددة.
اليوم الراتب الحكومي بالنسبة للوظيفة العادية او للجندي البسيط لا يمثل أكثر من ضمان اجتماعي. لهذا الحديث عن معايير شغل الوظيفة الحكومية هو حديث اخرق. فالمعايير المفترضة هي في الاجابة على سؤال هل يستحق هؤلاء الناس ضمهم الى الضمان الاجتماعي؟ ثم ما هو السبيل لاستيعاب مختلف الطاقات والقدرات داخل المجتمع لنزع أحد ابرز حيثيات الحرب وحيثيات ديمومتها وايضا ما يجعل جماعات ما قبل الدولة قادرة على التحشيد والعبث؟
صالح قبل اشهر من توقيعه على المبادرة الخليجية _ وكان يعرف انه ساقطا لا محالة _ قام بتلك المناورة عندما اعلن عن توظيف 40 الف من المقيدين في الخدمة المدنية. وكأنه بهذا أراد ان يعترف ضمنيا عن أحد اسباب تفجر الثورة وقبل ذلك عن فشل نظامه في استيعاب طاقة المجتمع الحيوية.
استعارة القوى السياسية لذهنية البيروقراطي نبيل شمسان ودولتية الناصرين, وبلاهة معين عبدالملك, عند الحديث عن المعايير اثناء التطرق لموضوع الوظيفة العامة, ما هو إلا تتويجا لسياسة الفشل التي لم يعد في جعبة هذه الاحزاب شيء غيرها.