المواطن/ كتابات – عيبان محمد السامعي
ملف 1 أيار – ماي يوم العمال العالمي 2019 – سبل تقوية وتعزيز دور الحركة النقابية والعمالية في العالم العربي
ثورة 11 فبراير الشعبية والفرص المهدورة:
جاء الانفجار الشعبي والاجتماعي في 11 فبراير 2011م تعبيراً عن وصول أزمة النظام إلى الذروة واستحالة استمرار الشعب في العيش بالأوضاع القائمة.
شكّلت الحركة العمالية ــ بمختلف شرائحهاــ بمن فيها المعطّلين والمسرّحين من أعمالهم طليعة الثورة الشعبية, فهؤلاء أكثر من اكتووا بنار الاستغلال والإملاق والظلم الاجتماعي وغياب تكافؤ الفرص وانسداد أبواب الأمل أمامهم, فاندفعوا إلى الثورة رغبة في الخلاص وتحقيق حياة كريمة ومواطنة متساوية.
لقد شهدت ساحات الثورة على امتداد محافظات الجمهورية تدفق عمال القطاع الإنتاجي والخدمي, الذين سارعوا إلى تكتيل أنفسهم في حركات وائتلافات ثورية, كان أبرزها: الحركة العمالية الشبابية الثورية بساحة الحرية بتعز, بالإضافة إلى تأسيس لجان عمالية لعمال شركات القطاع الخاص وعمال المهن الحرة, وقد تمخّض عنها تأسيس مجلس تنسيق لنقابات عمال القطاع الخاص والمهن الحرة في مارس 2012م كأول وأوسع كيان نقابي يضم عمال القطاع الخاص وقطاع المهن الحرة في اليمن.
ومن ناحية أخرى شكّل عمال القطاع الهامشي (غير الرسمي/ غير المهيكل) النسبة الأكبر في خارطة الحركة العمالية الثورية, وضم هذا القطاع طيف واسع من عمال البناء والتشييد, وعمال المهن الحرة: النجارين والسمكريين والحدادين والخياطين وعمال النظافة وعمال المطاعم والمحلات التجارية …إلخ. وكان مبعث انخراطهم في مجرى الثورة بدافعٍ من الأوضاع السيئة التي يعيشونها, فهؤلاء العمال يبيعون قوة عملهم لقاء أجور زهيدة, ويتعرضون لأسوأ أصناف الاستغلال من أرباب العمل في وقتٍ لا وجود فيه لقانون يحميهم ويكفل حقوقهم في الأجر العادل والإجازات والضمان الاجتماعي والضمان الصحي والتأمين بعد التقاعد.
وعلى الرغم من طبيعة علمهم الشَّاق والظروف الخطِّرة التي يتعرضون لها, في ظل غياب كلي لمعايير السلامة, فإنَّ غالبيتهم يعملون في إطار علاقة عمل غير واضحة, فلا عقود كتابيّة ولا لوائح ولا ضوابط تحدد علاقتهم برب العمل, عدا الاتفاق الشفوي على الأجور وفق منطق السوق (العرض والطلب).
وتزداد مأساويّة هذا الوضع مع عمال الأجر اليومي, الذي يمكن لرب العمل الاستغناء عنهم في أيّ لحظة بسبب أو بدونه, ولا يجد هؤلاء العمّال من يُمثلهم ولا من يُدافع عنهم.[82]
كما اضطلعت الحركة النقابية بأدوار مشهودة في مسار الثورة الشعبية, فقد انخرط عدد من القيادات النقابية في الثورة منذ الوهلة الأولى, وبرزت في هذا المضمار نقابات عمالية ومهنية عديدة مثل: نقابة المحامين ونقابة الصحفيين ونقابة المهن الفنية الطبية ونقابة الصيادلة ونقابة الأطباء ونقابة المعلمين والعديد من نقابات عمال وموظفي القطاع العام والمؤسسات العامة.
وقد نفذت هذه النقابات الإضرابات واشتركت في المسيرات الثورية وقدمت تضحيات مشهودة فقد سقط من أعضائها شهداء وجرحى.
ورغم أن ثورة 11 فبراير قد أزلت العائق الموضوعي وفتحت الباب واسعاً أمام الحركة النقابية لتستعيد أدوارها, وتعيد تنظيم صفوفها, وبشكل مستقل وبإرادة حرة, غير أنه لم يتحقق شيء من ذلك باستثناء تشكيل مجلس تنسيق لعمال القطاع الخاص وعمال المهن الحرة في محافظة تعز, حيث ضمّ هذا المجلس ما يزيد عن (14000) عامل منضوين في 12 نقابة عمالية, هي:
نقابة عمال مصنع الاسفنج والبلاستيك.
نقابة عمال مصنع السمن والصابون.
نقابة عمال شركة المتنوعة.
نقابة عمال شركة الجند.
نقابة عمال شركة البحر الأحمر (الحاشدي).
نقابة عمال الشركة المتحدة.
نقابة عمال مصنع الألبان.
نقابة عمال شركة التكامل الدولية.
نقابة عمال شركة هزاع طه.
نقابة عمال شركة عبدالجليل ردمان.
نقابة عمال المهن الحرة.
