المواطن كتابات – آلان وودز _ فليسوف ماركسي أممي
إن موقف العلماء والعديد من الناس الآخرين تجاه الفلسفة في هذه الأيام عادة ما يكون هو اللامبالاة أو حتى الاحتقار. وهو الشعور الذي يعتبر مستحقا فيما يتعلق بالفلسفة الحديثة. فعلى مدى القرن ونصف القرن الماضي صار عالم الفلسفة يشبه صحراء قاحلة بالكاد يوجد فيها أي أثر للحياة. لقد ضاعت كل كنوز الماضي مع أمجاده القديمة وتلك الومضات التي تبدو أنها لا تنطفئ، وصار من العبث اليوم البحث في هذه القفار عن أي مصدر للضوء.
ومع ذلك فإن ازدراء الفلسفة موقف غير صحيح، لأننا إذا نظرنا بجدية إلى حالة العلم الحديث، أو بشكل أكثر دقة إلى الأسس النظرية والافتراضات التي يقوم عليها، فإننا نرى أن العلم لم يتحرر في الواقع من الفلسفة. فبعد أن تم طردها من الباب الأمامي بشكل مهين، ها هي تعود إلى الدخول بشكل سري من خلال النافذة الخلفية.
إن العلماء الذين يؤكدون بفخر عدم اكتراثهم التام بالفلسفة، تجدهم في الواقع يتبنون مختلف أنواع الافتراضات ذات الطبيعة الفلسفية. وفي الواقع فإن هذا النوع من الفلسفة اللاواعية وغير النقدية ليست أفضل من الفلسفة القديمة، بل هي أدنى منها بكثير، كما أنها مصدر العديد من الأخطاء في الممارسة.
إن الفلسفة التي يتم تدريسها في الجامعات، على مدى عدة عقود، تقوم لسوء الحظ على أساس نظريات كاذبة ومضللة مثل الوضعية المنطقية، والتي كانت، تحت هذا المسمى أو ذاك، هي الاتجاه الفلسفي السائد طيلة القسم الأكبر من القرن العشرين، خاصة في البلدان الأنجلوسكسونية.
لم يمنع المحتوى الهزيل لهذه المدرسة الفكرية أنصارها من الشعور الشديد بالغرور والغطرسة، وحجزوا لنفسهم لقب “فلاسفة العلم” الفخم. لكن هذا الحب الوضعي للعلم لم يقابله بأي حال من الأحوال شعور مماثل من جانب العلماء.
إن ولع الوضعيين المرضي بالوهم الذي يسمونه “بنية العلم”، وجدالهم الفارغ العقيم حول المعنى والدلالات، كل ذلك يشبه إلى حد مذهل ذلك الجو الخانق والمناقشات المعقدة لرجال الدين في العصور الوسطى. وفي النهاية أدت الادعاءات الكريهة من جانب كبار كهنة الوضعية المنطقية إلى رفضها والثورة ضدها من جانب العلماء أنفسهم.
كان التقدم الكبير في تطبيق المنهج الجدلي على تاريخ العلوم هو نشر تـ. سـ. كون لكتابه الرائع “بنية الثورات العلمية”، في عام 1962، حيث أكد حتمية الثورات العلمية وأظهر الآلية التقريبية التي تحدث بها تلك الثورات. إن مقولة “كل ما هو موجود محكوم بالزوال” لا تصدق فقط على الكائنات الحية، بل تصدق أيضا على النظريات العلمية، بما في ذلك تلك النظريات التي نعتبرها حاليا ذات صلاحية مطلقة.
أصول الفلسفة
كل من يتكبد عناء دراسة تاريخ الفلسفة سيجد منجما غنيا بأفكار في منتهى العمق. إن الفلسفة طريقة تفكير مختلفة عن التفكير اليومي. إنها تتعامل مع الأسئلة الكبرى، التي لا بد أن الجميع قد فكر فيها في وقت ما، أسئلة من قبيل: ما معنى الحياة؟ وما هو الخير وما هو الشر؟ وما هي طبيعة الكون؟ الخ. لقد شغلت هذه الأسئلة، التي أجاب العلم نفسه عن العديد منها، عقول المفكرين العظام لأكثر من 2000 سنة.
ولذلك فإن الصلة بين العلم والفلسفة تعود إلى زمن بعيد. تبدأ الفلسفة والعلم، مثلهما مثل الكثير من عناصر ثقافتنا وحضارتنا الحديثة، مع الإغريق القدماء. وعلى الرغم من حقيقة أن الحضارات السابقة (حضارة وادي الهندوس والحضارة البابلية والحضارة المصرية) كانت قد حققت اكتشافات هامة في تلك المجالات، فإن الفكر الإنساني في تلك المرحلة كان مشبعا بالخرافات الدينية.
