فهمي محمد
(ثم قام قتلة الرئيس ابراهيم الحمدي بتصفية مشائخ تعز والحجرية بعد علم القتلة بأن القائد عبدالله عبدالعالم انتقل إلى الجنوب في عدن.
– نزلت قوى عسكرية و قبلية ومجموعة من قطاع الطرق والقتلة والمرتزقة وهم بالآلاف إلى الحجرية وقاموا بالسلب والنهب والقتل والتدمير).
الكلام بين القوسين أعلاه مأخوذ حرفياً من صفحه شهاب ابن المناضل الكبير عبد الله عبد العالم، وقد شارك الاستاذ عبد العزيز اسماعيل عضو اللجنة المركزية للتنظيم الوحدوى الناصري في صفحته على الفيس كامل المنشور الذي يتناول سيرة المناضل عبد الله عبد العالم، وفيه يؤكد الابن، وهو الذي عاش مع والده، أن قتلت الحمدي هم من قتل مشائخ تعز، وأكيد أن الابن يروى في منشوره كلام سمعه من أبيه وليس من شخص آخر، وأكيد أن ما ورد في المنشور هو الكلام المدون في مذكرات والده ويستحيل أن يقول الابن كلامًا مناقضًا لما هو وارد في مذكرات أبيه.
الغريب في الأمر أن بعض الإخوة في التنظيم الوحدوى الناصري مثل الأستاذ على الضالعي واحمد شوقي منهمكين من ثلاث أيام في محاولة تأصيل -زوبعة- إتهام أعضاء الجبهة الوطنية، وتحديداً فصيل منظمة المقاومين الثوريين؛ بأنهم من قام بقتل مشائخ تعز وبدعم من نظام الجنوب واعتمادهم في نقل المعلومة على المؤرخ حسين فرح، اما دليل احمد شوقي أن محسن العيني ذكر أن النظام في الجنوب اعدم 45 شيخًا في شبوة.
أعرف ماذا يريد صديقي أحمد شوقي؟!
لكن عليه قبل ذلك أن يكتب منشور يكون قادر على الصمود أمام أبجدية التحليل السياسي البسيط، يا صديقي العزيز إذا كان المشائخ المغدور بهم يشاركون التوجه السياسي والحزبي للمناضل عبد الله عبد العالم وهم متنورين ومع خط الحمدي على حد وصفك، فلماذا تقدم الجبهة الوطنية والنظام في الجنوب على قتل مشائخ من هذا الطراز انتقاماً لقتلاهم ومعتقليهم في سجون محمد خميس؟!
المعروف لنا جميعاً أن عبد الله عبد العالم دفع مثل هذا الثمن طوال حياته، لأنه رفض أن يتخلى عن دم الشهيد الحمدي، كما فعل بقية العسكريين والمدنيين في قيادة الدولة، والمعروف أيضاً عندما قتل الحمدي كانت العلاقة بين قيادة الشمال والجنوب أكثر من سمن على عسل، والمعروف أن من انتقم للحمدي هي القيادة السياسية في الجنوب التي اعتبرت مقتل الحمدي إهانة لها أكثر مما اعتبرت ذلك قيادة التنظيم الناصري، كل ذلك كان يعني أن النظام في الجنوب والأحزاب التي كانت تشكل امتدادًا له في الشمال كانوا جميعاً حريصين على احتواء كل القوى المحسوبة على الحمدي والقوى التي تضررت من اغتياله لكي تلعب دور في المستقبل، فكيف يذهبون للغدر ببعض هذه القوى وقتلهم؟!
