UN Photo/Eskinder Debebeمجلس الأمن يعقد اجتماعا حول اليمن عبر تقنية الفيديو. وموظفو الأمم المتحدة في استديوهات المقر الدائم يسهلون نقل الاجتماع. 16 نيسان/أبريل 2020السلم والأمن
بين التفاؤل في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في عموم اليمن، والتحذير من الأزمة الإنسانية المتفاقمة، قدّم المسؤولان الأمميان مارتن غريفيثس ومارك لوكوك صورة للأوضاع الحالية وتوقعات للمستقبل بشأن اليمن، في ظل تفشي جائحة كورونا، وذلك في إحاطة أمام مجلس الأمن يوم الخميس عبر تقنية الفيديو.
وتأتي الجلسة بعد ظهور أول حالة إصابة موثقة بالفيروس التاجي في 10 نيسان/أبريل في اليمن وتزامنا مع جهود مبعوث الأمم المتحدة إلى البلاد، مارتن غريفيثس، لتقريب وجهات النظر بين الأطراف المتنازعة أملا في استئناف العملية السياسية والسلمية.
وقال غريفيثس في بداية الجلسة: “ثمة فرصة سانحة لإحلال السلام في اليمن، وهذه الفرصة جاءت مع مواجهة الدولة أصعب أيامها، وفي حين يتواصل التصعيد العسكري على جبهات عديدة منذ ثلاثة أشهر، إلا أن مجيء كـوفيد-19 يهدد بتعميق معاناة اليمنيين.” وأشار إلى أن هذه لحظة مواتية أكثر من أي وقت مضى كي تلتزم الأطراف بإسكات البنادق وبإنهاء النزاع عبر الحل السياسي والسلمي. وأضاف: “اليمن لا يستطيع خوض معركتين في وقت واحد: الحرب والجائحة. وهذه المعركة الجديدة في قتال الفيروس قد تستنزف قدرات اليمن، وأقل ما يمكننا فعله هو وقف هذه الحرب لنوجه انتباهنا إلى هذا التهديد الجديد.”
غريفيث لـ #مجلس_الأمن: “هناك فرصة سانحة لإحلال السلام في ً#اليمن الذي يمر بوقت صعب للغاية.فقد استمر التصعيد العسكري على عدة جبهات على مدار 3أشهر،ويهدد وباء #كوفيد_19 بتعميق معاناة اليمنيين.ليس هناك وقت أفضل ليلتزم الأطراف بإسكات البنادق وإنهاء النزاع عن طريق حل سياسي سلمي
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، قد وجّه نداء في 25 آذار/مارس، دعا الأطراف اليمنية فيه إلى وقف القتال، وهي دعوة لاقت ترحيبا من قبل حكومة اليمن وأنصار الله وغيرهما من القادة السياسيين والمجتمع المدني والمجموعات النسائية. وفي 8 نيسان/أبريل، أعلنت قوات التحالف بقيادة السعودية وقف إطلاق النار من جانب واحد، وهو ما اعتبره السيّد غريفيثس مهما لخلق بيئة مواتية لنجاح الجهود التي تقودها الأمم المتحدة من أجل السلام. “هذه إشارة واضحة بالالتزام بحل سياسي للنزاع ودعم جهود الأمم المتحدة في اليمن.”
ثلاث مقترحات أمام الأطراف
نضاعف جهودنا لتجسير أهم نقاط الخلاف العالقة بين الأطراف، قبل أن نجمعها في لقاء لمناقشة الاتفاقات على الطاولة وتثبيت تلك الاتفاقات ونشرها — مارتن غريفيثس
وأكد غريفيثس أمام مجلس الأمن أنه لا يجب الاستهانة بمطالب الطرفين، وأن هذا هو وقت “القرارات الصعبة” وقال: “قدمت ثلاثة مقترحات للطرفين، الأول يتعلق بوقف إطلاق النار في عموم البلاد، والثاني يتعلق بالإجراءات الإنسانية والاقتصادية المهمة التي يمكن أن تشمل إطلاق سراح سجناء وموقوفين وفتح مطار صنعاء الدولي ودفع رواتب موظفي الحكومة وفتح طرق الإمداد وضمان دخول المستلزمات الضرورية عبر ميناء الحديدة، كل ذلك ضروري للحرب على كوفيد-19. أما الاقتراح الثالث، فيتعلق باستئناف عاجل للعملية السياسية.”