مع الإغريق نجد لأول مرة محاولة لتفسير الكون دون اللجوء إلى قوى ما وراء الطبيعة، دون تدخل من الآلهة، محاولة لشرح الطبيعة بالطبيعة نفسها. ويبدو أن كلمة “فلسفة” قد استُخدمت لأول مرة من قبل فيثاغورس في القرن السادس قبل الميلاد، حين قال: «الحياة تشبه المهرجان، فبينما يأتي البعض… للتنافس، فإن البعض يأتون لعرض تجارتهم، لكن البقية يأتون كمتفرجين، لذا ففي الحياة يبحث الرجال الحقيرون عن الشهرة أو الكسب، بينما يبحث الفلاسفة عن الحقيقة». (ديوجين لايرتيوس)
لقد بحث فلاسفة جزر البحر الأيوني الأوائل عن تفسير عقلاني للطبيعة دون تدخل الآلهة، وكان العلم والفلسفة عندهم مرتبطان بشكل وثيق. كان هؤلاء الفلاسفة الإغريق الأوائل فلاسفة ماديين. لقد درسوا أسباب الظواهر الطبيعية مثل البرق والرعد والزلازل والمذنبات والنجوم، وسعوا إلى ايجاد تفسيرات عقلانية لكل هذه الظواهر خالية من تدخل الآلهة وغيرها من القوى الخارقة للطبيعة.
في كتابه “محاورات تيسكولان” كتب شيشرون أن الفلاسفة اليونانيين الأوائل درسوا «العدد والحركة، والمصدر الذي تنشأ منه كل الأشياء والذي إليه تعود؛ وقد استفسر هؤلاء المفكرون المبكرون بحماسة كبيرة عن الحجم والمسافات ودورات النجوم وكل المسائل السماوية». أي أن الفلاسفة ما قبل سقراط قد درسوا الطبيعة. لقد كانوا الرواد الشجعان الذين مهدوا الطريق لجميع التطورات العلمية اللاحقة.
لقد حققوا اكتشافات مهمة للغاية. كانوا يعلمون أن الأرض كروية وأن ضوء القمر انعكاس لضوء الشمس. كانوا يعرفون أن البشر ينحدرون من الأسماك وبرهنوا على ذلك من خلال فحص الأجنة البشرية والحفريات. لكن معظم تلك الاكتشافات كانت نتيجة التخمين العبقري، وبالتالي فقد كان من الحتمي أن يصطدموا في مرحلة معينة مع القيود المتعلقة بالمستوى المحدد للتكنولوجيا في عصرهم.
وفي مرحلة معينة توجه انتباه المفكرين بعيدا عن الظواهر الطبيعية نحو المجتمع والأخلاق وجميع المسائل المتعلقة بالحياة البشرية. في القرن الخامس قبل الميلاد، أشار أرسطو إلى أنه: «قد تم التخلي عن دراسة الطبيعة، وحول الفلاسفة انتباههم إلى الحكمة العملية والعلوم السياسية». قال شيشرون في “محاورات تيسكولان” إن: «سقراط كان أول من أنزل الفلسفة من السماء، ووضعها في المدن بل ودفعها حتى إلى المنازل، وأجبرها على النظر في الحياة والأخلاق والخير والشر».
كانت المدرسة الفلسفية السفسطائية، التي نشأت في ذلك الوقت، مرتبطة ارتباطا وثيقا بتطور الديمقراطية الأثينية، حيث كانت المهارة في الخطابة والنقاش هي الشروط الضرورية للنجاح في التجمعات العامة. تعرض السفسطائيون للتحدي من قبل سقراط وأفلاطون اللذان طوّرا الديالكتيك، على الرغم من أنهما قاما بذلك على أساس الفلسفة المثالية. يأتي مصطلح “الديالكتيك” من الكلمة اليونانية “Dialektike” المشتقة بدورها من “Dialegomai”، والتي تعني الجدل أو المناقشة. لقد كانت في الأصل تشير إلى فن النقاش، والذي يمكن رؤيته في أرقى أشكاله في “الحوارات السقراطية” لأفلاطون.
لقد دخلت الفلسفة اليونانية في فترة من الانحطاط الذي تزامن مع انحطاط الديمقراطية الأثينية نفسها. وانتقلت شعلة الحضارة إلى الرومان الذين لم يضيفوا شيئا جوهريا للأفكار التي أخذوها من اليونان. كانت كل من اليونان وروما تقومان على أساس النظام العبودي. وقد كانت جميع التطورات الثقافية والعلمية العظيمة لتلك المجتمعات تقوم في نهاية المطاف على عمل العبيد.
وينطبق الشيء نفسه على كل الحضارات الأخرى خلال العشرة ألف سنة الماضية. لطالما كانت العبودية موجودة بشكل أو بآخر، وما زالت موجودة اليوم في شكل عبودية العمل المأجور. دائما ما كانت الفنون والثقافة والعلوم على مر العصور تعتمد على استغلال الجماهير.
