وسام محمد – كاتب من اليمن
كان من الجلي أن أفضل طريقة لإنقاذ مواطني اليمن المثقل بويلات الحرب، بعد انهيار كامل المنظومة الصحية، وفي ظل معاناة أغلبهم من سوء التغذية وانتشار العديد من الأوبئة، هي تلك المتعلقة بسرعة توفير اللقاحات وتطعيم أكبر عدد ممكن من السكان. لأن كل الخيارات الأخرى، بما فيها الإجراءات الاحترازية، لن تنجح في تحجيم الكارثة التي لا يعرف أحد حدودها، وخصوصاً في ظل ظهور موجات جديدة من الوباء.
وصلت إلى اليمن أول شحنة من اللقاحات المضادة لـ كوفيد-19، أواخر آذار/ مارس 2021، عبر مبادرة “كوفاكس”. وكانت عبارة عن 360 ألف جرعة من لقاح “أسترازينيكا”. وهي “الدفعة الأولى من أصل 1,9 مليون جرعة سيحصل عليها اليمن مبدئياً خلال العام 2021″، بحسب بيان لـ”يونسيف”، بينما وزارة الصحة اليمنية كانت قد تحدثت في وقت سابق عن أكثر من 6 ملايين جرعة لقاح قالت إنها ستصل اليمن على مراحل متعددة. وحتى الآن، تأتي اليمن في المركز الخامس في قائمة الدول العربية الأكثر تأخراً في التلقيح.
وكانت وزارة الصحة التابعة للحكومة الرسمية المعترف بها دولياً، قد قالت في منتصف تموز/ يوليو 2021، إن اليمن سيحصل على 151 ألف جرعة من لقاح “جنسن” أحادي الجرعة أواخر الشهر ذاته، من إجمالي 504 آلاف جرعة في نهاية المطاف. إلا أنها لم تعلن عن موعد وصول هذه اللقاحات. وهو ما تكرر مع الدفعة الجديدة من لقاح أسترازينيكا التي قالت الوزارة إنها ستصل في آب/ أغسطس. ما يعكس تخبط وزارة الصحة، وإن استعدادات تسريع الحصول على اللقاح أقل من المستوى المطلوب.
وحتى مطلع حزيران/ يونيو 2021، كان 167 ألف شخص قد تلقوا لقاحات كورونا خلال الجولة الأولى في 13 محافظةً واقعة تحت نفوذ الحكومة الرسمية المعترف بها دولياً، من أصل 22 محافظةً في اليمن بالمجمل، بينما رفضت جماعة الحوثي المسيطرة على باقي المحافظات استلام اللقاح. وكان قد تم تخصيص 10 آلاف جرعة للكادر الصحي في مناطقها.
غياب التأهب
في اليمن، وبدلاً من أن يصبح اللقاح هو الممكن الوحيد لتقليل عدد الضحايا، أصبح الميل واضحاً إلى موقف يعتبر أن الحياة لم يعد لها قيمة! ولم يعد الحفاظ عليها يحظى بالتقدير اللازم. أو هذا ما تظهره الممارسات على الأرض.
ومن الواضح أن الحكومة اليمنية لم تلقِ بالاً لما تطلق عليه منظمة الصحة العالمية بـ”التأهب التنظيمي” الذي يعني استيفاء المتطلبات القانونية لاستيراد اللقاحات، والترخيص التنظيمي لاستخدامها، وإجراءات تسريع توفيرها. وهي إجراءات اعتيادية في البلدان المستقرة، وتصبح أشد إلحاحاً في بلد فرص الوقاية من الوباء والنجاة منه شحيحة.
أعلنت منظمة الصحة العالمية، مطلع نيسان/ أبريل 2021، أن “البنك الدولي قدم 26.9 مليون دولار دعماً لاستعدادات مواجهة كورونا في اليمن”. ومنتصف حزيران/ يونيو الماضي، أعلن البنك الدولي أيضاً عن موافقته على تقديم منحة مالية جديدة بقيمة 20 مليون دولار دعماً لحملة التطعيم. وهي مبالغ هزيلة للغاية شأن كل التخصيصات للدول الفقيرة التي أعلن عنها البنك الدولي.
