المواطن / كتابات _ عمران عبد الله الحمادي
_أمي الحبيبة :
كم تمنيت أن تحتضنني صنعاء لكي أشعر بالدفء كما أحسه بصدرك الحميم، ولكن صنعاء يأمي لا تستحق التشبيه بصدرك ،نعم لا تستحق فهي تجبرنا دوماً بأن نكون أكثر خضوعاً وخشوعاً أمامام حكامها.
صنعاء يأمي يملؤها البرد والدخان فلا نستطيع أن نشبهها بصدرك، إنها مغلقة الأبواب أمام كل طامح بحكمها سلمياً وأكثر عقلانية،صنعاء مسلحةً يأمي بالقبيلة ومحصنة بالزيدية المتعصبة .
وددت لو تكوني بجانبي هنا بغرفتي أو عفواً بقبري المظلم، لنشاهد صنعاءاليوم ونبحث معاً عن صنعاء كانت بالأمس…………..
صنعاء اليوم يأمي أصبحت ممتلئة بالفوضى والمجانين ، إنها مزدحمة بكل شيء بل أصبحت كالبالوعة المتلئة ما إن تطفح بمجاريها، تخرج لنا كل مرة خبراً نتناً يسلبنا الكثير مما تبقى لنا من سبل العيش البسيطة.
اه كم هو الشعور بالحزن وسط الجبن والخوف الذي تبديه صنعاء مؤلماً، وددت لو تكوني بجانبي هنا لنعيش معاً مرارة ما تعيشه صنعاء اليوم،ونفتش لاهثين عن صنعاء الأمس .
إن صنعاء اليوم يأمي أصبحت أكثر ضجيجاًوبؤسا، وهذا يزعجني كثيراً يأمي، فرائحة البول المنبعثة من كل الجوانب تسمرني، صور الأطفال الأبرياء معلقة بالشوارع تكاد تبتلعني، ماذا؟ أحدثك بعد يأمي خروجي باكراً من غرفتي نتنة الرائحة ،إلى حمامات المساجد وقذارة جدرانها المدونة بالعبارات الجريئة المنادية لكل الشعارات يحزنني كثيراً يأمي .
أصبحت لا أدخل المسجد إلا للنظافة ولقضاء الحاجة فالخطاب الديني قد صار مملاً ومزعجاً لدى الجميع.
رحلتي يأمي من قبري هذا!
إلى باب اليمن الذي يشلح من تاريخه كل يوم يستغرق اغنية” جبار “كاملةً، ذلك المعلم التاريخي يأمي قد تبدل وألبس غطاءً أكثر قبحاً و.نتانة……..
نعم يأمي صار من القبيح أن تتجول في مدينة صنعاء القديمة فالأبنية تغيرت وتبدل معها كل شيء جميل!
أماحدائق صنعاء ومتنزهاتها يأمي، صرت لا اجروء على الاقتراب منها، فالنشالين والجنسيين يملؤنها، ما أكاد أمر بالقرب منها،فأهرول بعيداً للنجاة من أيديهم وقضبانهم .
-دعيني اخبرك يأمي بأن صنعاء مدينة الفاشلين والناجحين معاً،ولكن الفاشلين يملؤن أزقتها حتى أصبحت مدينة غير آهلة للعيش الآدمي فطفح المجاري وركام القمامات تطوقها من كل الجهات، لا أطيق المشي والتنزه في أزقتها يأمي فقد أصبحت مشوهة ملخبطة بالصور والشعارات الكاذبة!
- مبانيها القديمة وتراثها الحي يندثر كل ساعة، نهبت آثارها و أغلقت متاحفها، وتغيرت جميلاتها صرن أكثر استعراضاً وحيوانية ،إنها حقاً ” مدينة تشلح من تاريخها كل يوم”.