لقد وصل المجتمع العبودي حدوده في نهاية المطاف، تماما مثلما وصلت الرأسمالية إلى حدودها في الوقت الحاضر. وعندما يصل مجتمع ما إلى مرحلة الانحطاط، يصير من الممكن رؤية النتائج على كافة المستويات، بما في ذلك الثقافة نفسها. وفي غياب بديل ثوري أدى انهيار المجتمع العبودي إلى انهيار رهيب للثقافة، استمرت آثاره لمدة 1000 عام.
في الفترة المعروفة باسم العصور المظلمة، عرفت أوروبا ضياع كل الإنجازات العلمية والفنية التي تحققت في العصور القديمة. استمرت شعلة العلم مضيئة في بيزنطة وأيرلندا وقبل كل شيء في ذلك الجزء من إسبانيا الذي كان العرب يحتلونه. في حين بقيت بقية أوروبا غارقة في مستنقع الهمجية لعدة قرون.
كان آخر فيلسوف معروف في العصور القديمة امرأة رائعة تدعى هيباتيا، كانت أستاذة للفلسفة والعلوم والرياضيات في جامعة الإسكندرية، والتي قُتلت بوحشية على يد جماعة مسيحية وأحرق جسدها. قام المسيحيون بإغلاق معابد الوثنيين وأكاديمياتهم مما أدى إلى تدمير أو تشتيت مكتباتهم. وفي عام 391 م، حظر مرسوم من الإمبراطور ثيودوسيوس زيارة معابد الوثنيين وحتى النظر إلى أنقاضهم. كما أحرق المسيحيون مكتبة الاسكندرية الشهيرة ودنسوا صورها.
ومع ذلك فإن شعلة الحضارة استمرت طيلة العصور المظلمة في أوروبا متوهجة في إسبانيا الإسلامية حيث ساد تبجيل ثقافة العصور القديمة والحفاظ عليها. بقيت أعمال أرسطو طيلة قرون معروفة في أوروبا فقط من خلال الترجمات العربية. وإلى حدود هذا اليوم مازلنا نقف مندهشين أمام عجائب الهندسة المعمارية في مسجد قرطبة وقصر الحمراء في غرناطة، حيث لا يوجد في أي بلد آخر في العالم ما يضاهيهما في الجمال والروعة.
كانت تلك ذروة رقي الثقافة والحضارة الإسلاميتين. وبينما كانت أوروبا غارقة في الظلام والجهل، بنى العرب في إسبانيا جامعات شهيرة ازدهرت فيها الثقافة وروح التسامح التي سمحت لليهود والمسيحيين والمسلمين بتبادل الأفكار ومناقشتها. يدل ذلك على ما الذي يمكن للإنسانية أن تحققه عندما تتحرر من قيود الانغلاق والخرافات والتعصب.
التجريبية
لقد شهد العالم القديم، الذي يعتبر في نهاية المطاف مهد كل علومنا، دراسات مضنية قام بها أرسطو للطبيعة. وقد تزامن النهوض الجديد للحضارة في عصر النهضة في أوروبا مع تطور الرأسمالية ومعها تطور الاهتمام بالعلوم مجددا.
نشر نيوتن عمله العظيم “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية”، عام 1687. / صورة: Andrew Dunn
في وقت لاحق استحق الفيلسوف الفرنسي ديكارت لقب مؤسس المنهج العلمي الحديث، بينما كان فرانسيس بيكون في إنجلترا رائداً لمنهج العلوم التجريبية والاستقراء الذي أكد بشدة على أهمية الملاحظة والتجربة وجمع الحقائق.
كما يمكن للفيلسوف الألماني ليبنيتز أن يدعي أنه اكتشف حساب التفاضل والتكامل (على الرغم من أن نيوتن ربما اكتشفه في نفس الوقت كذلك). لذلك لا يفاجئنا أنه عندما نشر نيوتن عمله العظيم، عام 1687، أطلق عليه اسم “المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية”. وكان كانط أول من طرح الفرضية القائلة بأن النظام الشمسي قد تطور من سديم غاز دوار. وعندما أدخل دالتون المفهوم الحديث للذرة إلى الكيمياء، نشر كتابه تحت عنوان: “نظام جديد للفلسفة الكيميائية”. (1808).
