المواطن/ كتابات – فهمي محمد
إهداء / إلى هؤلاء الذين يحاولون الإساءة إلى حزب شكل حضوره تاريخ مشرق وصيرورة نحو المستقبل في اليمن .
لا اجد مشكلة حين اكتب إلا حين أشرع في الكتابة عن الحزب الاشتراكي أو عن تجربته النضالية في اليمن ، فالتاريخ باحداثه الكبرى وبصيرورة تحولاته عندما يكون مفعول به يصعب على الكاتب سرد أحداثه بدون ذكر فاعلين عظماء يقفون وراء تلك الاحداث والتحولات التاريخية ، على سبيل المثال يصبح تدوين تاريخ الكفاح من اجل الحرية في بلاد مثل جنوب افريقيا مبهماً وناقصاً دون ذكر المناضل مانديلا أو نضال حزب المؤتمر الوطني ، كما أن الكتابة عن صناع التاريخ كأسماء ورمزية تصبح هذراً في القول بمعزل عن ذكر التاريخ وأحداثه المصنوعة والمتحولة ، ربما كان مرد ذلك بكون العلاقة بين صانع الأحداث والتاريخ هي علاقه غير قابله للانفكاك ، وكأن الاثنين وجهان لعملة واحدة ، أو قل على وجه الدقة علاقة سببية تجعل من الأول سبب لوجود الآخر ، وهنا تكمن محنة الكاتب المتجرد في الكتابة عن نضالات الحزب الاشتراكي وعن أعلامه ورموزه الذين ساهموا في صنع تاريخ اليمن منذ بداية العقد السادس للقرن العشرين .
لقد شهد هذا العقد من القرن العشرين على مستوى الشطرين في اليمن تحولات واحداث تاريخية كبرى ، كان الحزب الاشتراكي/ برعيله الأول / وإطاره السياسي الأول في اليمن =( حركة القوميين العرب ) / اكبر الحاضرين في خضم تلك التحولات ، إذ لم يكن صانعا لمعظمها في الشمال والجنوب .
منذ اندلاع ثورة ال26/من سبتمبر 1962/م كانت حركة القوميين العرب التي تأسست عام 59/ على يد/ سلطان عمر/ فيصل الشعبي / حاضرة منذو الطلقة الأولى ، وعلى إثر تطورات الأحداث ومحاولة القوى الملكية إسقاط الثورة بدعم إقليمي ، كانت الحركة اكبر المكونات السياسية التي تصدت لمهام الدفاع عن الثورة ، حيث حشدت كل أعضائها ومناصريها والمتطوعين من الشباب على مستوى الشمال والجنوب للمشاركة في معركة الدفاع عن الثورة ومشروعها الثوري وعن النظام الجمهوري الوليد في اليمن ، بينما كان الرعيل الأول للقوى الاخرى والمحسوبين يومها على معسكر الثورة يطلقون طلقه واحده في وجه القوى الملكية بدافع الخصومة لا اكثر ، وفي المقابل يطلقون طلقتين في وجه المشروع الثوري والنظام الجمهوري الوليد بدافع الرغبة في الانقلاب على الأهداف السته وتأسيس الدولة الإسلامية = ( الهلامية ) .
على إثر انقسام القوى المحسوبة على معسكر الثورة والذي اتخذ أحد أشكاله صراعاً خفياً منذو الوهلة الأولى بين رموز حركة 48/ وفكرهم الاصلاحي ، وبين ثوار سبتمبر ومشروعهم الريدكالي ، وهو الصراع الذي تعدد بعد ذلك مظاهره واسبابه واختلطت أوراقه وتشعبت وتخندقت ،
ومع كل هذا ظل الرعيل الأول والمؤسسين للاشتراكي في الشمال عن طريق إطارهم السياسي الأول = حركة القوميين في المكان الصحيح رغم تعرضهم للإقصا ، وحتى عندما اختلفوا مع الرئيس السلال ، بعد صدور القانون الذي حرم العمل الحزبي والتعددي ظلوا في خندق النضال من أجل الثورة والجمهورية وقضية بناء الدولة ، في حين ذهب الآخرون بدافع الخصومة والصراع السياسي على السلطة والثروة الى عقد تحالفات تاريخية مع نقيض الدولة في اليمن = (القبيلة)
فقد ذهب هؤلاء إلى استدعى القبيلة عن طريق عقد المؤتمرات القبلية المتكررة والضاغطة على سلطة الثورة ، ليؤسسوا من خلال تلك المؤتمرات الهضبوية والجهوية ما عرف بعد ذلك بظاهرة ( القبيلة السياسية ) التي احتكرت بمشائخها المجال السياسي العام بدلاً عن الأحزاب السياسية ذو التوجه الحداثي ، وهي الظاهرة التي لم تكن موجودة قبل الثورة ، ولم يسمح بها النظام الإمامي على كل مساوئه في إدارة المتناقضات ، وقد أدى هذا التوجه التقليدي الماضوي الذي تحالف وتموضعا بعد الثورة على شكل ( كتله تاريخية ) الى تأسيس ( دولة القبيلة ) بدلا من دولة المواطنة في شمال اليمن .
يتبع…….