وسام محمد
المواطن-كتابات
في العادة, يكون سعار (مؤتمري جناح صالح)* المتخفيين تحت جلباب القومية اليمنية, بمثابة مؤشر على فشل ما أو مرافقا لمعركة ليست مضمونة النتائج.
حدث هذا خلال الفترة التي سبقت احداث ديسبمر 2017. ويتكرر الآن بالتزامن مع اعلان فشل معركة الحديدة.
بالطبع هناك المتحمسين الابرياء, والمتحمسين من منطلقات مختلفة, غير ان هذا لا يغطي على حقيقة أن أيدلوجية الطبقة المسيطرة كانت منذ ثورة فبراير قد ضربت في العمق. لوقت طويل (خصوصا اثناء ازدهار أوهام التوريث) كانت الوحدة في صدارة خطاب السلطة, يتم اشهارها في وجه كل من يعارضها, سواء من خلال المبالغة في التغني بصناعتها, او التلويح بالعنف لحمايتها في وجه الخصوم. الآن اصبح التغني الاجوف بالجمهورية ومعادة الهاشمية بعيدا عن سياق الصراع الدائر هو البديل.
اذن يمكننا القول ان اختلالات بنيوية في خطاب السلطة كانت ايضا قد حدثت. فهناك اكثر من تيار نمى داخل بنية السلطة, مجموع الخطاب الذي تتبناه هذه التيارات (خليط من اليسارية والقومية والعلمانية والعسكراتية) لم تعد قادرة على بناء ايدولوجية متماسكة. الى جانب ورطة جناح صالح في تحالفه مع الحوثيين والذي اصبح مداعاة للمبالغة في كره الهاشمية للتغطية على هذه المسألة. رغم ان اليمنيين اصبحوا يقاتلون الحوثي ويعملون من اجل هزيمته بكل ما اتيح لهم من قدرات, فلا شيء يجعلنا نصدق خطاب (مؤتمري جناح صالح) القومي في مواجهة ما يسمونها بالهاشمية, سوى ان يطالبوا بشكل واضح بمحاكمة كل من ساعد جماعة الحوثي في اسقاط الدولة وتحالف معها لشن الحرب على اليمنيين. وهو ما لم يحدث حتى الآن وكأن هذه مسألة عادية. التصالح مع ما قام به صالح ليست مسألة عادية سواء كان مصدره من يتبنون خطاب القومية او من يعملون من اجل استعادة الدولة بأفق وطني. نفس الشيء ينطبق ايضا على الشعبويين في الجنوب.
بغض النظر عن حسن نوايا البعض ممن اصبحوا يتحمسون للقومية اليمنية (هؤلاء لا يخبرونا ماذا يريدون من التاريخ؟ وكيف يصبح هذا مهما بالنسبة للمستقبل؟ وفي المجمل هم يعبرون عن خيبة املهم في القوى السياسية الحالية وتحمسهم يأتي كرد فعل عن الفشل في استعادة الدولة) فإن القومية اليمنية تمثل في جوهر مضمونها التعبير الاكثر انحطاطا داخل الطبقة الحاكمة المهزومة بفعل الثورة, هذا من جهة. من جهة ثانية تمثل القومية اليمنية محاولة يائسة لاعادة بناء ايدولوجية جديدة وخطاب ذو نزعة شوفينية “بلطجية” كون هذا هو الخطاب الذي اعتمده صالح طوال فترة حكمه.
من جهة ثالثة خطاب القومية بات يقدم مؤشرا على مدى الفرز العميق داخل بنية الطبقة المسيطرة وكذلك يقدم تعبيرا جليا عن حجم التخبط اثناء محاولة العودة الى الحكم بالالتفاف على الاستحقاقات الشعبية المعمدة بتضحيات هائلة قدمتها قطاعات شعبية مختلفة منذ فبراير وحتى اليوم.
______________
* مؤتمري جناح صالح ليس مصطلحا دقيقا. اغلب هؤلاء المتحمسين للقومية هم من مناصري عائلة صالح دون ان يكون لهم صفة تنظيمية في حزب المؤتمر. بل يمثلون قاعدة التوريث التي كان قد تم بنائها داخل المجتمع بدون روابط واضحة.