لقد شهد القرنان السادس عشر والسابع عشر قطيعة حاسمة مع الدكتاتورية الفكرية الخانقة التي كانت تفرضها الكنيسة، ووضعا الأساس للمنهج العلمي الحديث كما يشرح إنجلز:
«تعود أصول العلم الطبيعي الحقيقي إلى النصف الثاني من القرن الخامس عشر، وقد تطور بسرعة متزايدة منذ ذلك الحين. لقد كان تحليل الطبيعة إلى أجزائها الفردية، وتقسيم السيرورات والمواضيع الطبيعية المختلفة إلى أصناف محددة، ودراسة التشريح الداخلي للكائنات العضوية في أشكالها المتعددة، هي الشروط الأساسية لتلك الخطوات العملاقة التي حققتها معرفتنا للطبيعة خلال الأربعمائة سنة الماضية. لكن ذلك أورثنا عادة مراقبة المواضيع والسيرورات الطبيعية في عزلة وبشكل منفصل عن السياق العام؛ أورثنا عادة مراقبتها ليس في حركتها بل في حالة سكونها؛ وليس بكونها عناصر متغيرة جوهريا، بل كعناصر ثابتة؛ ليس في حياتها، بل في موتها. وعندما قام بيكون ولوك بنقل هذه الطريقة في النظر إلى الأشياء من العلوم الطبيعية إلى الفلسفة، خلق ذلك المنهج الميتافيزيقي الضيق في التفكير المميز للقرون الأخيرة». (إنجلز: ضد دوهرينغ، ص: 25)
لقد لعبت التجريبية في عصرها دورا تقدميا جدا (بل حتى ثوريا) في تطوير الفكر البشري والعلوم. إلا أن التجريبية ليست مفيدة إلا في حدود معينة. يشعر الكثير من الناس بالأمان عندما يستطيعون الرجوع إلى الحقائق. لكن “الحقائق” لا تختار نفسها بنفسها، بطبيعة الحال! إننا بحاجة إلى منهج محدد ليساعدنا على النظر إلى ما هو أبعد من الواقع المعطى واكتشاف السيرورات التي تقع خارج نطاق “الحقائق”.
سبق للفيلسوف القديم الرائع سبينوزا -الذي يعتبر أحد مؤسسي الفلسفة المادية الحديثة- أن قال إن مهمة الفلسفة هي “ألا تبكي ولا تضحك، بل أن تفهم”. لقد أبان العالم الأنجلوساكسوني بشكل عام عن مناعته ضد الفلسفة. وبقدر ما امتلك الأمريكيون وأبناء عمومتهم الإنجليز أي قدرة على الفلسفة، فإنهم حدّوا من نطاق تفكيرهم ضمن الحدود الضيقة للتجريبية، وتوأم روحها البراغماتية، في حين نظروا دائما إلى التعميمات الواسعة ذات الطابع النظري بما يشبه نظرة الشك.
لكن وعلى حد تعبير الفيلسوف الألماني العظيم هيغل، إن الشيء الذي يجب أن يتملك عقل الشخص الذي يرغب في تبني وجهة النظر العلمية هو الرغبة في إيجاد تفسير عقلاني، وليس مراكمة مجموعة من الحقائق.
أهمية الديالكتيك
لقد كانت القيمة المضافة التي قدمتها الفلسفة للعلوم كبيرة. ومع ذلك فقد صار يبدو أن التقدم الملحوظ الذي حققته العلوم خلال القرن الماضي قد جعل من الفلسفة شيئا لا حاجة له. ففي عالم صار فيه بإمكاننا اختراق أعمق أسرار الكون وتتبع الحركات المعقدة للجسيمات ما تحت الذرية، تمت الإجابة عن تلك الأسئلة القديمة التي شغلت اهتمام الفلاسفة، وبالتالي فقد تراجعت أهمية الفلسفة. ومع ذلك فإن هناك مجالان ما زالت الفلسفة تحتفظ فيهما بأهميتها، وهما: المنطق الصوري والديالكتيك.
لقد بلغ المنهج الديالكتيكي ذروة تطوره على يد هيغل. إلا أن الديالكتيك عنده يبدو في شكله المثالي الصوفي. وقد تم إنقاذه بفضل العمل الثوري الذي قام به ماركس وإنجلز، اللذان أظهرا لأول مرة النواة العقلانية التي يتضمنها فكر هيغل. إن المنهج الديالكتيكي في شكله العلمي (المادي) يوفر لنا أداة لا غنى عنها لفهم طريقة اشتغال الطبيعة والمجتمع والفكر الإنساني.
يزودنا الديالكتيك الماركسي بالأدوات التحليلية الضرورية التي نحتاجها لفهم كتلة المعلومات التي نمتلكها الآن حول الطبيعة والمجتمع. إن الفلسفة الماركسية -التي هي الفلسفة الثورية المنسجمة الوحيدة- لها أهمية عملية هائلة في مجال الصراع الطبقي، إلا أن هذه الأفكار العميقة الرائعة لها تطبيق أوسع نطاقا من ذلك، خاصة في مجال العلوم.
لكننا نواجه صعوبة معينة هنا، إذ أن أعمق عرض منهجي للديالكتيك يوجد في كتابات هيغل، ولا سيما عمله الضخم “علم المنطق”. إلا أن القارئ قد يصاب سريعا بالإحباط بسبب الطريقة العسيرة التي يعرض بها هيغل أفكاره، أي تلك الطريقة “المجردة والمبهمة”، كما سماها إنجلز.