وأفاد غريفيثس بأنه يتوقع التوصل إلى اتفاق بشكل رسمي في المستقبل القريب مع الأطراف اليمنية، مشيرا إلى إحراز تقدم جيد فيما يخص التوصل إلى توافق على المقترحات وخاصة على مبدأ وقف إطلاق النار في عموم اليمن. وقال “نضاعف جهودنا لتجسير أهم نقاط الخلاف العالقة بين الأطراف، قبل أن نجمعها في لقاء لمناقشة الاتفاقات على الطاولة وتثبيت تلك الاتفاقات ونشرها.”
وحذر غريفيثس من استمرار الأعمال العسكرية على عدّة جبهات، معربا عن خشيته من التوصل إلى اتفاق في حين تبقى مأرب مركز ثقل الحرب، داعيا إلى التعجيل في التوصل إلى وقف القتال في الوقت الذي يتواصل انتهاك وقف إطلاق النار في الحديدة. وقال: “من المهم أن يستأنف الطرفان عمل لجنة تنسيق إعادة الانتشار والآليات المشتركة.”
لوكوك يستعرض 5 أولويات
من جانبه، أكد منسق الشؤون الإنسانية والإغاثة في حالات الطوارئ أن أكثر من خمسة أعوام من الحرب دمرت البنية التحتية الصحية لليمن وأنهكت نظام المناعة لدى الشعب وزادت من حالة الضعف الشديد في البلاد.
منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة مارك لوكوك يستمع إلى النازحين في مخيم للمشردين داخليا في صنعاء، اليمن. 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2018.
وقال في كلمته أمام مجلس الأمن: “يحذر خبراء الأوبئة من أن انتشار كوفيد-19 في اليمن قد يتفشى بسرعة أكبر وعلى نطاق أوسع وقد يحمل عواقب أكثر فتكا من أي دولة أخرى. بعبارة أخرى، إن الوقت يداهمنا.”
وحدد لوكوك خمس أولويات أمام وكالات الإغاثة الإنسانية: أولها حماية المدنيين، ثانيها الوصول الإنساني، ومن ثمّ التمويل والاقتصاد والتقدم المحرز فيما يتعلق بالسلام.
حماية المدنيين
أشار المسؤول الأممي إلى أنه في الربع الأول من العام، ارتفع عدد الإصابات بين المدنيين كل شهر مع مقتل وإصابة أكثر من 500 شخص- واحد من بين كل إصابة طفل؛ وفي الجوف واحد من بين كل إصابتين طفل-. وقال: “منذ كانون الثاني/يناير، فرّ بسبب النزاع 60 ألف شخص على الأقل في الجوف والمناطق المحيطة، ومعظمهم وصل إلى مأرب حيث يقيم فيها أكثر من 800 ألف نازح منذ 2016.” وحذر لوكوك من أنه لو انتقل القتال إلى أعماق مأرب فسيتسبب ذلك بنزوح أكثر من مليون شخص.
منذ كانون الثاني/يناير، فرّ بسبب النزاع 60 ألف شخص على الأقل في الجوف والمناطق المحيطة، ومعظمهم وصل إلى مأرب حيث يقيم فيها أكثر من 800 ألف نازح منذ 2016 — مارك لوكوك
وتقدم المنظمات الإنسانية مساعدات لنحو 13 مليون يمني كل سنة. وتحدث لوكوك عن الصعوبات التي تواجه الوصول الإنساني إلى المناطق التي تعدّ بحاجة ماسة لمساعدات الوكالات الأممية، وتأخير طواقم الإغاثة على نقاط التفتيش وغيرها من القيود المفروضة عليهم، والمعيقات البيروقراطية وانعدام الأمن.