وفيما كانت الفئات المستهدفة باللقاح في البداية محصورةً في العاملين في القطاع الصحي، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، إلا أن العزوف وعدم الإقبال جعل وزارة الصحة تعدّل من استراتيجيتها، لتفتح المجال أمام كل من يريد أخذ اللقاح. وفي سبيل تبديد مخاوف المواطنين، قامت بتقديم اللقاح للإعلاميين، مراهنةً أن ينشروا على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي.
فعملية تسريع استقدام اللقاح، لاستكمال عملية التطعيم، تبدو ككل شيء في هذا البلد المنهك، محاطةً بضبابية وتناقضات، وليس من السهل معرفة كيف تجري الأمور في أروقة المؤسسات الحكومية المعنية، ويصبح الأمر متوقفاً على النظر في النتائج لبناء مقدمات افتراضية للواقع الدرامي المؤلم.
كانت منظمة الصحة العالمية، قد أعلنت مطلع نيسان/ أبريل 2021، أن “البنك الدولي قدم 26.9 مليون دولار دعماً لاستعدادات مواجهة كورونا في اليمن”. ومنتصف حزيران/ يونيو الماضي، أعلن البنك الدولي أيضاً عن موافقته على تقديم منحة مالية جديدة بقيمة 20 مليون دولار دعماً لحملة التطعيم. لكن هذا المبلغ بالمجمل لا ينسجم مع حاجات الوضع الاستثنائي الذي تعيشه اليمن. والبنك الدولي ذاته كان قد أعلن في بيان له أواخر حزيران/ يونيو 2021، عن تقديم ما يزيد على 4 مليارات دولار لشراء وتوزيع لقاحات مضادة لفيروس كورونا لصالح 51 بلداً نامياً، يقع نصفها في أفريقيا. وهو مبلغ هزيل للغاية بالنظر إلى عدد السكان في هذه البلدان، وإلى البذخ المعيب الذي طبع الاستحواذ على اللقاحات في البلدان الغنية.
مسلسل الرفض والتخبط الحوثي
مع سيطرة جماعة الحوثي على معظم مناطق ومحافظات شمال اليمن التي يقطنها ما يزيد عن 60 في المئة من سكان البلد المقدر عدد سكانه بـ 30 مليون نسمة، ظهر أن تعاملها مع الوباء جزءٌ من استراتيجيتها الحربية التي أودت بضحايا كثر، قتلاً في الحرب أو موتاً من الجوع أو بسبب الأوبئة المتفشية وانهيار المنظومة الصحية.
لم تقم سلطات الحوثي بأي إجراء لاستقدام اللقاح، ورفضت استلام 10 آلاف جرعة خصصتها الحكومة الرسمية للعاملين في القطاع الصحي في مناطق سيطرة الجماعة. وهذا الموقف يأتي منسجماً مع مواقف الجماعة السابقة، حيث لم تعترف بوجود فيروس كورونا، ولم تبلغ سوى مرة واحدة عن وفاة شخص وإصابة ثلاثة آخرين بالفيروس في أيار/ مايو 2020. لهذا لم تلقِ بالاً للقاح، حيث تعتبره مجرد مؤامرة أمريكية، كما أعلن زعيمها عبد الملك الحوثي، في كلمة متلفزة على قناة المسيرة في آذار/ مارس 2020، مستنداً لِما أسماهم خبراء في الحرب البيولوجية، “عن أن الأمريكيين اشتغلوا منذ سنوات… للاستفادة من فيروس كورونا… ونشره في مجتمعات معينة”.
بحسب تقرير “هيومن رايتس ووتش” (1)، فإن ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن أدهم رشاد عبد المنعم، قال في مؤتمر افتراضي عن استجابة اليمن لفيروس كورونا نظمته المنظمة الخيرية “مهنيون طبيون من أجل اليمن”، ومقرها المملكة المتحدة، في 23 نيسان/ أبريل 2021، إن سلطات الحوثيين وافقت في البداية تحت الضغط على قبول 10 آلاف جرعة لقاح، لكن لم تُسلّم لها اللقاحات بعد أن وضعت تلك السلطات شرطاً يقضي بأنه لا توزع اللقاحات إلا من قبلها دون إشراف منظمة الصحة العالمية. وهو شرط رفضته منظمة الصحة العالمية.