كان ماركس ينوي كتابة عمل حول المادية الديالكتيكية، لكي يتيح للقارئ العادي فهم النواة العقلانية لفكر هيغل؛ لكنه، لسوء الحظ، توفي قبل أن يتمكن من القيام بذلك. وبعد وفاته كتب رفيقه الذي لا يعرف الكلل، فريدريك إنجلز، عددا من الدراسات الرائعة عن الفلسفة الديالكتيكية (لودفيغ فويرباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية وأنتي دوهرينغ وديالكتيك الطبيعة).
كان المقصود من العمل الأخير أن يكون أساسا لعمل أطول في الفلسفة الماركسية، لكن إنجلز عجز، مع الأسف، عن إكماله بسبب الجهد الكبير الذي تطلبه إنهاء المجلدين الثاني والثالث من كتاب رأس المال، الذي تركه ماركس غير مكتمل عند وفاته.
يمكن للمرء أن يجد كمية كبيرة جدا من المواد حول هذا الموضوع موزعة في كتابات ماركس وإنجلز ولينين وتروتسكي وبليخانوف. لكن استخراج كل تلك المعلومات سيستغرق وقتا طويلا جدا. إن تجميع عرض منهجي إلى هذا الحد أو ذاك للفلسفة الماركسية ما تزال مهمة عالقة. وعلى حد علمي، كان كتاب (Reason in Revolt)، الذي كتبه تيد غرانت وأنا منذ أكثر من 20 عاما، أول محاولة، منذ صدور ديالكتيك الطبيعة، لتطبيق المنهج المادي الديالكتيكي على نتائج العلوم الحديثة.
أشار إنجلز في كتابه أنتي دوهرينغ، إلى أن الطبيعة، في التحليل الأخير، تعمل بشكل ديالكتيكي. وقد أثبت تقدم العلم على مدى المائة عام الماضية هذا التأكيد. لقد كان العلماء الأمريكيون في طليعة بعض أهم الاكتشافات في العلوم الحديثة. إنني أفكر على وجه الخصوص في أعمال ر. سـ. لونتين، في مجال علم الجينات، وقبل كل شيء كتابات ستيفن جي غولد.
كانت اكتشافات غولد في علم الحفريات أساس نظرية جديدة ديالكتيكية جدا للتطور، أطلق عليها اسم التوازن المتقطع (Punctuated equilibria)، والتي عدلت بصورة جوهرية النظرة القديمة للتطور بكونها عملية بطيئة وتدريجية لا تنقطع بسبب الكوارث المفاجئة والقفزات. لقد تأثر غولد نفسه بالأفكار الماركسية، وأثنى على مساهمة فريدريك إنجلز، الذي استبق ببراعة في مقالته الرائعة “دور العمل في التحول من القرد إلى الإنسان”، أحدث الاكتشافات في الأبحاث عن أصول الإنسان.
نظرية الفوضى
نظرية الفوضى ومشتقاتها هي بوضوح شكل من أشكال التفكير الديالكتيكي. وخاصة أن فكرة التحول من الكم إلى كيف تعتبر محورها. إن أحد القوانين الأساسية للديالكتيك هو قانون تحول الكم إلى كيف. دعونا نستشهد بمثال واحد سهل الفهم:
عندما يتم تبريد الماء أو تسخينه، تكون هناك قفزة من حالة فيزيائية إلى أخرى: عند الدرجة صفر يكون الماء في حالة صلبة (جليد)، أما عند 100 درجة فيتحول إلى حالة غازية (البخار)، وإذا زدنا درجة الحرارة أكثر، إلى 550 درجة، يصبح بلازما، والتي هي حالة جديدة تماما من حالات المادة، حيث يحدث تفكك الذرات والجزيئات. تُعرف كل واحدة من هذه الحالات باسم التحول الطوري. تشكل دراسة التحولات الطورية فرعا مهما جدا في الفيزياء الحديثة. ويمكن ملاحظة تغييرات مماثلة في تاريخ المجتمع، حيث تمثل الثورة ما يعادل التحول الطوري.
يعرف التاريخ مراحل التطور البطيء والتدريجي، كما يعرف الثورة (القفزة النوعية، حيث يتم تسريع عملية التطور بشكل كبير). يمهد التطور الهادئ الطريق للثورة التي تمهد بدورها الطريق لمرحلة جديدة من التطور الهادئ على مستوى أعلى. وقد وصف هيغل بشكل جميل هذه السيرورة الديالكتيكية في مقدمة كتابه The Phenomenology of Mind، حيث قال:
«يختفي البرعم عندما تزهر الزهرة، آنذاك يمكننا أن نقول إن الأول قد دُحض من قبل الأخيرة؛ وبنفس الطريقة عندما تأتي الثمرة، يكون من الممكن تفسير الزهرة بأنها شكل زائف لوجود النبتة، لأن الثمرة تظهر بكونها الطبيعة الحقيقية للنبتة عوض الزهرة. ليست هذه المراحل متباينة فقط، بل إن كل واحدة منها تتجاوز الأخرى لكونها غير متوافقة مع بعضها البعض. لكن النشاط المستمر لطبيعتها المتأصلة فيها يجعلها في نفس الوقت لحظات لوحدة عضوية، حيث لا تتناقض مع بعضها البعض فقط، بل إن كل واحدة منها ضرورية مثل الأخرى؛ وهذه الضرورة المتساوية لجميع اللحظات تشكل وحدها بالتالي حياة المجموع».
