تقرير _ أشواق الحميدي
لا يشعر علي الزبيري الذي يرتاد سوق الجبلي في العاصمة اليمنية صنعاء يوميا لشراء حاجته من القات بالخوف من الإصابة بفيروس كورونا المستجد، ولكنه يرى أن على السلطات نقل الأسواق إلى أماكن مفتوحة لمنع الازدحام.
ويقترح الزبيري – وهو من سكان صنعاء- أن يتم نقل اسواق القات إلى أماكن مفتوحة ويرفض إغلاقها بشكل كامل لأنها برأيه تمثل مصدر لمعيشة آلاف الأسر اليمنية.
ويقول: “نحن نطالب الحكومة بألا تغلق أسواق القات لأن الشعب اليمني يعتاش على القات. لكن يجب أن ينتقلوا إلى أسواق مفتوحة”.
وأشار الزبيري إلى أنه في حالة قامت الحكومة بإغلاق اسواق القات تماما فإنه ستواجه بموجة عاتية من الرفض الشعبي.
القات عادة اجتماعية
وتشير التقديرات إلى أنّ نحو 90% من اليمنيين الذكور البالغين يمضغون القات طيلة ثلاث إلى أربع ساعات يومياً كما تقوم الاناث أيضا بمضغ القات وكذلك الأطفال ولكن بنسبة أقل من الذكور البالغين.
ويتم مضغ القات في العادة في جلسات تضم مجموعة من الأشخاص يجلسون سويا لساعات في عملية تعرف محليا باسم “التخزين”.
ففي اليمن الواقع في جنوب شبه الجزيرة العربية والذي تمزقّه الحرب منذ سبع سنوات ويعاني من أكبر أزمة إنسانية معاصرة وفق الأمم المتحدة، يعد فيه استهلاك نبتة القات أمر متوارث عبر الأجيال ويتمتع بشعبية بالغة لدى السكان.
وفي اليمن حتى بعض الجلسات الحكومية تتخلّلها أحيانا عمليات مضغ للنبتة المخدرة. ويمكن رؤية رجال أمن في شوارع المدن اليمنية وهم يقومون بعملية “التخزين” خلال أداء عملهم وتكون عادة خدود هؤلاء منتفخة بفعل مضغ النبتة لفترة ثم إبقائها مخزنة خلف الخد الأيمن او الأيسر بحسب رغبة الشخص ليطول مفعولها.
تحدي الإغلاق
في الوقت الذي اغلقت معظم أسواق العالم أبوابها وقُيّدت حركة السكان لوقف تفشي فيروس كورونا المستجد، ظلت اسواق القات في اليمن مكتظة بالزبائن الآتين للتزود بالنبتة المخدرة غير مكترثين بقواعد التباعد الاجتماعي.
وخلال ذروة تفشي وباء كورونا في اليمن ظلت اسواق القات في صنعاء وعدن اكبر المدن اليمنية مكتظة بالزبائن رغم المخاطر من أن يساهم هذا الازدحام بتفشي فيروس كورونا في هذا البلد الذي يعتبر فيه تناول نبتة القات المخدرة تقليدا متوارثا وشعبيا. ولا يحترم الزبائن الذين يرتادون هذا السوق مسافة التباعد الاجتماعي التي ينصح باتباعها للوقاية من العدوى.
وظل زبائن بائع القات اليمني حمدان حسين يتوافدون يوميا على السوق المزدحمة لشراء النبات المنبه على الرغم خلال الفترة التي شهدت تفشي جائحة كورونا في اليمن رغم مخاوف الأطباء من أن يساهم مضغه في جلسات جماعية وبصقه في انتشار الفيروس.
وقال حسين لوكالة رويترز “لي 17 سنه مقوت (أبيع قات) والله العظيم كلهم الزبائن حقي ما غاب واحد…مدخولي (مصدر دخلي) يومي ما نقدرش نغيب(نتوقف عن العمل)”.
وفرضت إجراءات صارمة لحظر التجوال في معظم المدن اليمنية وأغلقت المساجد والمدارس والجامعات والمحلات التجارية لمنع تفشي فيروس كورونا لكن اسواق القات ظلت مفتوحة أمام زبائنها.
السلطات تفشل في غلق اسواقه
وتخوفا من تساهم اسواق القات في مدينة عدن العاصمة المؤقتة لليمن أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي المتحكم بزمام الأمور في المحافظة قرارًا بمنع إدخال شجرة القات وإغلاق أماكن بيعه مدة أسبوعين، ضمن سلسلة إجراءات لمكافحة الجائحة المتفشية في جميع أنحاء العالم.
لكن إجراءات منع دخول وبيع شجرة القات في اليوم التالي للمنع فشلت في تنفيذه.
وقال سكان محليون إن “إجراءات منع دخول القات وبيعه في محافظة عدن فشلت، بعد أن شوهدت بعض أسواقه في مدينتي دار سعد والمعلا مفتوحة أمام زبائنها”.
وذكر بعض السكان، أن الأجهزة الأمنية حاولت إغلاق الأسواق في مدينتي المعلا ودار سعد ومنع البيع، تفاديًا للتجمعات وتنفيذًا للإجراءات الاحترازية.
وفي مدن ومحافظات أخرى حاولت السلطات فيها غلق اسواق القات ومنع دخوله إليها إلا أنها فشلت في ذلك.
بدلا من اسواق القات
و في إطار الحلول البديلة لأسواق القات كان خيار التوصيل المنزلي لنبتة القات يبدو الخيار الأمثل في ظل تفشي فيروس كورونا في البلاد بدلا من الذهاب إلى السوق كما بدأ يفضّل بعض محبي القات.
ويؤكّد تاجر القات غالب الهصيمي أنه بعد تفشي فيروس كورونا في دول الجوار وبينها السعودية وسلطنة عمان “أصبح التجار والسياسيون يخافون من انتقال العدوى إليهم ، ويشترطون ألا يقوم أحد غيري بلمسه وأقوم بإرساله إليهم إلى المنزل”.
واختار عمر الإبي 32 عاما أن يطلب من تاجر القات الخاص به ايصال طلبيته إلى المنزل.
ويقول “يقوم أكثر من خمسين شخصا بلمس كيس القات الواحد” في السوق، لذلك “القات الخاص بي يأتي إلى منزلي”.
ويضيف “لا سمح الله إذا وصل فيروس كورونا إلى اليمن فسيكون القات السبب الأول لانتشار الفيروس بشكل سريع جدا لأن أسواق القات فيها أكبر ازدحام للمواطنين”.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.