المواطن/ كتابات ـ سعيد المعمري
غريب أمر هذه الدنيا . لقد جعلت الواحد منا حيران من أمره خاصة عندما يتعلق الأمر بواحد من أفراد أسرته ،
سيما إذا كان هذا الشخص مريضاً .
أو ما شابة ذلك ، أو في خالة حرجة من أمره ، وليس هناك يد من إنقاذه داخل الوطن ،
لإن الوطن مغدور . ومهدور الكرامة . ويعيش في حالة حرب قذرة .. منذ خمس سنوات بقدر لايزال أوضاعه تتقاذف به الأمواج . هنا وهناك ..
علاوة إلى إنه لا يمتلك الإمكانيات التي تؤهله بأن تقوم مراكزه ومستشفياته الطبية . بإنقاذ ذلك المريض
أياً كان ذكراً أم أنثى ، وبالتالي هو ما يجعل الأمور الأكثر صعوبه ، لإن الحياة أو الصحة أفضل شيء عند الإنسان ،
ولذا فقد كان من أهل المريضة وأقاربها . بأن يأخذوا تلك المسكينة . بعد إستكمال كافة الإجراءات المطلوبة
لها ولهم والسفر بها إلى القاهرة ، رغم التعامل الغير جيد .. من بدايته حتى وصول المريضة مطار القاهرة ..
وهي طريحة وفي حالة يرثى لها لا تقدر على النهوض بنفسها . وهذه هي حال الدنيا .. لا نستطيع الهروب منها ..
وعودة إلى بدء أقول ..
حال وصول الطائرة اليمنية ، إلى مطار القاهرة . وبالذات قبل نزول المريضة ومرافقيها .. إلى صالة الإنتظار ..
لعمل الإجراءات الخاصة بسفر القدوم .. من والى .. لكي يتمكنوا بعدئذ من الدخول إلى مدينة القاهرة ..
لم يكن من أولئك العاملين بالمطار .. إلا أن يطلبوا من المريضة مبلغ ٨٥٠ جنيهاً وذلك مقابل أخذها على السرير من سلم الطائرة إلى صالة الإنتظار .
ليس هذا .. فقط ..؟
وإنما بعد الإنتهاء من تلك الإجراءات الخاصة بالسفر .. طُلِّب أيضاً مبلغ ٨٠٠ جنيهاً .. حق هيئة الإسعاف إلى المستشفى الكائن في ميدان لبنان ..
لماذا ؟ أقول هنا ..؟
لأن المريضة هي يمنية .. وليست مصرية.. أو سورية.. أو سودانية ..أو فلسطينية .. أو خليجية .. أو من بلد عربي أو أجنبي آخر ..
رغم أن الكل يدرك بأن اليمن يمر بظروف حرب قاسية .. وبأوضاع إقتصادية سيئة للغاية فضلاً عن الحظر المفروض عليه .
وعلى دول العالم جراء فيروس كورونا أو ما يسمى ١٩ covid ومع هذا لم يغفر لذلك الوطن .. ولا لمواطنيه المساكين .
بالذات .. وليس لأولئك العتاولة .. ومصاصي دماء .. الشعب فهؤلاء لهم وضع آخر ..
.. نظرة دونية ..
لذلك أعود فأقول .. بإن النظرة ، إلينا هي نظرة دونية .. بقدر ما يتم التعامل مع الآخرين بمعايير مختلفة .. أو الكيل بمكيالين ..
بينما كان الأجدى أن تكون المعاملات واحدة لمواطني الدول العربية .. ولكن هذا هو حال اليمني إينما ذهب في دول العُربان ..
وليس العرب .. وبالتالي أقول لماذا هذا التمايز ..؟
أوضح هنا فأقول .. لإن اليمني .. ليس هناك من هو مسؤول عنه وعن مواطنيه.
وبالذات في بعض الدول العربية .. ومنها مصر .. وغيره .. لذلك نجد هنالك من يتعامل معنا بطريقة سيئة .. وغير لائقة للبته..
لإن مسؤولينا هم من وضعونا في هذه الدرجة الرخيصة .. التي لا تليق بنا .. بينما نحن .. بلد الإيمان والحكمة
كما قال : عنا رسولنا الكريم (ص) وكما قال : أيضاً إذا أتتكم الفتن فعليكم باليمن ..؟
وبالتالي لابد من إعادة النظر في مثل هذه الأمور .. لإنه لا يعقل أن يعامل اليمني بهذه الطريقة السيئة ..
دخول المريضة المستشفى ..
وعلى كل حال .. فقد تم وضع تلك المريضة .. بداخل ذلك المستشفى الكائن في حي ميدان لبنان بالقاهرة
وبعد أيام من دخولها ذلك المستشفى .. أجريت لها عملية جراحية .. لإنها كانت تعاني من مرض
أو ورم خبيث في رأسها .. وبتكلفة كانت أكثر من من ستين ألف جنيه مصري .