كثيرا ما نرى التكرار الظاهري لمراحل التطور التي تم تجاوزها منذ فترة طويلة. نرى الشيء نفسه في دراسة الأجنة، التي يبدو أنها تمر بمراحل التطور. يبدأ الجنين البشري كخلية واحدة، ثم تبدأ تلك الخلية في الانقسام وتكتسب أشكالا أكثر تعقيدا. في مرحلة معينة يصير لديها خياشيم مثل سمكة، وفي وقت لاحق يصير لديها ذيل مثل قرد. والتشابه بين الأجنة البشرية وبين أجنة الحيوانات الأخرى، بما في ذلك الأسماك والزواحف، لافت للنظر، وقد لاحظه الإغريق القدماء، الذين استنتجوا، كما سبق لنا أن رأينا، قبل داروين بأكثر من ألفي سنة، أن الإنسان قد تطور من الأسماك.
لقد استمرت عملية التطور دون انقطاع من أشكال الحياة البدائية الأولى التي ظهرت، كما صرنا نعرف الآن، في فترة مبكرة مفاجئة من تاريخ الأرض. ظهرت الكائنات البدائية الأولى ربما في أعماق المحيطات البدائية، مستمدة الطاقة ليس من الشمس، بل من الفتحات البركانية التي تدفع الحرارة من تحت قشرة الأرض. تطورت أوائل البروتوزوا (protozoa) إلى كورداتا (Chordata)، مرورا عبر البرمائيات الأولى إلى الزواحف وبعد ذلك إلى الثدييات والبشر.
إن الفارق الجيني بين البشر والشمبانزي أقل من اثنين في المائة، ونحن نتشارك في نسبة كبيرة من جيناتنا مع ذباب الفاكهة والكائنات البدائية الأخرى. لقد تحطمت آخر دفاعات أنصار نظرية الخلق (الذين يختفون تحت شعار “التصميم الذكي”) بالنتائج الباهرة التي حققها مشروع دراسة الجينوم البشري. إلا أن فارق الاثنين في المائة الذي يفصلنا عن الرئيسيات الأخرى هو تلك القفزة النوعية التي نقلت البشرية إلى مستوى أعلى ومختلف تماما.
هل يمكن فهم المجتمع البشري؟
لا يقتصر الديالكتيك على الطبيعة. حتى الملاحظة الأكثر سطحية تثبت أن المجتمع البشري قد مر عبر عدد من المراحل المحددة وأن هناك سيرورات معينة تتكرر على فترات منتظمة. ومثلما نرى في الطبيعة تحول الكم إلى نوع، فكذلك في التاريخ نرى أن مراحل طويلة من التغير البطيء وغير المحسوس تقطعها فترات تتسارع فيها السيرورة لإنتاج قفزة نوعية.
في الطبيعة يمكن لمراحل التغيير البطيء الطويلة (Stasis) أن تستمر لملايين السنين. تقطعها أحداث كارثية، يصاحبها دائما انقراض أنواع من الحيوانات كانت مهيمنة في السابق، وظهور أنواع أخرى كانت في السابق غير مهمة ولكنها كانت الأكثر قدرة على التكيف للاستفادة من الظروف الجديدة. وفي المجتمع الإنساني تلعب الحروب والثورات مثل ذلك الدور، لدرجة أننا اعتدنا على استخدامها كمعالم نفصل بها بين حقبة تاريخية وأخرى.
لقد كان ماركس وإنجلز هما اللذان اكتشفا أن القوة المحركة الحقيقية للتاريخ هي تطوير قوى الإنتاج. هذا لا يعني أن ماركس قد قلص كل شيء إلى العامل الاقتصادي، كما يزعم أعداء الماركسية في كثير من الأحيان، فهناك العديد من العوامل الأخرى التي تدخل في تطور المجتمع: الدين والأخلاق والفلسفة والسياسة والنزعة القومية والتحالفات القبلية، إلخ. كل هذه العوامل تدخل في شبكة معقدة من العلاقات الاجتماعية التي تخلق فسيفساء غنية ومربكة من الظواهر والسيرورات.
يبدو للوهلة الأولى أنه من المستحيل أن نفهم هذا. لكن يمكن قول الشيء نفسه عن الطبيعة، ومع ذلك فإن تعقيد الكون لا يردع العلماء عن محاولة الفصل بين العناصر المختلفة وتحليلها وتصنيفها. بأي حق يتخيل الرجال والنساء أنهم فوق الطبيعة، وأنهم وحدهم في الكون بأسره الذين لا يمكن فهمهم بواسطة العلم؟ هذه الفكرة في حد ذاتها منافية للعقل ومظهر من مظاهر الرغبة الشديدة عند الإنسان لأن يكون نوعا خاصا منفصلا تماما عن كل الحيوانات الأخرى وتربطه علاقة خاصة ببقية الكون يحددها الله. لكن العلم قضى بلا رحمة على هذه الأوهام.
