المواطن/ تعز ـ خاص
من منافذ إنسانية يعبرها مئات المسافرين يوميًا، إلى منافذ تهريب.
تحولت الطرق الفرعية في ريف تعز الغربي، الى منافذ تزدهر فيها تجارة تهريب المشتقات النفطية والسجائر والمواد الأخرى قادمةً من المناطق المحررة، إلى المناطق التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي الانقلابية، ويحتدم الصراع بين قيادة القوات الحكومية والأهالي الذين يرفضون التهريب عبر مناطقهم، إلى ميليشيات يقولون إنها تفرض حصارًا على مدينتهم منذ ما يزيد خمس سنوات.
ذاك التحول بدء قبل عامين، بتهريب السجائر عبر طريق مفرق البيرين في مديرية المعافر، مرورًا بعزلة الشراجة، إلى عزلة بني بكاري ومقبنة، وصولًا إلى مدينة البرح التي تسيطر عليها ميليشيات الحوثي. وقال مصدران، إن 45مركبة ذات دفعٍ رباعي، تعبُر مرتين في الأسبوع محملة بالسجائر المهربة مقابل مئة ألف ريال تدفعها المركبة الواحدة لكل نقطة عسكرية على امتداد الطريق، إضافة إلى مبالغ أخرى تُدفع لقيادات عسكرية تقود جبهات الكدحة، والاشروح، ومقبنة، ومن الألوية التي تعد الجبهات الثلاث مسرح عملياتها.
وقال أحد المصادر، إن هذه الشحنات تصل من مديرية طور الباحة بمحافظة لحج، ومن ثم إلى مديريات الحجرية، قبل وصولها إلى مديرية جبل حبشي بريف المدينة الغربي. وشكك مصدر مطلع في حمولة هذه المركبات، ولم يستبعد أن تكون محملة بمواد أخرى، فهي لا تُفتش في جميع النقاط العسكرية، وفق ما يؤكده، مُضيقًا، أن القوات الحكومية المنتشرة على طول طريق جبهات الكدحة والاشروح ومقبنة، تقوم بتأمين هذه المركبات، وتمنع تفتيشها.
على أن هذا التهريب تراجع مؤخرًا وبات يحدث مرة كل شهر، وأفسح المجال لتهريب المشتقات النفطية الذي ازدهرت تجارته خلال الأشهر الماضية بشكل أكبر. وعبر ذات الطريق تعبر يوميًا مئات المركبات كالدينات والدفع الرباعي، محملة بأطنان من المشتقات النفطية إلى مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، حيث تنعدم هناك المشتقات النفطية.
وقال أحد سائقي المركبات المحملة بالمشتقات النفطية وهي دفع رباعي، إنه يدفع مبلغ خمسة وأربعين الف ريال لنقطة تابعة لجبهة الكدحة، ومثل هذا المبلغ لنقطتين احدهما تتبع جبهة الاشروح، والثانية، تتبع جبهة مقبنة, مضيفًا، أن سائقو الدينات المتوسطة يدفعون خمسة وسبعين الف ريال، أما دينات أخرى فتدفع مئة الف ريال عند كل مرة تعبر فيها هذه الطريق.
وأكد ذلك، مصدر عسكري ميداني في جبهة الاشروح، وأضاف إلى ما ذكره المصدر السابق، أن هذه المبالغ توزع بين قيادة الجبهة، ومدير المديرية فارس المليكي، وقائد الشرطة العسكرية العميد محمد سالم الخولاني. وأزاد، أن الأخير فرض عشرة الف ريال عن كل مركبة دفع رباعي، وخمسة عشر ألف ريال عن كل دينة تمر عبر الخط.
وجاء ذلك، بعد خلاف نشب بين قيادة وبعض افراد جبهة الاشروح، على قضية التهريب، حيث تدخل قائد الشرطة العسكرية وحاول استلام نقطة نقيل ذليمة في الاشروح، وهي التي تتحصل المبالغ، قبل أن يصل الطرفين إلى تسوية حصل فيها قائد الشرطة العسكرية على تلك النسبة. غير أن الخلاف لم يقتصر بين قيادة الجبهة وافرادها، وامتد ليشمل الأهالي، الذين يرفضون تهريب المواد المشبوهة إلى ميليشيات الحوثي، إضافة إلى تضرر النقيل الذي تم رصفه على حسابهم بفعل مرور الدينات الثقيلة المحملة بالمشتقات النفطية.
وفي هذا السياق قال للمواطن الناشط رامز الشارحي، إن نقيل ذليمة، تم رصفة بمبادرات من أهالي منطقتي الاشروح ومدهافة، وإنه بات مهدد بالتدمير، بسبب الدينات الثقيلة التي تمر عليه، قبل أن يضيف، أن الأهالي طرحوا مبادرة تخصيص نصف المبالغ المأخوذة لإصلاح وترميم النقيل، وهو ما قوبل بالرفض من قبل قيادة الجبهة، الأمر الذي رفع حدة الخلاف بينها وبين الأهالي الذين طالبوا بمنع مرور المشتقات النفطية والمواد المشبوهة نهائيًا عبر الطريق.
وبحسب الشارحي فإن اجمالي ما تحصل عليه قيادة جبهة الاشروح في الشهر يصل إلى اكثر من سبعين مليون ريال وفي سنة اكثر من سبعمئة وعشرين مليون ريال، وترفض تخصيص أي مبلغ من هذه المبالغ التي تُدفع دون سندات رسمية، لإصلاح النقيل.
وقال مصدر محلي، إن قوات امنية داهمت قرى مدهافة واعتقلت عدد من المواطنين، عقب منعهم طقم عسكري حاول اعتقال احد المواطنين الذين منعوا مرور المشتقات النفطية.
وهنا تجدر الإشارة، إلى إقرار اللجنة الأمنية في المدينة بمنع عملية تهريب المشتقات النفطية إلى خارج المحافظة، وحملت الألوية والوحدات التي تقع النقاط في نطاقها المسؤولية الكاملة.
وقال الناشط الشارحي، إن أطقم في الحملة الأمنية اقتحمت منزل اسرته في الاشروح، واختطفت والده الذي أقعده مرضي الضغط والفشل الكلوي، قبل أن تفرج عنه، مشيرًا، إلى قيامها ايضًا باعتقال مدنيين، وقال، إن ” خلايا اللواء17 تلاحق شبابنا الرافضين لعملية التهريب، بعد اقتحام القرية واعتقال مجندين ومدنيين رفضوا استمرار عملية التهريب”.
ومع ازدهار التهريب، تجمدت المعارك في جبهات ريف تعز الغربي، وفق إفادات سكان محليون، يقولون، إن الجبهات كانت تشهد معارك متواصلة يومية أشدها كانت في جبهة مقبنة، لكنها في الأثناء، توقفت تمامًا، لإفساح المجال امام التهريب، ولا يبدو، أن هذا التجميد مؤقت أو على وشك الانتهاء.