لكن جماعة الحوثي عادت وطلبت ألف جرعة فقط، من أصل 10 ألف جرعة خصصت للعاملين في القطاع الصحي في مناطق سيطرة الحوثي… قبل أن يعلن أدهم عبد المنعم ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن، بحسب ما نقلته رويترز مطلع حزيران/ يونيو2021، أن عشرة آلاف جرعة لقاح وصلت إلى مطار صنعاء ووضعت في مخازن تبريد. وأن أفراد الطاقم الطبي فقط هم من سيتلقون التطعيم تحت إشراف وإدارة منظمة الصحة العالمية”.
أصبحت مراكز تقديم اللقاح أواخر أيار/ مايو 2021 تشهد ازدحاماً شديداً بعد فتور مشهود… لفرض المملكة العربية السعودية على اليمنيين الداخلين إلى أراضيها، سواءً للعمل أو الحج والعمرة، أخذ لقاح كورونا كشرط أساسي للعبور. على أن يكون لديهم شهادة تطعيم معتمدة رسمياً.
وفي ظل إقبال المغتربين على اللقاح، بدأت كذلك أعمال “السمسرة” التي تخص بيع اللقاح، لدرجة أن بعض مراكز التطعيم كانت تغلق من أجل أن يتم ابتزاز المغتربين، وأيضاً فرض مبالغ مقابل حصولهم على الشهادات الورقية التي تثبت تلقيهم اللقاح.
أطباءَ يعملون في العاصمة صنعاء، قالوا للباحث إنه لم يتم استدعاؤهم لتلقي اللقاح. وقال أحدهم إنه سمع أن هناك لقاحاً متوفراً في “مستشفى زايد”. لكن يبدو أن التكتم كان أحد شروط جماعة الحوثي لقبول وصول اللقاحات إلى مناطق سيطرتها. وقد توفي 150 طبيباً على الأقل في اليمن جراء فيروس كورونا منذ بدء الجائحة، بحسب “رابطة أطباء اليمن في المهجر”، ومعظم الأطباء الذين سقطوا في الموجة الأولى كانوا يعملون في مشافي العاصمة صنعاء.
من العزوف إلى الإقبال
في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً، لم تسر الأمور كما يجب في بداية الأمر. حيث شهدت الأسابيع الأولى من بدء عملية التطعيم عزوفاً شبه تام، وذلك بفعل تراجع عدد الإصابات خلال الموجة الثانية من كورونا، وكذلك بفعل الشائعات التي أحاطت بلقاح أسترازينيكا على اعتباره يتسبب بآثار جانبية خطيرة ومنها النوبات القلبية القاتلة. هذا الأمر جعل وزير الصحة يوجه مناشدات متكررة للمواطنين بضرورة أخذ اللقاح، وعدم تصديق الشائعات التي تروج.
وفيما كانت الفئات المستهدفة باللقاح في البداية محصورةً في العاملين في القطاع الصحي، وكبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، إلا أن العزوف وعدم الإقبال جعل وزارة الصحة تعدّل من استراتيجيتها، لتفتح المجال أمام كل من يريد أخذ اللقاح. وفي سبيل تبديد مخاوف المواطنين، قامت بتقديم اللقاح للإعلاميين، مراهنةً أن ينشروا على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي الصور، ويكتبوا منشورات متتالية عن تأثير اللقاح. ولتجاوز حالة عدم الإقبال، قام خطباء المساجد – ربما بتوجيه من وزارة الأوقاف – بحثّ الناس على أخذه.
لكن الموقف لم يتغير قبل مرور شهر على بدء المرحلة الأولى من التطعيم، حيث أصبحت مراكز تقديم اللقاح أواخر أيار/ مايو تشهد ازدحاماً شديداً… بعد اشتراط المملكة العربية السعودية على اليمنيين الداخلين إلى أراضيها، سواء للعمل أو الحج والعمرة، أخذ لقاح كورونا كشرط أساسي للعبور. على أن يكون لديهم شهادة تطعيم معتمدة رسمياً تفيد بأخذهم اللقاح.
وكان الآلاف من المغتربين اليمنيين في السعودية قد أكملوا قضاء إجازة عيد الفطر. وبدلاً من العودة إلى أعمالهم أصبحوا مضطرين للذهاب إلى مراكز التطعيم، الأمر الذي أربك وزارة الصحة. خصوصاً وأن الكثير من طالبي اللقاح كانوا يأتون من محافظات واقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي حيث لا يوجد مراكز للتطعيم. وحينها أعلنت السلطات الصحية اليمنية، فتح مراكز تطعيم إضافية في كل من عدن وحضرموت وتعز.