كان ماركس وإنجلز هما أول من أعطيا للشيوعية طابعا علميا. لقد أوضحا أن التحرر الحقيقي للجماهير يعتمد على مستوى تطور القوى المنتجة (الصناعة والزراعة والعلوم والتكنولوجيا) التي ستخلق الظروف اللازمة من أجل التخفيض العام في يوم العمل ووصول الثقافة للجميع، باعتباره الطريقة الوحيدة لتغيير أسلوب تفكير الناس وتصرفهم تجاه بعضهم البعض.
أشار ماركس إلى أنه لا يختفي أي نظام اجتماعي قبل أن يكون قد استنفد كل إمكاناته لتطوير القوى المنتجة. يفتح كل تشكيل اجتماعي – اقتصادي جديد إمكانية زيادة تطوير القوى المنتجة وبالتالي يزيد من سلطة البشر على الطبيعة. وبهذه الطريقة يتم إعداد الأساس المادي لما وصفه إنجلز بقفزة بشرية من عالم الضرورة إلى عالم الحرية.
المادية التاريخية
إن المحتوى الأساسي للتنمية الاجتماعية هو تطوير القوى المنتجة. لكن على أساس القوى المنتجة تنشأ علاقات ملكية وهيكل فوقي معقد من العلاقات القانونية والدينية والإيديولوجية. وتمثل هذه الأخيرة الأشكال التي تعبر من خلالها القوى المنتجة عن نفسها. يمكن للمحتوى والشكل أن يدخلا في تناقض مع بعضهما البعض، لكن، في التحليل الأخير، يكون المحتوى هو دائما من يحدد الشكل.
يتغير المحتوى أسرع من الأشكال، مما يخلق تناقضات يجب حلها. تعيق البنية الفوقية العتيقة تطوير القوى المنتجة، وهكذا فإن تطور القوى المنتجة، التي وصلت إلى مستويات لم يسبق لها مثيل في التاريخ، قد دخلت، في الوقت الحاضر، في صراع مفتوح مع الملكية الخاصة والدولة القومية. إن الأشكال القديمة تخنق تطور القوى المنتجة، وبالتالي يجب تحطيمها من أجل حل هذا التناقض. فتتحطم الأشكال القديمة وتحل محلها أشكال جديدة تتوافق مع احتياجات القوى المنتجة.
بشكل عام يمكن تقسيم المجتمع البشري إلى أربع أنماط (إذا استثنينا نمط الإنتاج الآسيوي، الذي كان طريقا مسدودا من الناحية التاريخية). كان النمط الأول هو النظام المشاعي البدائي الذي استمر أكثر من مليون سنة. وقد تم استبداله في الغرب بنمط الإنتاج العبودي، الذي استمر لنحو 10000 سنة. وقد أدى سقوط الإمبراطورية الرومانية، التي كانت تمثل العبودية في أكثر أشكالها تطورا، أولا إلى انهيار الحضارة، ثم انتعاش بطيء في ظل النظام الإقطاعي الذي دام أكثر من ألف سنة. وأخيرا النظام الرأسمالي الذي استمر ما بين 200 و300 سنة.
وقد كان لكل نظام من هذه الأنظمة الاجتماعية الاقتصادية قوانينه الخاصة في الحركة والتي تختلف اختلافا جوهريا عن نظيرتها في الأنظمة الأخرى. وبالتالي فإنه من العبث محاولة اكتشاف قوانين “عامة” للاقتصاد السياسي. من الضروري اكتشاف القوانين الخاصة التي تحكم كل نظام على حدى، وهذا ما فعله ماركس. لا يمكن لفوضى الإنتاج أن تجيب على متطلبات الصناعة الحديثة والتكنلوجيا والعلوم. إن الطريقة الوحيدة لحل تناقضات الرأسمالية، التي هي سبب التجويع والفقر والحروب والإرهاب، هي التغيير الاشتراكي للمجتمع.
من المهم ملاحظة كيف مرت عملية التطور البشرية بتسارع مستمر. لقد استمرت الإقطاعية لفترة أقصر من العبودية، والرأسمالية موجودة منذ قرنين أو ثلاثة قرون. علاوة على ذلك فإن وتيرة تطور القوى المنتجة في ظل الرأسمالية أسرع بكثير من أي مجتمع سابق. لقد تحقق في هذه الفترة قدر من الاختراعات أكثر مما تحقق طيلة كل التاريخ السابق. لكن هذا التطور المحموم في الصناعة والعلوم والتقنيات دخل في تناقض مع الحدود الضيقة للملكية الخاصة والدولة القومية. إن الرأسمالية في مرحلة احتضارها لم تعد قادرة على تطوير القوى المنتجة كما كانت تفعل في الماضي. وهذا هو السبب الجوهري وراء الأزمة الحالية، التي بدأت تهدد وجود الإنسانية ذاته.
