المواطن/ كتابات ـ محمد عبدالإله
بدأت السعودية عملياتها في اليمن، يوم 26، آذار، مارس، 2015، كقائدً للتحالف العربي، مدعوماً من 15 دولة عربية وغربية آنذاك، بعملية وصفت بـ “عاصفة الحزم”، بطلب من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والهدف: هو دحر “المتمردين الحوثيين”، وإعادة الرئيس، وحكومته إلى العاصمة اليمنيةـ صنعاء، بعد سيطرة الانقلابيين عليها، وعدد كبير من مدن جنوب وشرق اليمن.
إذن خمس سنوات من الحرب في اليمن، الفشل كان مصير الهدن التي أعلنت، أو كما تسمى بكثير من الأحيان بعملية وقف إطلاق النار، فشلت؛ بسبب الخروقات والإتهامات المتبادلة بين الطرفين، وكانت الأمم المتحدة الراعي الرسمي لها.
بعد الحرب التي بدأت في 25، من آذار، مارس، 2015، جاءت الهدنة الأولى في 13، مايو، أيار، 2015، أعلنت الأمم المتحدة بمواففة طرفي النزاع، وترحيب مجلس الأمن الدولي بها، هدنة لمدة خمسة أيام ؛ لتقديم المساعدات الإنسانية، لكنها سرعان ما أنهارت؛ بسبب الخروقات في الساعات الأولى من إعلانها.
بعد ذلك، في العاشر من يوليو، تموز، من العام 2015، أعلنت الأمم المتحدة عن هدنةً جديدة، ولكنها فشلت هي الأخرى، ولم تصمد منذ ساعاتها الأولى، وكذلك فشلت جميع الهدن.
أحداث موجزة لأهم التطورات في تاريخ الصراع الدائر في اليمن منذ خمسة أعوام:
1 – في 18 أبريل، من العام 2016، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، بدء محادثات السلام اليمنية في الكويت، بعد تأجيلها مراراً؛ بسبب المزاعم حول انتهاكات للهدنة، وجدول الأعمال انطلقت حينها مفاوضات السلام ـ اليمنية في الكويت، بعد وصول وفدا الحكومة المعترف بها دولياً، والوفد القادم من صنعاء الذي ضم وفد الحوثيين، وحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي كان يتزعمه علي عبدالله صالح، إلى مقر المفاوضات في الكويت برعاية الأمم المتحدة.
2 – بعد شهرين من محادثات السلام اليمنية في الكويت يوم 29، يوليو، وقع الحوثيون، وحزب المؤتمر الشعبي، بزعامة صالح بتشكيل مجلس حكم بالمناصفة في صنعاء، أو ما يعرف بـ “المجلس السياسي الأعلى”. يأتي هذا القرار بخيبة آمال تعرض لها الحوثيون وحليفهم صالح، آنذاك، بمباحثات السلام في الكويت، قراراً أعتبره الرئيس هادي، وحكومته، بإطلاق الرصاصة الأخيرة التي أنهت مشاورات الكويت.
وأتت خطوة الحوثيين، وصالح، قبل ثلاثة أيام من انتهاء المدة المحددة لمحادثات الكويت، وفشل جهود المبعوث الأممي في تحقيق تقدماً في المسار التفاوضي لإنها الصراع في اليمن.
3 – في أول خطوة دولية بعد انهيار محادثات الكويت أعلن وزير الخارجية الأمريكي، جون كيري، آذاك، في 26 من آب، أغسطس، تقديم مبادرته التي تقضي بإيجاد تسوية سياسية للأزمة اليمنية تقوم على تزامن المسارين الأمني والسياسي والعسكري، وفق خطة تنفيذية على حكومة وطنية في مرحلة أولى، وتسليم الأسلحة من جميع الأطراف المتصارعة، لطرف ثالث محايد، مبادرة لقيت برفض من الرئيس هادي، وبصمت من الحوثيين.
