خولة خالد
تلعب مرحلة الطفولة ولا سيما السنوات الست الأولى دورًا مهمًا في تنمية شخصية الطفل بمساعدة ومساندة من والديه والمحيطين به وتشكل هذه المرحلة حجر الأساس في بنائه النفسي والاجتماعي.
ويشير أستاذ علم النفس إبراهيم محمد إلى أنه كلما كان بناء الأسرة قويًا ومتينًا كان البناء النفسي للطفل صحيًا، إذ يشعر الطفل بأنه مرغوب فيه ما يجعله يشعر بالحب والحنان والاهتمام فيقدر ذاته وينعكس ذلك على تعامله مع أقرانه.
ويحدث عكس ذلك إذا تعايش الطفل في أسرة مضطربة ترزح تحت النزاعات المتواصلة التي تنتهي غالبًا بالطلاق الذي يؤدي إلى التفكك الأسري وضياع الأبناء.
يشير أستاذ علم النفس إبراهيم محمد إلى أنه كلما كان بناء الأسرة قويًا ومتينًا كان البناء النفسي للطفل صحيًا
قصة ألم
أحمد ذو التسعة أعوام يعيش حياة مشتتة منذ خمس سنوات ويعاني من تشوه خلقي في منطقة الحوض “حيث يمتلك نصف حوض فقط” وانحناء في العمود الفقري.
بالرغم من حبه لوالديه إلا أنه حزين جدًا بسبب انفصالهما ويقول عن نفسه دائمًا أنا فقدت بيتي أماني فلا أملك بيتًا يجمعني بوالدي كبقية أصدقائي فأنا أعيش مشتتًا متنقلًا من بيت لأخر
عاش أحمد مواقف مؤلمة يضطر عندها لمواجهه زملائه عندما يسألونه عن سبب مشيته العوجاء فيعجز عن الإجابة ويحاول إخفاء نفسه عنهم منطويًا خجلًا وبداخله شعور قوي بالنقص والحرمان.
أحمد بالرغم من حبه لوالديه إلا أنه حزين جدًا بسبب انفصالهما ويقول عن نفسه دائمًا أنا فقدت بيتي أماني فلا أملك بيتًا يجمعني بوالدي كبقية أصدقائي فأنا أعيش مشتتًا متنقلًا من بيت لأخر.
وعندما اجتمعنا بوالدة أحمد وحاولنا أن نستفهم منها عن وضع ابنها فكان ردها: أنه غير قادر على السيطرة والتحكم بمشاعره فهو دائم البكاء خاصة عند مشاهدته لأصدقائه وهم يلعبون كرة القدم حيث أنه يدرك حقيقة عجزه عن الجري وهو مطلب بسيط لا يكلف شيئًا.
يعيش حياة مشتتة منذ خمس سنوات ويعاني من تشوه خلقي في منطقة الحوض “حيث يمتلك نصف حوض فقط” وانحناء في العمود الفقري.
حياة معقّدة
محاولات عدة بُذلت ليكون أحمد في مساره الصحيح لكنها باءت بالفشل إذ تؤكد والدته” أنها عانت كثيرًا مع والده في محاولة إقناعه بإدخال أحمد إلى مدرسة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة تهتم به وتوفر احتياجاته لكنه كما تقول رفض ذلك تمامًا بسبب سوء الأحوال المادية فأدخله إحدى المدارس الحكومية والتي كانت تمثل كثيرًا من المعاناة لدى أحمد حيث لم يستطع التأقلم مع أقرانه بسبب الازدحام وعدم تقبلهم لإعاقته فقد وجد كثيرًا من السخرية التي آلمت روحه ولم يجد الإنصاف من قبل المعلمين نتيجة ضيقهم من الازدحام وجهلهم بكيفية التعامل مع حالته وتوفير البيئة المناسبة له”.
يلعب العامل النفسي دورًا كبيرًا في حالة الطفل سواء على الصعيد الاجتماعي أو الصحي
وعندما قمنا بمقابلة الوالد وجهنا إليه سؤالنا حول موقفه من حياة ابنه ومعاناته فكان رده قاسيًا متعذرًا بعجزه وعدم قدرته على تغيير الوضع بسبب سوء أحواله المادية وكثرة حدوث الانفصال والتشتت في أسرتهم.
تبعات أخرى
وتبقى هذه العيشة سببًا لتراكمات نفسية صعبة تؤكدها أستاذة علم النفس والاجتماع “حواء الروحاني” التي تقول: “يلعب العامل النفسي دورًا كبيرًا في حالة الطفل سواء على الصعيد الاجتماعي أو الصحي فالطلاق الذي تم بين الأب والأم كان له أثر بالغ على نفسية الطفل وتقبله لكل ما يدور حوله مما جعله غير قادر على تحمل الآلام والعبء الذي عليه معًا”.
يتمنى أحمد الشفاء وأن يعيش مع والديه في بيت واحد يسوده الحب والألفة كبقية الأطفال، في السياق يؤكد طبيب العظام محمد صالح أن أحمد عرضة للإصابة بالشلل التام في مرحلة المراهقة إذا لم يجرِ العملية بشكل مستعجل في خارج اليمن حيث يبلغ تكلفتها خمسة وعشرين ألف دولار وهذا ما يخيف أحمد وينغص عليه حياته، حسب تعبيره.
تستمر حالة هذا الطفل في انتظار تدخل إنساني يفضي إلى تدخل جراحي يخرج أحمد مما هو فيه وليس أمامه سوى الانتظار عل أحدهم يرسم ابتسامة على محياه طال انتظارها، بعد سنوات من الشتات والألم، والمعاناة التي لا حصر لها.
“تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة التي يديرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وبتمويل من اليونيسف (منظمة الطفولة)”.