المواطن/ كتابات _ أ.جمال عبدالمولى
لسنا بصددِ التعريفِ عن الكارثةِ وماهيتِها ..فهذاالأمرُ أصبحَ معروفا ولاحاجةَ إلى من يشرحُ لنا ذلك،فقد أصبحت ممتزجةً بالهواءِ الذي نتنفسُه،بل صرنا خبراءَ في فهمِ أبعادَها ،مقاصدَها ومعانيَها . إنما الحديثُ يكون حين يعلمُ المرءُ بذلك ولا يحرِّكُ ساكنا !
ما نودُّ قولَه ونعملُ على إثارتِه مُجدداً، هو السؤالُ عن درجةِ الاستعدادِ لمواجهتِها، أيٍّ كانت هذه الكارثةُ أو تلك، إذ نجدُ أنفسَنا مُجبَرين على العملِ أُفُقيا،في ظلِّ حالةِ الغيابِ والتخبُّطِ واللامبالاةِ من قِبَلِ القائمين والمسئولين عليها.
عندما يكونُ لديك جهازاً إدارياً وحكومياً لتنفيذَ مختلفِ الأعمالِ والأنشطةِ التي هي من صُلبِ واجباتِه والتزاماتِه، نجدُه يميلُ ويتدحرجُ نحو التكسُّبِ الشخصي من الوظيفةِ العامةِ، مما يضعُه في دائرةِ الانصياعِ التامِّ لإغراءاتِ الغَير،فيضربَ بمصلحةِ الوطنِ والمواطنِ وحاجاتِه الأساسيةِ عَرضَ الحائط .. و هذه أمُّ الكوارثِ جميعا،كَونُها سترتبطُ بالتفريطِ والإهمالِ للوظيفةِ العامةِ، كما تدفعُ بالفسادِ قُدُما إلى مختلفِ الفئاتِ يميناً و يساراً، و هنا الطامةُ الكبرى و يتمُّ تعميمَ الفسادِ وتعمُّ الفَوضى!!!
الأمطارُ الشديدةُ والرياحُ العاتيةُ والزوابعُ ..؟
ماهي استعداداتُ الجهاتِ المختصةِ إعتبارا من التنبُؤِ بها، ومن ثَمَّ التخطيطُ الجيدُ لمواجهتِها.
من أهمِّ مُخرجاتِ الاستبيان،أنه لابدَّ من معرفةِ مُخططاتِ المُدنِ ومساراتِ تدفُّق السيولِ وهبوبِ الرياح وقوَّتِها،من أجلِ حمايةِ البُنى الأساسية” أو ما تبقى منها” !,وإنشاءِ الدُّعاماتِ لها وحشدِ الإمكاناتِ والتعبئةِ العامةِ لامتصاصِ وتخفيفِ الدَّمارِ المُتَوقع !!!
و الدفاعُ المدنيُّ ؟
ماذا لديه من إمكانات ؟وماهي خطتُه لمواجهةِ الكوارثَ والحرائقَ والإنهيارات في التربةِ والمنشآتِ والمنازلَ والمزارعَ والسدودِ وغيرِها ؟ وبالتنسيقِ مع الجهاتِ ذاتِ العلاقةِ..
و القطاعُ الصحيُّ ؟
ماهي استراتيجيتُه لصحةِ البيئةِ والسُّكان ؟،وماهو العددُ التراكُمي الممكنُ لزيادةِ استيعابِ الحالاتِ المرضيةِ والطارئةِ ؟ مثلُ الحمِّيات وجائحةِ كورونا …وماذا عُمِل لوقفِ المُبيدات القاتلةِ عندَ التداوُلِ والمتفجرة عندَ خزنِها بالاطنان !! وبالتنسيقِ مع الزراعةِ والصناعةِ وبقيةِ الجهات .
المياهُ والصرفُ الصحيُّ ؟
في موسمِ الأمطار ؟ماهي الاستعداداتُ لخزنِ ومعالجةِ وإعادةِ تحويلِ المياهِ إلى المُستهلك ،بدلا من الإنتظارِ لرؤيةِ كم عددِ الخسائرَ الماديةِ والتي تجرفُ معها البشرَ،والحيواناتِ وكلَّ ما يعترضُ طريقَها …
عندئذٍ فقط ستكون أمطارَ خيرِ،ونُعَوِّلُ على هذا القطاعِ بالكثيرِ من الإنجازاتِ، وفقا للدراساتِ والأنشطةِ التي يقومُ بها، والتي تحتاجُ إلى تجسيدِها عمليا،خاصةً ونحن في زمنِ”حربِ المياه”والذي أصبحَ جمرةٌ تحت الرَّماد.
ونسألُ هنا إدارةَ المياهِ ؛ كيف في موسمِ الأمطارِ والمواطنُ بلا ماء !!!!!