4- التطور التاريخي للحرب في جنوب اليمن، شكل المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو: هيئة سياسية تم الإعلان عن تأسيسه في 11، مايو، 2017، لتمثيل تطلعات الشعب ـ في جنوب اليمن، في المشهد السياسي الذي يتعرض له الجنوب منذ العام 1994، يترأس المجلس اللواء/ عيدروس قاسم الزبيدي، محافظ عدن السابق، قرار تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، أتخذ عقب إعفاء الرئيس هادي، للواء عيدروس الزبيدي من منصب محافظاً لعدن.
5 – وفي الثاني من ديسمبر من العام 2017 خمدت المعارك في محيط المنزل، وتوقف أزيز الرصاص والمدافع عن إطلاق النيران، وحوله كان العشرات من الحوثيين يبددون شتاء صنعاء البارد بأنفاسهم الحارة والمتلاحقة، أحداث مثلت نقطة تحول في تأريخ الصراع في اليمن مقتل الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، إقتلوه ربما كانت تلك الكلمة الأخيرة، التي سمعها الرجل السبعيني، ومعها دارت في مخيلته 75 عاماً من تفاصيل الحياة العسكرية والسياسية، منها 40 عاماً رئيساً للبلاد، الواقع في الجنوب الغربي من الجزيرة العربية.
وبدأت معها احتفالات جماعة الحوثي بالنصر، ليل الأحد الماضي، لكن الخبر لم يعلن عن صالح، إلا ظهر اليوم التالي، حسبما يروي قيادي في حزب المؤتمر الشعبي العام ـ للأناضول.
وكان الحوثيون قد أعلنوا بأن صالح قتل مع عارف الزوكا وحراسه الشخصيين، وهو يحاول مغادرة صنعاء، باتجاه مديرية سنحان مسقط رأسه، في منطقة الجحشي 48 كم جنوب العاصمة.
6 ـ 13 ديسمبر، 2018، أختتمت محادثات السلام حول “الحديدة” بمصافحة تاريخية، بين وفد الحكومة المعترف بها دولياً، ووفد الانقلابيين، بحضور المبعوث الأممي مارتن غريفتش والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في السويد، الأخير عبر عن تفاؤله الشديد، مؤكداً إنها مرحلة لبداية نهاية الأزمة اليمنية.
أبرز ما تمخض عن نتائج تلك المحادثات النقاط التالية:
1ـ وقف إطلاق النار في الحديدة وموانئها الثلاثة.
2ـ إزالة المظاهر العسكرية، ونزع الألغام من المدينة ومحيطها.
3ـ إنسحاب الطرفين من المدينة وضواحيها، خلا 21 يوماً من انتهاء المفاوضات، وتسليمها لقوات أممية.
4ـ بالإضافة إلى تفاهمات بين الطرفين حول مدينة تعز، ومطار صنعاء الدولي.
لكن جل هذه الأرقام لم يتم تنفيذها إلى الآن، وسط خروقات وإتهامات متبادلة، والفشل يخيم على تلك التفاهمات.
وتقود السعودية تحالفاً عسكرياً عربياً منذ 26 مارس 2015 ينفذ ضربات جوية وبرية وبحرية دعماً للحكومة اليمنية “الشرعية” المعترف بها دولياً ضد جماعة الحوثيين الانقلابية المدعومة من إيران والتي تسيطر على العاصمة صنعاء وأغلب المناطق شمالي البلاد ذات الكثافة السكانية منذ أواخر العام 2014.
لكن بعض الضربات الجوية، أخطأت أهدافها وتسببت في مقتل مئات المدنيين، وهو ما دفع المنظمات الأممية والدولية لتوجيه اتهامات للتحالف بارتكاب جرائم حرب.
وأنتج الصراع الدامي في البلاد للعام الخامس أوضاعاً إنسانية صعبة تؤكد الأمم المتحدة بأنها “أسوأ أزمة إنسانية في العالم”، وأن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمائة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، فيما يعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية، طبقا لإحصائيات الأمم المتحدة.