وبحسب لوكوك، فإن المنظمات الإنسانية تنتظر مصادقة الحكومة على 43 مشروعا من شأنها أن تساعد 2.3 مليون شخص، الكثير منها بانتظار المصادقة عليها منذ أشهر. وصادق أنصار الله على 13 مشروعا في بداية آذار/مارس، إلا أن 92 مشروعا آخر قيد الانتظار، من بينها 40 مشروعا تنتظر منذ أشهر.
التمويل والاقتصاد
وأشار لوكوك إلى أنه من بين برامج الأمم المتحدة الـ 41، من المتوقع أن يتوقف 31 برنامجا عن العمل في الأسابيع القليلة المقبلة، إذا لم يتم تأمين التمويل الإضافي. وقال: “ستضطر اليونيسف إلى وقف المساعدات الفورية للعائلات النازحة بسبب النزاع أو الكوارث الطبيعية. أي أن نحو مليون نازح لن يحصل على المستلزمات الضرورية، من بينها أدوات النظافة للوقاية من أمراض مثل الكوليرا وكوفيد-19. وسيتم خفض برامج التغذية مما سيؤثر على 260 ألفا من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد، ومليون طفل يعانون من سوء تغذية معتدل، هؤلاء سيصبحون أكثر عرضة للأمراض.”
وكالات الأمم المتحدة بحاجة إلى أكثر من 900 مليون دولار لمساعدتها على مواصلة عملها حتى تموز/يوليو — مارك لوكوك
وتقدّر منظمة الصحة العالمية بأن 80% من الخدمات الصحية ستتوقف مع نهاية نيسان/أبريل. وقال لوكوك: “نحتاج إلى الفرق الطبية أكثر من أي وقت مضى، ليس فقط من أجل مكافحة كورونا ولكن أيضا لمواجهة مخاطر الكوليرا التي ستعود مع موسم الأمطار.”
وتقدر وكالات الأمم المتحدة الحاجة إلى أكثر من 900 مليون دولار لمساعدتها على مواصلة عملها حتى تموز/يوليو. وحصلت الوكالات الإنسانية على نحو 800 مليون دولار هذا العام من التعهدات والإسهامات للاستجابة هذا العام، رغم أنها في نفس مثل هذا الوقت من العام الماضي حصلت على أكثر من ذلك بثلاث مرات، أي نحو 2.6 مليار دولار.
وأعرب لوكوك عن قلقه من آفاق الاقتصاد على المدى الطويل، مشيرا إلى حاجة الحكومة التي تعتمد على استيراد السلع بشكل كبير إلى العملة الصعبة لتحمل تكاليف الاستيراد.
© UNICEFأطفال صغار يسيرون في تعز المتضررة بسبب الصراع في اليمن وقد حصلوا على حقائب مدرسية جديدة في كانون الثاني-يناير 2020
كما يؤثر كوفيد-19 على الاقتصادات في الدول التي يعمل بها اليمنيون المغتربون، وقد توقعت مجموعة من الاقتصاديين وقادة القطاع الخاص انخفاض التحويلات بنسبة قد تصل إلى 70% في الفترة المقبلة، وهؤلاء اليمنيون المغتربون يحوّلون إلى البلاد 3 مليار دولار سنويا.
وفي ختام كلمته، أشار لوكوك إلى أن ملايين اليمنيين عانوا من سنوات من الحرب والحرمان. وقال: “تقدم كورونا فرصة فريدة لإعادة تنشيط العملية السياسية والتحرك نحو السلام وهي تعد بعواقب وخيمة إذا لم يحدث ذلك.”