المواطن/ كتابات – فهمي الصبري
هم لا يرون الله لكي يعبدوه بصدق؛ وإنما يرون المال ومن يعطيهم إياه ، فتبدأ مراسم (التأليه) بين كلٌ من المال ومالكه وآخذه ، فتصبح المال نقطة “تَحَوّل” بين الإنسان وخالقه وبين العقل والإغراء؛ فيحل المال وصاحبه (مالكه) محل “الإله” ، ويتحول العبد من كائن بشري مُفكر إلى “ريبوت” مصنوع وفق معايير إيدولوجية ، ويتم تحريكه بواسطة جهاز من نوع “إنسان” فاقد الإنسانية؛ ليتم توجيهه حسب “الإيدولوجية” المطلية بروح الله ، والمتجذرة (المتأصلة) بكسب المال وتقبيل الركب ، نحو صناعة الباطل ومحاربة الحق؛ وما يدفعه أكثر نحو الباطل يكمن عند توفر بيئة خصبة لإشباع “غرائزه” النفسية الشريرة من خلال تشريع وإتاحة كلٌ من (الجنس ، والنهب المُقَنن ، والقتل المُيسر ، والجُرم المُشَفر ، والسطو المُبَرر)؛ وبذلك يزداد إيمانه بأن أسياده الذين يراهم ويلتمس “فُتاتهم وملذاتهم” مصدر الوجود عما سواهم من الذين لا يراهم وأموالهم الورقية ومساكنهم الراقية وأحذيتهم الذهبية؛ بل إنه يستخدمهم “نزولًا” عند توجيهات وفُتات “آلهتهم” من البشر ، ليجعلوا منهم “سُلّمًا” للصعود نحو ملذاتهم…!
مثالًا أو صورة مُصغرة لهذا النوع من العبيد وهم كـ التالي :
1 ــ بعض أصحاب القسم الطبي الذين يتاجرون بمعاناة المخلوقات (بشر ، وحيوانات ، وطيور ، وحشرات)؛ فيخونون الله “طمعًا” بالمال ويؤمنون بأنه سر وجودهم وسعادتهم…!
وبالإشارة إلى الفقرة أعلاه فإنك إن سألتَ معظم طلاب الطب في اليمن ” فردًا فردًا” عن أسباب اختيارهم لمجال الطب؛ لوجدتَ أن عقلك كان صادقًا حين رأيتَ حالات المرضى تزادادُ سوءًا يومًا بعد آخر وهي تتنقل من طبيبٍ لآخر وتتلقى أنواع ــ السموم المصروفة طبيًا ــ حتى يتوفاهم القتلُ “سُمًا” قبل أن تتوفاهم أعمارهم؛ ولوجدتَ أن إجاباتهم على تساؤلك لن تخلو من رائحة المال “العفنة” التي من أجلها خانوا عهدهم مع الله ، وذبحوا الناس دون أن تتوفاهم آجآلهم ، ويتّموا “أُسرًا” وحطّموا آمالهم ، وأفقروا “أسرًا” حتى أصفرّت عيونهم ، وطفرنت أجيبهم ،وجُرّدت ثيابهم ، وخُلّست جلودهم ، وبُرّمَت لحومهم ، وأبيضّت عظامهم ، وأسودّت أيامهم ، وتبخّرت أحلامهم ، وتوفتهم منياتهم …!
2 ــ بعض أصحاب القسم العسكري فلن يكون مختلفًا عن سابقه؛ بل إنه يتعداه “جُرمًا” لما يخلفه من أثرٍ على (شعوبٍ وأممٍ وديِنٍ)؛ فهو يخون عهده مع الله ويَقتُل كما يَقتُل الطبيب وإن اختلفت وسائل القتل ، ويُؤمر ويؤجَّر كما يؤجَّر الطبيب ، ويؤطر كـ سابقيه ولاحقيه) …!
3 ــ بعض أصحاب القسم القضائي :
وإن اختلفت الوسائل فإن توجهاتهم “تَصُبُ” في إناء الشر؛ فـ ( هم يخونون عهدهم مع الله والناس والوطن كسابقيهم ولا حقيهم ، ويَقتلون الأبرياء بفتاويهم وأحكامهم وكذا يظلمونهم ويفسحوا الطريق لنهبهم والنيل منهم ، وهم ينفثون السموم من أفواههم ، ويَستغلون معرفتهم بالدين براءة الإنسان فيلدغون عقولهم ، ويؤطرون كـ سابقيهم ولاحقيهم) …!
