محمد القادري
يعد التمييز العنصري احد اهم المظاهر والممارسات البغيضة التي تسبب تفكك المجتمعات والامم، فالعنصرية في اليمن بكل أشكالها ومستوياتها، العقدية واللونية والجنسية والطبقية والعرقية، ليست وليدة اللحظة بل هي نتيجة تراكمات تاريخية ومجتمعية وثقافية.
فاليمن بشكل عام مجتمع قبلي إلى حد كبير، يعيش على التمايز في الطبقات بناء على النسب واللون والمهام التقليدية بين افراد المجتمع، حيث يتعرض اصحاب البشرة السمراء على حد سواء، إقصاء كبيرا في كل مناحي الحياة، ما يمثّل انتهاكاً صارخاً لحقوق ومصالح الأفراد والمجموعات الذين تُمارس ضدهم هذه العنصرية المقيتة التي تتصدر قاموس الكراهية البشري على مر التاريخ.
وعلى الرغم من ثبوت قوانين صريحة في العام 1991م، وتعد اساسا في دستور الجمهورية اليمنية تنص على أن “المواطنون جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات العامة”، إلا ان الحقيقة تقول إن المهمشين الذين يمثلون 10% من سكان اليمن، هم أكثر الفئات المجتمعية تعرضاً للظلم والتمييز؛ إذ يمارس ضدهم الاحتقار، والعزلة عن بقية أفراد المجتمع، ويتراخى القانون عن حمايتهم والانصاف لهم، فهم يعيشون في تجمعات سكنية تفتقر إلى أساسيات الحياة العادية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن المشكلة ليست في القانون اليمني او صياغته، بل في المجتمع نفسه الذي لعب دور هام في تأصيل الإنقسام الطبقي بين افراد المجتمع منذُ القدم، فالمجتمع لا ينظر لهذه الفئة الا بأنهم “أخدام” وجدوا لخدمة اسيادهم وتنظيف الشوارع والعمل في المهن ذات الأجور المتدنية،
ويؤكدُ باحثو علم الإجتماع، أن التمييز والعنصرية القائمة على اللون لها أبعاد ثقافية، واجتماعية، وجذور تاريخية قديمة، نتيجة التصنيفات الطبقية في اليمن، والتي تعد من أبرز أسباب التهميش، فكل من يحمل بشرة سوداء يتعرض للتمييز ويطلق عليه مصطلحات مختلفة”
وهذا ما نتج عنه زيادة منسوب الاحتقان والنزاعات في المجتمع، وتفشي مظاهر الكره والحقد وغياب حالة الانسجام بين مختلف الأطياف والأطراف، وتعثر مسيرة التنمية والازدهار.
ولا يمكن حل هذه المشكلة والتصدي لها إلا بجهود مشتركة من الحكومة والمجتمع المدني والمنظمات الدولية لتعزيز المساوأة والعدالة الإجتماعية، كما يجب فرض قوانين وتشريعات واضحة وصارمة لتجريم ومحاربة كل مظاهر وملامح العنصرية، إضافة إلى تعزيز التوعية المجتمعية والتربية على قيم التسامح وتشجيع مبادرات التنمية المستدامة التي تستهدف الفئات المهمشة. من خلال التعامل الشامل والمستدام مع هذه القضايا، إلى جانب إعلام يمارس دوره الإيجابي والفاعل بعيداً عن تأجيج وترويج العنصرية والتمييز.
تم إنتاج هذه المادة ضمن مشروع إعلاميون من أجل السلام الذي تنفذه مبادرة Light Art بتمويل من مؤسسة القافلة للتنمية.