وفي ظل إقبال المغتربين على اللقاح، بدأت كذلك أعمال “السمسرة” التي تخص بيعه، لدرجة أن بعض مراكز التطعيم كانت تغلق من أجل أن يتم ابتزاز المغتربين، وأيضاً فرض مبالغ مقابل حصولهم على الشهادات الورقية التي تثبت تلقيهم اللقاح. وهذا الأمر جعل وزير الصحة في الحكومة الرسمية يغرد في أواخر أيار/ مايو الماضي، في ذروة الإقبال على اللقاح، قائلاً إن “لقاحات كورونا مجانيةٌ للمواطنين، وأيُّ رسوم تفرض سنحاسب المخالفين من الموظفين عليها ونحيلهم للتحقيق فيها”.
ومع توقف المرحلة الأولى من التطعيم، بدأت سمسرةٌ من نوع مختلف، وهي إصدار شهادات مزورة لأشخاص لم يتلقوا التطعيم، وذلك حتى يتسنّى لأصحابها عبور الحدود والعودة إلى أعمالهم في السعودية. تلك الشهادات لا تختلف عن الشهادات الرسمية سوى في كونها تُعطَى لأشخاص لم يأخذوا اللقاح، وعبر سماسرة ومقابل دفع 1000 ريال سعودي.
لكن العبور إلى السعودية بتلك الشهادات توقف بعد اشتراط وزارة الصحة السعودية، الحصول على شهادات إلكترونية تتضمن بيانات دقيقة.
وبالمجمل، كان إقبال المغتربين على اللقاح، قد ساهم في تغيير الموقف الشعبي منه، وبدأ كثيرون يتسابقون على الوقوف أمام مراكز التطعيم.
إشكاليات الجرعة الثانية
انطلقت المرحلة الثانية من حملة التطعيم ضد فيروس كورونا، أواخر حزيران/ يونيو 2021، بإعطاء الجرعة الثانية من لقاح أسترازينيكا للعاملين في القطاع الصحي وكبار السن وذوي الأمراض المزمنة، وهي الفئات التي بدأت وزارة الصحة باستهدافها. وبما أنه كان قد تم فتح المجال أمام كل من يريد التطعيم بسبب العزوف، فقد أعلن أن الجرعة الثانية ستعطى لجميع من أخذ الجرعة الأولى في الفترة من20 نيسان/ أبريل وحتى 7 أيار/ مايو… بينما يتعين على الآخرين الذين أخذوا الجرعة بعد هذا التاريخ، الانتظار حتى وصول الدفعة الثانية من اللقاح التي لم تصل حتى الآن. وهنا تبدأ قصة المعاناة مع المغتربين اليمنيين الذين كانوا قد أخذوا الجرعة الأولى، وأصبحوا ينتظرون الجرعة الثانية حتى يسمح لهم بالعودة إلى أعمالهم في السعودية. إلى جانب صعوبات أخرى فنية تتعلق بالشهاد الإلكترونية التي بدأ تدشين العمل بها مؤخراً.
مع توقف المرحلة الأولى من التطعيم، بدأت سمسرةٌ من نوع مختلف. وهي إصدار شهادات مزورة لأشخاص لم يتلقوا التطعيم، وذلك حتى يتسنى لأصحابها عبور الحدود والعودة إلى أعمالهم في السعودية. والمقابل كان دفع 1000 ريال سعودي. لكن العبور إلى السعودية بتلك الشهادات توقف بعد اشتراط وزارة الصحة السعودية، الحصول على شهادات إلكترونية تتضمن بيانات دقيقة!
وكما سبق وأن ظهرت سوق للشهادات الورقية المزورة (بختم رسمي)، فقد ظهرت سوق سوداء لبيع اللقاح في ظل اشتداد طلب المغتربين على الجرعة الثانية. وفي اليمن، لا يمكن للسوق السوداء أن تنشأ بعيداً عن الجهات الرسمية، خصوصاً أن من متطلبات أخذِ الشهادات الإلكترونية أخذَ اللقاح من مركز معترف به حتى تشتمل الشهادة على كافة البيانات.
