المواطن: تعز
مكين محمد
الكابتن نيروز امين محسن خالد من محافظة تعز تعاني من إعاقة في ذراعها الأيسر (تشوه خلقي)، ومنذ الطفولة ولعبتها المفضلة تنس الطاولة تكاد أن تكون الهواء والهوية لها، خريجة عام 2008م جامعة العلوم والتكنولوجيا بكالوريوس تقنية معلومات.
ترعرعت في منزل جدها لوالدتها التي انفصلت عن والدها في السنوات الأولى من طفولتها، والتي كرست كل حياتها في تربية وتعليم ابنتها نيروز حتى أكملت الثانوية العامة وكان طموحها أن تحصل على منحة دراسية في الخارج ألا ان التكاليف لم تكن إلا عثرة أمام حلم أم بمثابة مدرسة في التضحية من أجل طفلتها.
لم يكن للأم إلا أن تحصل على فرصة تساعد ابنتها نيروز للسفر خارج البلاد للدراسة، فكان صندوق رعاية وتأهيل المعاقين بتعز وجهتها الأولى في البحث عن مساعدة في تكاليف المنحة، ألا انها توفقت في الحصول على منحة داخلية من الصندوق إلى جامعة العلوم والتكنولوجيا، وكانت والدة نيروز تعمل على توفير ايجار المواصلات وتكلفة الملازم وأشياء أخرى، وكانت السنة الرابعة من تعليمها الجامعي عام تكريم وحصاد للأم المثالية والتي حازت عليها والدتها ونالت شهادة تكريم وتقدير مقابل نضالها الحقيقي في سبيل تحقيق حلم ابنتها الطموح.
*نيروز ..وعشقها للتنس*
نيروز مع تنس الطاولة لا يمكن لأحد أن يميز من يعشق الآخر هل نيروز ام نصفها الآخر تنس الطاولة، فكانت بدايتها في مدرسة جمعية المعاقين عندما نظمت مركز صيفي وهي المشاركة الاولى لها في مسابقة تنس الطاولة وحصلت على المركز الأول في تملك الدورة الصيفية، وتعتبر نقطة انطلاق ممتازة احسنت نيروز استغلالها دون أي نقص أو خلل في ضبط إيقاع إبراز موهبة رياضية عجز عن تحقيقها آلاف الأشخاص من فئة الإعاقة الفكرية.
لن نذهب بالحديث بعيدا عن الحقيقة ولكن باستطاعة القلم أن يجر الحرب إلى شاطئ الانجازات التي رسمتها الكابتن نيروز بشغف رياضي نابع من عمق وجداني يتجلى بفن التنس التي تعشق أن تكون روح لنيروز قبل أن تكون لعبة.
تقول نيروز انها بعد تحقيقها المركز الاول في الجمعية، أقيمت اول بطولة في الجمهورية للمعاقين في تنس الطاولة وكان لها المشاركة في العاصمة صنعاء وكانت نيروز ممثل تعز، وحصلت على المركز الأول ورصيد انجازاتها الرياضيه حققت بطولة الجمهورية مرتين و مرتين على مستوى محافظة تعز.
*إنجازاتها*
توالت المشاركات الرياضية وانسجمت نيروز مع ذاتها الرياضي والابداعي على خط الانجازات التي تحصدها بشكل متتالي، مزيحة من أمامها ترف الخمول والانكسار محققة بإرادة صادقة اروع المحطات الإبداعية، وهنا أيضا نعود مرة أخرى نقف أمام انجاز تجاوز الحدود دون أي انكسار أو تعثر، هذه المرة كان على مستوى دولي وذلك من خلال حصول نيروز على المركز الثاني في البطولة الدولية الاولى التي اقيمت في الاردن، والمركز الثالث في البطولة الدولية الثانية التي اقيمت أيضاً في الاردن.
*تمنيات نيروز*
نيروز تتمنى أن يتم تفعيل المخيمات الصيفية وإقامة البطولات ومراكز تدريب في كافة المجالات من أجل اكتشاف وصقل المواهب، وأيضا تهمس للمستقبل انها ماتزال شغوفة بحصد الألقاب والتي توقفت بسبب الأزمة التي دمرت الكثير، وبفعل ذلك فهي نازحة من المدينة وأصبحت تسكن دمنة خدير بعد أن سقط صاروخ كاتيوشا على منزل جدها الذي تقيم فيه، هناك وحيث سكن النزوح استطاعت أن تلتحق بعمل اداري في إحدى المؤسسات الخاصة وبراتب يغطي احتياجاتها مع والدتها والتي تحرص نيروز أن توفر لها كل متطلبات الحياة كواجب ورد لها بعد رحلة كفاح من أجل النجاح.
نيروز أيضاً مستاءة من التمييز في المجتمع بين فئة تعاني بسبب إعاقة جسدية و فئة سليمة إلا أن بعضها يعاني من إعاقة فكرية، وهنا تكون المفارقة العجيبة حتى ان الامر يصل إلى الشخصيات المثقفة وللأسف، وتقول نيروز وبكل ثقة ثبوتها يتعدى حدود الواقع انها برغم الإعاقة والنظرة الدونية من قبل المجتمع الا انها حققت نجاحاً لم يحققه أحد لا ينظر له بأنه معاق أو لديه تشوه خلقي ما.
انجازات تستحق التكريم حققتها نيروز الفتاة الخارقة لحدود الابداع ، فلم تلاقي التكريم أو حتى تقديم أي مكافئة تذكر، هذا فقط يحدث في بلد مليئ بسلبيات قذفت الجميل وكرست القبيح والسيئ .
رغم أن المعضلة الكبيرة والوحيدة انها لا تملك من يصرف عليها سوى والدتها التي لم تتأخر عن ذلك أبدا، أما التشوه الذي في ذراعها الأيسر فلا تعتبره إعاقة أو صعوبة ، الا انها تحاول اخفاء الإعاقة عن المجتمع بسبب الفهم الخاطئ الذي يعشعش في أذهان الناس.
نيروز لم تكن إلا نموذجا للكثير من فئة المعاقين لهم انجازات لا تقل عن قدراتهم العقلية والإبداعية، ومع ذلك لم يكن للجهات المختصة في البلاد من اهتمام كافي بقدر ما يصنعه هؤلاء المبدعين.