المواطن/ كتابات_ وسام محمد
بشكل متكرر نرى كيف ان لخسارة شخص ان تترك حزنا وأسى بالغين. دون ان نحاول معرفة مصدر هذا الألم.
في حالة عائدة العبسي, الى جانب دورها في ثورة فبراير ودورها الاستثنائي في بداية تفجر المقاومة الشعبية (هناك تفاصيل عن هذا الدور الرائع الذي قامت به حينها لا اعرف لماذا رفاقها واصدقاءها المقربين لا يتحدثون عنها).
الى جانب ذلك هناك الطريقة التي ماتت بها. والتي هي في جوهرها مأساة شعب كامل مع مهنة الطب, ثم لأنه بدا وكأن الجميع قد تركها تواجه مصيرها على هذا النحو العبثي كإنعكاس لما أصبحت عليه الاوضاع العامة.
غير ان التفصيل الذي لن يلتفت إليه أحد, والمهم باعتقادي, لأنه ضمن برنامج عائدة وحدها والذي هو خليط من التفرد والصدق, هذا التفصيل هو محاولتها قبل فترة من مرضها الدعوة الى مسيرة في اتجاه مناطق التماس احتجاجا على الركود الذي وصلت اليه الجبهات وتقاعس المعنيين وتأكيدا على خطها النضالي الذي اخترته عن قناعة وعملت من أجله بتفاني.
كثيرين كان لهم مواقف رائعة في بداية تفجر المقاومة الشعبية في تعز. لكن الاحداث والتطورات واحيانا المصالح ابعدتهم بهذا القدر او ذاك عما كانوا قد بدئوه. اصبحوا متصالحين مع الوضع القائم. باستثناء عائدة التي ظلت مخلصة للقضية وحاملة للهم ومبادرة للقيام بأي فعل حتى وان كان ذلك سيكلفها حياتها.
دعوة عائدة كان الهدف منها كما سأفهم حينها, حشر أولئك الذين يديرون المعركة في الزاوية وتعرية حقيقتهم وفي نفس الوقت ايصال رسالة للمليشيات الحوثية ان حيلنا لم تنفد بعد واننا سنواجهكم بكل الطرق.
بالطبع يومها لم يستجب احدا لدعوتها في تنظيم مسيرة تخترق مناطق التماس, لكن عائدة كانت صادقة مع نفسها وذهبت وحيدة, ليتم صدها في أخر مترس للمقاومة من قبل شباب هم ايضا يشعرون بالخذلان ولا يريدون خسارتها.