المواطن نت _ تعز_ نصر عبدالرحمن
شردته الحرب ليجد نفسه بعد موجة نزوح داخل المدينة، يسكن وأطفاله بيت متهالك، يفترشوا التراب ويلتحفوا غبار السطح المتهاوي عليهم رويدا رويد، لكن فقره المدقع لم يجعل له سبيل غير التكيف معه.
مجاهد محمد سعيد صادق، أب ل6 أبناء منهم أربعة أطفال يسكن مع أطفاله بالمنزل المذكور في منطقة وادي القاضي، خلف صالة العقيق للأفراح بايجار شهري بسيط يدفعه من قوت أطفاله.
عندما يموت الضمير:
في بداية الحرب الراهنة كان مجاهد يسكن مع أطفاله في منزل جوار المجمع القضائي تركه لهم صاحبه وغادر المدينة إلى خارج البلاد، لكن مجموعة من أفراد الجيش اخرجوه منه واتخذوا منه منزلاً لهم، لينتقل للسكن إلى هذا المنزل الذي لا يصلح للسكن حد وصفه بايجار شهري بسيط.
واليوم قرر العاقل عبداللطيف حاتم محمد قائد جباري، وكيل هذا المنزل، عاقل الحارة المسمى “شعب سلمان” طرد الكادح مجاهد وأطفاله من المنزل، فقام بهد المنزل على من فيه.
وبهذا الصدد قال المحامي والناشط الحقوقي صلاح أحمد غالب، في تصريح ل”المواطن” “في هذه الظروف الاستثنائية ومع إرتفاع ايجارات الشقق السكنية وانعدام فرص العمل يصبح إخراج الناس من الشقق السكنية امر مجحف، ويصبح حتى تنفيذ عقود الإيجار السابقة البسيطة مرهق، فضلاً عن الارتفاع الجديد”.
اين القانون:
يواصل مجاهد سرد قصته بألم ويقول: “أتى العاقل مع مسلحيه وطلبوا منا مغادرة المنزل فلم نقبل فنحن لا قدرة لنا على ذلك في ظل إرتفاع إيجارات المنازل وأزمة الشقق السكنية، فذهبت اشتكي لقسم الشرطة وطرقت باب كل المسؤولين لكن لم يهتم لامري أحد بل أن أغلبهم وقفوا مع العاقل، بعد ذلك عاد الوكيل وقام بهدم جزء من المنزل فوق رؤوس الأطفال.
وأضاف وحتى اليوم لم أسلم من تهديده ومسلحيه بالتصفية في بيتي وحتى أثناء عبوري في الشارع.
ويصف الموقف بالقول: “في هذه البلاد إذا جيبك دافئ ومعك فلوس الكل بيقف معك، أما الفقير فالكل بيدعس عليه ويمضي”.
يحدث هذا أمام مرآ ومسمع قيادات المحافظة، ورغم وجود قراراً من السلطة المحلية يقضي بعدم الزيادة في إيجارات المساكن، أو اخلائهم وطرد المستأجرين في ظل ظروف الحرب القائمة، وبهذا الصدد أفاد المحامي صلاح بأن القضاء هو المعني بتنفيذ هذه التوجيهات.
وأضاف صلاح “قانونياً هذه قضايا مدنية يجب أن لايتدخل أقسام الشرطة بهذه القضايا لأنها قضايا مدنية، ويجب في حالة تدخلهم أن يكونوا مع المستاجر وإلا سنصحوا يوماً على الآلاف الأسر مرمية في الشارع، ويجب على إدارة شرطة تعز أن تمنع أقسام الشرطة أن يتدخلوا في هذه القضايا”.
منظمات لمساعدة الغير محتاجين:
بدورها المنظمات الإغاثية والإنسانية في المحافظة لم تستطيع الوصول إلى هذا الفقير وتمد له يد العون، لكنها تستطيع ذلك لآخرين ليسوا بحاجة لها، وهنا أكد مجاهد بأنه طرق باب العديد من المنظمات وأنها سجلت أسمه لديها لكنه لم يصل إليه أي شيء حتى الآن.
وأشار إلى أنه جرى أخذ أسمه ورقم هاتفه من قبل بعض الشخصيات والوجاهات الاجتماعية ووعدوه بالبحث عن مساعدة له وأسرته من المنظمات لكن ذلك أيضاً لم يصل له منه شيء، وقال: “أخشى أن يكونوا يترزقون باسمي”.
معاناة:
مجاهد ليس له مصدر دخل غير سلة غذائية واحدة يحصل عليها من إحدى المنظمات، فمنها يأكلون ومنها يدفع الإيجار ومنها يقضي حاجات أخرى!!!.
يواصل مجاهد سرد معاناته وأطفاله وعيناه غراقتان بالدمع ويقول: ” ينام أولادي على الأرض دون حصير يقيهم خشونتها، أو رديف يمنع عنهم برد الشتاء، وكل يوم يقطعون مسافات بعيدة ليذهبوا إلى مدارسهم الحكومية البعيدة عن المنزل، وأحياناً دونما وجبة الإفطار، أما ثيابهم فقد تقادمت عليها الزمن، وهذه الأيام أبني الذي في مرحلة دراسته الأساسية يعاني من مرض ولم أتمكن حتى أن أشتري له حبة مهدئ”.
ويضيف “أنا لم يعد بمقدوري العمل لتوفير لهم متطلبات الحياة فأنا مصاب بأمراض مختلفة منها انزلاق في العمود الفقري”.
وتابع حديثه “لدي بنتان في الصف الثالث الثانوي وهما طالبات ممتازات جداً يحصلنا على تقديرات فوق ال97%”.
وعند سؤالنا له عن إمكانية توفير عمل لهن قال” ذلك جيد وأتمنى إذا في منظمة أو مكتب يوفر لهن عمل يتناسب مع قدراتهن فأنا لم أعد قادراً على العمل ولا مصدر دخل لنا”.
وقال: “جريت وبحثت كثيراً…لم يعد لدي أمل وأصبحت أفكر أن أأخذ أطفالي وأخرج إلى وسط الشارع لمناشدة السلطة المحلية لمساعدتي مالم ساحرق نفسي معهم، لم أعد أتحمل هذا الوضع، لم يعد أمامي غير الإنتحار”!!.
ويضيف: “الموت بشرف أفضل من المهانة”.
وفي نهاية مقابلتنا له ناشد مجاهد السلطات المحلية بالمحافظة، ورجال المال والأعمال وفاعلين الخير والمنظمات الإنسانية، إيقاف هذا الظلم الذي يتعرضون له من وكيل العمارة، ومد يد العون لها ومساعدته وأطفاله على الحياة.
ويبقى السؤال هل من مسؤول أو فاعل خير يمد يد العون لهذه الأسرة المكافحة وينتشلها من الضياع؟!!!.