الاشتراكية أو الهمجية
«حتى المجتمع بأكمله، حتى الأمة، بل وحتى كل المجتمعات المعاصرة مجتمعة، لا يملكون الأرض. إنهم ليسوا سوى منتفعين منها، ويجب عليهم، كما هو الحال مع أي رب عائلة جيد [في النص الأصلي باللاتينية: boni patres familias]، تسليمها للأجيال المقبلة في حالة أفضل». (ماركس)
سبق لماركس أن قال إن الزراعة عندما تتطور بصورة عفوية ولا تكون مخططة بوعي تترك الصحارى وراءها. والرأسمالية في القرن الواحد والعشرين هي في طور تحويل الكوكب إلى صحراء. إن التدخل الفوضوي في السيرورات الطبيعية واجتثاث الغابات والصيد والقنص المفرطين وتلويث البيئة وتسميم الطعام الذي نأكله والهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه، يزعزع توازن الطبيعة على نطاق واسع ويضع علامة استفهام حول مستقبل الكوكب وربما الحياة على الأرض.
طالما استمر النظام الاقتصادي الذي يحكم العالم خاضعا لدافع الربح، فإن اغتصاب الكوكب سيستمر. يتطلب التحكم في الاقتصاد العالمي بناء اقتصاد مخطط، أي بناء الاشتراكية العالمية. ليس هناك من وسيلة أخرى لوقف تغير المناخ ووقف تدمير البيئة، وما إلى ذلك.
إن الاقتصاد الاشتراكي المخطط هو السبيل الوحيد لحماية البيئة الطبيعية والقضاء على تلوث المحيطات والغلاف الجوي، وبالتالي إنقاذ كوكب الأرض من كارثة بيئية. إن الاستخدام العقلاني للطبيعة واكتشاف واستعمال مصادر جديدة للطاقة النظيفة سيفتح إمكانية التنمية المستدامة، التي يتحدث عنها علماء البيئة لكنهم عاجزون عن تنفيذها. من الممكن تماما إطعام كل سكان العالم على أساس التكنولوجيا الموجودة حاليا. لا تكمن المشكلة في أننا لا نمتلك الوسائل لحل المشاكل، بل في أن القوى الإنتاجية مقيدة بدافع الربح.
إن الاقتصاد الاشتراكي المخطط سيحرر العلم والتكنولوجيا من قيود نظام الربح. سيسرع بشكل كبير التقدم الاقتصادي للإنسانية، مع الحفاظ على كنوز العالم الطبيعي التي تهددها اقتصاديات السوق الرأسمالية. وعلى حد تعبير ماركس: «في ظل الاشتراكية يمكن للناس أن ينظموا تبادلهم مع الطبيعة، ويضعونها تحت سيطرتهم المشتركة، بدلا من أن يكونوا تحت سيطرة قوى الطبيعة العمياء، وسيتم تحقيق ذلك بأقل قدر من الطاقة وفي ظل أكثر الظروف ملائمة وانسجاما مع الطبيعة البشرية».
من الواضح لأي شخص مفكر أن النظام الرأسمالي هو نظام قمعي وغير إنساني بشع، يعني ما لا يوصف من أنواع البؤس والمرض والاضطهاد والموت للملايين من الناس في العالم. من المؤكد أنه من واجب أي إنسان سوي أن يدعم الكفاح ضد مثل هذا النظام. إلا أنه من أجل خوض ذلك الكفاح بشكل فعال، من الضروري وضع برنامج جدي وسياسة ومنظور يمكن أن يضمن النجاح. نحن نؤمن بأن الماركسية (الاشتراكية العلمية) هي الوحيدة التي تقدم مثل هذا المنظور.
يدعو الماركسيون الرجال والنساء للنضال من أجل تغيير حياتهم وبناء مجتمع إنساني حقيقي يمكن الجنس البشري من أن يرتقي بنفسه إلى مكانته الحقيقية. نحن نؤمن بأنه ليس للبشر سوى حياة واحدة فقط، وبالتالي عليهم أن يكرسوا أنفسهم لجعل هذه الحياة جميلة وتوفر إمكانية تحقيق الذات.
يجب أن يكون دور الفلسفة في العصر الحديث هو تسهيل هذه المهمة وتوضح لنا الأفكار وتقدم تفسيرا عقلانيا لأهم مظاهر عصرنا.
وعلى حد تعبير كارل ماركس: «لم يعمل الفلاسفة حتى الآن سوى على تفسير العالم بطرق مختلفة. لكن الهدف هو تغييره».
#نقلاً عن الحوار المتمدن.