وطبقاً لما تحدث به بعض من حصلوا على جرعة ثانية من اللقاح من السوق السوداء، فقد كان عليهم دفع 100 دولار على الأقل. وما عزز من الإقبال على السوق السوداء هو أن وزارة الصحة، كانت قد حددت الفترة بين أخذ الجرعة الأولى من اللقاح والجرعة الثانية من 8 إلى 12 أسبوعاً، إلا أن عدم توفر اللقاح حتى الآن، بعد انقضاء 12 أسبوعاً بالنسبة لمن أخذوا الجرعة الأولى بعد 10 أيار/ مايو، بات يثير القلق ويعزز اندفاع البعض إلى البحث عن طرق ملتوية للحصول عليها.
الأمر المستجد هو أن وزارة الصحة في الحكومة الرسمية أعلنت منتصف تموز/ يوليو 2021، عن افتتاح منصة إلكترونية لمن يرغب في تلقي اللقاح، وقالت إن من لم يسجل فيها لن يحصل عليه. لكن خلال الأيام الأولى من فتح المنصة، قال مركز التثقيف الصحي التابع للوزارة إن المنصة تشهد محاولات اختراق، بينما اشتكى البعض من عدم قدرتهم على التسجيل، وعاد المركز لتبرير ذلك بأن السبب هو الضغط الشديد عليها.
أعلنت وزارة الصحة عن افتتاح منصة إلكترونية لمن يرغب في تلقي اللقاح، وقالت إن من لم يسجل فيها لن يحصل عليه. ولكن اليمن يعاني من أسوأ شبكة إنترنت على مستوى المنطقة، كما تشترط متطلبات التسجيل أن يكون لدى الناس شبكة إنترنت وجهاز كمبيوتر أو تلفون ذكي، وهو ما يفتقده معظم اليمنيين القاطنين في الأرياف والمناطق النائية وفي مخيمات النزوح.
والملاحظ أنه لم يتم تحديد الفئات التي يحق لها التسجيل في المنصة، على الرغم من أن الجرعات التي أُعلن عن قرب وصولها لا تتجاوز 500 ألف جرعة، سواء من نوع “أسترازينيكا” أو “جنسن”. ويعاني اليمن من أسوأ شبكة إنترنت على مستوى المنطقة، بينما متطلبات التسجيل تشترط أن يكون لدى الناس شبكة إنترنت وجهاز كمبيوتر أو تلفون ذكي، وهو ما يفتقده معظم اليمنيين القاطنين في الأرياف والمناطق النائية وفي مخيمات النزوح، ما سيجعل اللقاح حكراً على الطبقة الوسطى وسكان المدن، لكن أيضاً مع إشكاليات لا تزال قائمةً حيث قام كثيرون بالتسجيل عبر المنصة، ولم يتلقوا بعد أي تأكيد عبر هواتفهم كما يفترض.
بوادر موجة ثالثة
وفيما هذا هو الأداء الرث للحكومة في تعاملها مع اللقاح وبطء وصوله إلى البلد، يبدو أن موجةً ثالثة من وباء كورونا بدأت تنتشر في بعض المحافظات اليمنية بعد ارتفاع وتيرة تسجيل إصابات جديدة خلال الأيام الماضية.
كانت وزارة الصحة التابعة للحكومة الرسمية، قد أعلنت في 17 آب/ أغسطس 2021، عن تسجيل أكبر عدد من الإصابات اليومية بالفيروس، منذ انحسار الموجة الثانية أواخر أيار/ مايو الماضي، وصلت لـ 39 إصابةً في محافظات عدن ولحج ومأرب وتعز وأبين وحضرموت، بينها حالتا وفاة.
وبهذا سيكون عدد حالات الإصابة المؤكدة، منذ بدء الجائحة في نيسان/ أبريل 2020 في مناطق نفوذ الحكومة الرسمية قد وصل إلى 8230 إصابةً، منها 1541 حالة وفاة، بحسب آخر إعلان للجنة العليا للطوارئ ومواجهة وباء كورونا المستجد، التي وجّهت في 8 أيلول/ سبتمبر الجاري، بإيقاف الأنشطة الرسمية والفعاليات، لمواجهة الموجة الثالثة من الوباء، وذلك بعد أيام من وصول 151 ألف جرعة من لقاح “جنسن” مقدمة من الولايات المتحدة الأمريكية، مع العلم أن قدرات الرصد والإبلاغ لا تزال متواضعةً للغاية، ويقدّر أن هذه الأرقام لا تتجاوز 10 في المئة من نسبة عدد الإصابات المتوقع أنها موجودة في المجتمع.
المصدر : السفير العربي