ماذا يريد أن يقول بعض الإخوة في التنظيم الوحدوى الناصري هل كانت الجبهة الوطنية والنظام في الجنوب يردون التخلص من عبد الله عبد العالم بسبب خلافات حدثت بينه وبين قيادة في الجبهة الوطنية حسب قولهم، فتم قتل هؤلاء المشائخ لكي تلصق التهمة ويتم التخلص منه؟ لكن القول بهذا يعني أن النظام في الجنوب كان يمنح نظام صنعاء مزيد من عناصر القوة والصمود في الوقت الذي كان هدف النظام في الجنوب هو اسقاط نظام صنعاء خصوصاً بعد مقتل الحمدي، ما يعني أن التخلص من عبدالله عبد العالم يصب في مصلحة النظام في صنعاء وليس في صالح النظام في الجنوب، مهما كانت حجم الخلافات بين الرجل وبين الجبهة الوطنية، ناهيك أن عبد الله عبد العالم سوف يكون هو أول المدركين لهذا الأمر حتى بعد وقوعه.
وإذا كان التخلص من شخص عبد الله عبد العالم ليس هو الهدف بل كان المشائخ بحد ذاتهم هم الهدف في حسابات الجبهة الوطنية والنظام في الجنوب وقد وفر هؤلاء المشائخ الفرصة في اجتماعهم فإن مثل هذا الخيار لا يمكن التفكير فيه لسببين؛ الأول إذا كان قتل المشائخ قد حدث في الوقت الذي كان فيه رئيس النظام في الجنوب يخطط للانتقام من قتلت الحمدي، فإن الاقدام على مثل هذه الخطوة في هذا التوقيت كما قلنا سوف يقوى النظام في صنعاء أكثر مما يضعفه، وسوف يضرب القاعده الشعبية لعبدالله عبدالعالم وللقوى اليسارية في الشمال وفي تعز على وجه التحديد، في الوقت الذي كان يفترض بالنظام في الجنوب أن يعول على دور عبد الله عبد العالم وعلى حاضنته الشعبية وعلى القوى اليسارية في معادلة الصراع القادمة مع نظام صنعاء، خصوصاً وأن حادثة مقتل الغشمي بعد ذلك أو شكت أن تتحول إلى حرب بين الشمال والجنوب بل أبدت العراق وسوريا استعدادها لدعم صنعاء بالجيش، والسبب الثاني أن المشائخ لم يكونوا هدف بحد ذاتهم في الصراع مع الجبهة الوطنية والنظام في الجنوب فكثير من المشائخ انتموا سياسياً وحزبيا للحزب الحاكم في الجنوب مثل مشائخ بيت ابو اصباغ وبعض المشائخ في صبر والحجريه، الصراع كان مع المشائخ الذين تحولوا في مناطق نفذهم إلى رجال أمن واستخبارات يطاردون عناصر الجبهة الوطنية خدمة للنظام الحاكم في صنعاء وجل هؤلاء المشائخ لم يكونوا من هذا النوع، بدليل أن هؤلاء النزقين في التنظيم الناصري يؤكدون أن هؤلاء المشائخ كانوا مع خط عبد الله عبد العالم والحمدي.
في كل الأحوال، مذكرات عبد الله عبد العالم سوف تكشف اللثام عن الحقيقة لكن هذا لا يمنع من القول بتحليل يعتمد على معطيات واقعية فالرجل كان يدرك الكثير من المتغيرات التي حدثت على إثر مقتل الحمدي داخل العاصمة صنعاء واهمها أنه ليس في وضع آمن إذا ما بقى على موقفه لذلك قرر الإنتقال إلى الحجرية وكان لسان حاله يقول سوف أقاوم الإنقلاب من تعز لأني سوف أكون محاطاً بالحاضنة الشعبية والدعم السياسي والعسكري من الجنوب، والحاكم في صنعاء فهم قصد عبد الله عبد العالم لهذا كان يجب في حسابات صنعاء أن يتحول عبد الله عبد العالم إلى مجرم ومطارد من أبناء تعز وليس محتمي بهم وهذا ما تحقق عن طريق واقعة قتل مشائخها غدراً، ما يعني أن قتلت الحمدي هم قتلة مشائخ تعز كما ذهب إليه شهاب عبد الله عبد العالم في منشوره على صفحته في الفيس.
يبقى السؤال يقول: في حال أن أكدت مذكرات عبد الله عبد العالم أن قتلت الحمدي هم من قتل مشائخ تعز هل سيتغير نزق هؤلاء ام سيظل حسين الفرح هو صاحب القول الفصل؟.