وقامت نقابات عمال القطاع الخاص ببلورة مشروع قانون عمل جديد وقانون تأمينات اجتماعية وسعت إلى استصدارهما عبر الدوائر الرسمية ومجلس النواب, غير أن ظروف الحرب المندلعة منذ مارس 2015م عطلت هذا المسار.
الحرب الجارية وتداعياتها على عمال وشغيلة اليمن:
تسبب انقلاب 21 سبتمبر 2014م الذي قاده تحالف (المخلوع صالح وجماعة الحوثي) على الشرعية التوافقية وعلى مخرجات الحوار الوطني ومسار الثورة الشعبية اليمنية في تفجير حرب مدمرة تدخلت فيها دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات. وقد تسببت الحرب بانهيار اقتصادي شبه كلي, وخلفت مآسٍ وكوارث إنسانية لفحت بنارها الأغلبية الكاسحة للمجتمع, وقد نالت الحركة العمالية النصيب الأوفر من ذلك, يمكن تبيانه على النحو الآتي:[83]
تشير بعض التقديرات إلى أن عدد العمال الذين سرحوا من أعمالهم بفعل الحرب وصل إلى نحو (1.8) مليون عامل, معظمهم من عمال القطاع الخاص.
(70%) من إجمالي العاملين في مختلف القطاعات فقدوا أعمالهم بسبب توقف مشاريع الإنشاءات الحكومية، بالإضافة إلى توقف معظم مشاريع الإنشاءات التابعة للقطاع الخاص التي باتت ترى في اليمن بيئة غير ملائمة للاستثمار، وأخرى قلصت نشاطها في اليمن إلى أدنى نسبة ممكنة مما يجعلها مهددة بالتوقف.
تعرض عدد من المصانع والمنشآت الإنتاجية والخدمية للتدمير إما بفعل قصف طيران التحالف العربي أو بفعل قذائف الانقلابيين, وقد ذهب ضحية هذه الأعمال الاجرامية العشرات من العمال والعاملات.
تفاقم عدد الفقراء بسبب الحرب إلى نحو (80%) من إجمالي سكان البلاد البالغ عددهم 24 مليون نسمة.
ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة متوسطة (75%) عام 2018م مقارنة بالعام 2015م.
تدهور قيمة العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية, فقد ارتفع سعر الدولار مقابل الريال اليمني في العام 2018م بنسبة (153%), ما انعكس سلباً على قيمة الأجور, إذ تشير تقارير صحفية إلى أن العامل اليمني فقد أكثر من ثلثي أجره مقارنة بالعام ٢٠١٥م. وبالتالي أصبح (90%) من عمال وموظفي القطاع الحكومي يعيشون تحت خط الفقر الدولي.
انقطاع دفع رواتب وأجور عمال وموظفي القطاع العام في معظم المحافظات اليمنية ولمدة تزيد عن عامين, بل إن بعض المحافظات تجاوزت هذا الحد الزمني ووصل إلى الضعف. لقد خلقت أزمة انقطاع دفع الرواتب آثار مدمرة وضعت الملايين من أبناء الشعب اليمني أمام شبح المجاعة, فضلاً عن ما أنتجته من مشكلات اجتماعية كارتفاع نسب الطلاق والعنف الأسري والتفكك الأسري وتزايد نسبة التسول ونسبة المصابين بالأمراض النفسية والعصبية.
قيام الحكومة السعودية بفرض رسوم باهظة على العمال اليمنيين المهاجرين، ما يهدد بعودة مائتين ألف منهم لبلدهم رغم حالة الحرب، أو البقاء وتسليم الأجور مقابل الرسوم الباهظة التي تُفرض عليهم.
الهوامش والإحالات:
[82] عيبان السامعي, 11 فبراير 2011م في دلالة الحدث ومآله, دراسة منشورة, 11 فبراير 2017م.
[83] تم الاعتماد في جمع معظم المعلومات الواردة في هذا الجزء على المصادر التالية:
فاروق الكمالي, الحرب تزيد فقراء اليمن إلى 80% من السكان(تقرير) , العربي الجديد,
نجيب العدوفي, عُمال اليمن .. الموت المجاني من نصيبهم (تقرير), العربي الجديد,
مركز الاعلام الاقتصادي, تقارير صحفية.
عمال اليمن لا عيد لهم (تقرير), المصدر أونلاين, 1 مايو 2018م.
Share
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
Phome
الموقع الرئيسي | الموقع الرئيسي للكاتب-ة
الموقع الرئيسي
هيئة ادارة الحوار المتمدن – للإتصال بنا
إحصائيات مؤسسة الحوار المتمدن
الارشيف
قواعد النشر
ابرز كتاب / كاتبات الحوار المتمدن
يوتيوب التمدن
مكتبة التمدن
عدد الزوار: 2,097,664,575
الاعلانات في الحوارالمتمدن
شارك برأيك / رأيكم مهم للجميع
اضافة موضوع جديد
اضافة الاخبار
حملات الحوار المتمدن التضامنية أخبار عامة
وكالة أنباء المرأة
اخبار الأدب والفن
وكالة أنباء اليسار
وكالة أنباء العلمانية
وكالة أنباء العمال
وكالة أنباء حقوق الإنسان
اخبار الرياضة
اخبار الاقتصاد
اخبار الطب والعلوم
اخبار التمدن
إضافة يوتيوب-فلم إلى يوتيوب التمدن
إضافة كتاب إلى مكتبة التمدن