حماية المدن ؟
أين مخططاتُ المدنِ الأساسيةِ من خرائطَ ودراساتٍ ومشاريعَ وغيرِه ؟ لماذا لا يتمُّ طلبُها ممن أنشأَ هذه المدنَ ، منذُ قرنٍ وأكثر، أقصدُ فيما يخصُّ مخططاتِ مدينةِ عدن كي نستطيعَ الإجابةَ على السؤالِ : لماذا أصبحت مياهُ الأمطار تغمر ُالمدينةَ،ولا تمرُّ عبرَ المساراتِ السابقةِ الى البحر ؟ هنا ستطرأُ إجابةٌ فوريةٌ من القاريءِ الكريم بأهذا واضحٌ بسببِ البناءِ العشوائي ، نعم هو ذاك… ولكن أيضا ماهي المصارفُ المغمورةُ تحتَ الأرض ؟ وماهي غرفُ قنواتِ الصرفِ الصحيِّ ؟ وكم عددُها ؟ والتي تم سدَّها ، بسببِ أعمالِ التخريبِ المتعمدةِ خلالَ العقودِ القليلةِ الماضية ؟؟؟؟؟
و الكهرباء ؟
لماذا هذا العبثُ بالمواطن،وقطعُ الخدمةِ بمناسبةٍ ودون مناسبة …بل واستغلالُ أي حدثٍ،سواءَ أمطارٍ،رياحٍ،فئرانٍ،طيورٍ وثعابينَ لتحميلَها مسئوليةَ انقطاعِ الكهرباء ,
والحقيقةُ أن هناك سرقةُ المازوت المشغِّلُ للمحطات فيما يبدو ،وهناك أيضا صراعُ الهوامير للإستحواذِ على أعمالِ استيرادِ النفطِ الخاصِ بالمحطات…وهذا أمرٌ أصبح معروفا للجميع !!!!
صحةُ البيئةِ ؟
لماذا هذه الأكوادُ والهضابُ من “الكداديف” الزبالات ؟ في جميعِ الشوارعِ ؟ وماهي الخطةُ البديلةُ لإستبدالِ الاكياسِ البلاستيكيةِ النايلون المضرِّ بالصحةِ والبيئةِ بل ويقتلُ التربةِ ؟ وهي سببٌ رئيسيٌّ في انسدادِ بعضِ قنواتِ الصرفِ الصحيِّ ، وطفحِ المجاري.
العشوائيات ؟
هي أحدُ العوائقَ التي تدمرُ المدنَ،وتشوِّهُ الذَّوقَ العام، وتختنقُ التهويةَ وممراتِ المياهِ،وتقضي على الطبيعيةِ السياحيةِ للمدنِ ! لماذا هذه الفَوضى،والتي طالت حتى أحواضَ معالجةِ الصرفَ الصحيّ، و المقابرَ، و الجبالِ و أرصفةِ الشوارعِ، و أاسقفَ البنايات، و المنشآتِ الحكوميةِ ، وطالت حتى المتنفساتِ البحرية !!!!!
التعليمُ ؟
كم عددُ الخريجين من الثانويةِ العامةِ ؟ والذين يتمُّ منحَهم علاماتِ نجاحٍ وبنسبٍ مرتفعةٍ لم يكن يحلمُ بها حتى أوائل الجمهورية ؟ قبلَ عقودٍ قريبةٍ لذلك الزمنِ الجميلِ، رأينا الطالبَ لا يستطيعُ أن يكتبَ جملةً مفيدةً،أو يحلَّ معادلةً من الدرجةِ الثانية !!!
العدل ؟
إذا كان القاضي لا يستطيعُ أن يحكمَ بالعدلِ ، وإذا حكمَ لا ينفذُ حكمُه،عن اي عدالةٍ ومساواةٍ يمكنُ أن نتحدثَ ؟،بل وترى القاضي يعلنُ إضرابا من أجل الحصولِ على حقوقِه الوظيفية !!!
الكارثةُ هي ذلك النزيفُ من الدماءِ : الفقرُ و الجهلُ والمرضُ،والدمارُ شِبهُ المتكاملُ لحواضرِ المدنِ وتحويلِها إلى قرىً منعدمةَ الخدماتِ الأساسية !!!!
الكارثةُ تكمنُ في أهمِّ مُكوِّنٍ لِما سَبقَ ذِكرُه: إنه الأمنَ والأمانَ والسلامَ المُجتمعي!!!!
فأين نحنُ من ذلك ؟؟؟
نحنُ في تلك الحفرةِ السوداء ،إذا لم تتمَّ المعالجاتُ السريعةُ والعاجلةُ للزوبعةِ التي ربما ملامِحُها قد تشكّلَت في الأفقِ البعيدِ مما يتطلبُ أن نتقدمَ إلى مستوى ماقبلِ الكارثة أولا.