4 ــ بعض أصحاب القَسَم الأكاديمي :
تختلف وسائل القتل نوعًا ما لكنها تُشبه القسم العسكري بحالات وتنسجم مع الأخرى بحالات ، وتخالف الجميع بحالات؛ لذا فـ بعض أصحاب القسم الأكاديمي يقومون بـ ( خيانة الله والأوطان والأديان والأخلاق ، وقتل وهدم الشعوب والأمم بل والمتمسكين بدياناتهم من خلال تجهليهم للناس ، والتمييز سواءً كان سياسيًا أو مناطقيًا أو سلاليًا أو طبقيًا أو قبليًا أو غير ذلك؛ ويقتلوهم ويهدموهم بالرشوةِ والمجاملةِ والقرابة والسطحية والغش وتُولّي (تنصيب) عليهم معلمين غير متخصصين ، ومصادرة مستحقات الطلاب والمعلمين؛ بل وتأطيرهم حسب الإنتماء ، أو الصعود على مجهوداتهم ، وإيلاج ثقافات سيئة ودخيلة على الثقافات الحميدة خاصةً في بلداننا العربية ، وتغريب لغتنا الأم وإهمالها؛ وغير ذلك…)!
5 ــ معظم أصحاب المبادئ الحزبية :
هم كـ سابقيهم وآتيهم من القتلة والناهبين والجبابرة والظالمين فهم يعملون على ( تمزيق الشعوب أو الأمم والأديان والمناطق والفئات؛ بل ويتعدى ذلك إلى قتل الأبرياء ونهبهم والإستقواء عليهم وتشريدهم وهدم منازلهم وتدمير بُنَاهم وأوطانهم وتخصيص الأموال العامة والإرتهان لقوى غربية غاياتها عبثية؛ وآخرون يجمعون بين السياسة والدين لـ استغلال براءة المواطن وضعف قوته عليه و …و …و …..إلخ.) .
6 ــ معظم مسؤلو الدولة واليمين الدستورية :
مسؤلو الدولة يمثلون السبب الأكبر في معاناة الشعب فهم : خانوا عهدهم مع الله والوطن وقتلوا شعوبهم وأسروهم وأقصوهم وحرموهم من أبسط حقوقهم ، وعبثوا بمقدراتهم ، وصنعوا العصابات لقتلهم وتهجيرهم ، ويعملون لأحزابهم وانتماءاتهم ، ويخصصون الأموال والأملاك العامة؛ وكل جريمةٍ في جغرافية الدولة إن لم تكن متبنيتها فإنها المسؤولة الأولى عنها…!
7 ــ معظم أصحاب القسم الإعلامي :
فلو أنك سألت طالب إعلام عن سبب دخوله مجال الإعلام والوظائف فيه نادرة وعلى الأرجح لا تؤتى إلا لمن أصبح مؤطرًا لصالح جهة العمل التي يعملُ فيها؟
فيرد : في الإعلام لن تستطيع الحصول على وظيفة ما دمت “حياديًا”؛ وإذا لم لم تكن موجهًا فسوف تعيش فقيرًا…!
ومهمة الإعلام لا تقل خطورةً عن سابقاتها؛ بل إنها تؤدي إلى نقض العهد بين المخلوق وخالقه ، وتزرع الفرقة بين الشعوب وتأجج حجم الخلافات الداخلية والخارجية وتصنع الأزمات ، وتخدر العقول ، وهي إحدى وسائل القتل الفردي الجماعي للشعوب، وهي حلقة الوصل بينها وسابقاتها في الطب والقضاء والعسكرية والأكاديمية والمبادئ الحزبية؛ حيثُ تُعتبر وسيلة الترويج والتبرير لكل ما تحدثنا عنه “سلفًا” في المقال أعلاه.
وإليكَ سؤالي يا من ترى أنك لن تحصل على المال إلا إذا خنت خالقك ودينك ووطنك وارتميت في وحل الخيانة :
أترى المال أغلى من الله والوطن والأخلاق حتى لا تقول الحق “حرصًا” على رزقك الباطل من الباطل…!؟