.. خروج المريضة ..
ولا يخفى إنه بعد خروج المريضة .. من المستشفى . إلى البيت .. ظلت لأيام معدودة حتى أنتكست مرة أخرى ..
.. أربع ساعات بالطارود..
وبالإشارة إلى ذلك .. يمكن القول .. إنه في ظل الإجراءات المشددة التي أتخذتها الحكومة المصرية بشأن
مواجهة فيروس كورونا . فقد تم نقل المريضة بعد جهد جهيد . إلى المستشفى السابق ورغم حالتها الخطيرة ..
فلم يتم التعامل معها كجانب إنساني ، حيث ظلت المريضة نحو أربع ساعات بالطارود .. أي خارج غرفة العناية ..
درن النظر إليها . في حين إنها كانت في حالة غيبوبة كاملة .. بينما عاملو وأطباء المستشفى يتهامسون . فيما بينهم ..
فما هو السرّ من ذلك ؟
من أجل الفلوس .. al money.. بينما محلات الصرافة كانت مغلقة في ذلك الوقت ورغم هذا فقد قام مرافقو المريضة بوضع جوازاتهم .
وكذا دفع أربعمائة دولار .. لدى الصندوق ومع هذا لم يغفر للمريضة .. من قبل إدارة المستشفى ..
حيث ظلت هناك مرمية بالطارود ..
فأي إنسانية .. هذه في بلاد العُربِّ .. والمسلمين ..
والأنكى .. والأمر في هذا .. هو عندما تظل المريضة ما بين الحياة والموت ، بينما أولئك الأطباء يذهبون لأداء الصلاة ..
تاركين المريضة في طارود المستشفى دون أن يلتفتوا إليها للبته
.. كلام ..
بقدر ما هنالك كلام رائع للمفكر الإسلامي علي شريعتي .. يقول فيه
(عندما يشبُ حريق في بيتك .. ويدعوك أحدهم إلى الصلاة .. والتضرع إلى الله فأعلم أنها دعوة خائن ، لإن الأهتمام بغير إطفاء الحريق .. والإنصراف عنه إلى عمل آخر هو الإستحمار .. حتى وإن كان عملاً مقدساً ..)
.. مقولة ..
وكذا هنالك مقولة مشهورة منسوبة إلى الإمام الشافعي .. رحمة الله عليه .. يقول فيها ..
( لا أعلم علماً بعد الحلال والحرام .. أنبل من الطب ، فالطب بما تحتويه من أسرار دفينه عن المرض والمرضى
يحتاج إلى فارس .نبيل يتمشق سيف الأخلاق الفاضلة ، ليخوض غمار معركة حياة الفرد نحو الشفاء )
..لا توجد إنسانية ..
إذن أين نحن من هذا الكلام الجميل في واقعنا العربي .. اليوم .. لا أعتقد .. بأن هنالك ذرة إنسانية في هؤلاء البشر ،
اللهمِّ الجري واللهث وراء المادة al money لا غير بينما هنالك في بلاد الفرنجة .. إنسانية ورحمة بالآخرين أكثر منا نحن العرب والمسلمين ..
.. دور لا يذكر ..
ليس هذا .. بل هناك ما هو أنكى .. أيضاً بأن تجد القائمون في السفارات اليمنية بالخارج لا يقومون بأي دور يذكر تجاه مواطنيهم
سواءاً في بلاد العُربِّ أو الفرنجة . ومن بينها سفارة اليمن في مصر .. وغيرها حيث عندما تتحدث معهم يقولون لك..
هذه سياسة دولة ..؟
ناهيك عن غياب دور مندوب اليمن لدى الجامعة العربية .. وهكذا تسير الأمور بهذه الطريقة الهوشلية في جميع السفارات اليمنية بالخارج والعاملون فيها ..
إلا من رحم ربي
وفي الأخير أقول :
رحمة الله عليك يا أم حسام ..ورغد.. وريم..
وبالإشارة إلى ذلك .. فقد توفت الفقيدة في يوم الأربعاء ٢٠٢٠/٤/٨م في ذلك المستشفى . ورحلت إلى مثواها الأخير
في المقبرة الخاصة بالموتى في محافظة الجيزة .. بعد مرض عضال ألم بها داخل الوطن وخارجه .. وبهذا المصاب الجلل
لا يسعنا إلا أن نعزي أنفسنا . ونعزي
أولادها الصغار .. وأخوانها .. وأبويها .
وأهلها جميعاً .. تغمد الله الفقيدة بواسع رحمته .. وأسكنها فسيح جناته
وألهم أهلها وذويها الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون..