المواطن/ كتابات – فهمي محمد
لم يحسم العرب بعد مشكلة السلطة وبالشكل الذي يمكنهم من تجاوز حالة العنف والإقتتال عليها ، او حتى الخروج من دائرة الخوف على إنفراط العقد والذهاب بالمجتمع نحو المجهول كما نجد ذلك في فلسفة العقل السياسي للمستبد العادل الذي ألغى مبكراً إرادة الأمة تحت مبرر الحفاظ على بيضتها ، ولذلك يكون قول الشهرستاني ” لم يُسل سيف في الإسلام كما سُل على السلطة ” هو توصيف دقيق لنتائج كارثية طالما حاول العقل السياسي للمستبد العادل تلافي حدوثها حين ذهب إلى إختزال إرادة الأمة في تأسيس مجلس أهل الحل والعقد من قريش دون غيرهم ، وإذا ما سلمنا بحسن النيه لهذا العقل فإنه في المقابل قد ساهم على المدى المنظور في تأسيس مشكل الواقع السياسي السلطوي الذي نعيشه اليوم والذي تكون إبتداءً منذو الانقلاب الاول على السياسية وليس على السلطه فحسب واصبح يمتد من الماضي إلى الحاضر ، بل ويرسم وجه المستقبل العربي على إمتداد الأفوق بكل أنساقه وقيمه الثقافيه التي اصبحت تتوارث فينا من جيل إلى جيل كما تتوارث الجينات .
ما قاله الشهرستاني سابقاً نجده بقدر ما يعني من جهة أولى أن الدما التي سفكت على حكم السلطة داخل دائرة الاسلام هي اكثر بكثير من الدما التي سفكت في سبيل نشر الاسلام ، ومن جهة ثانية وذلك بيت القصيد أن السلطة في الدولة العربية الإسلامية لم تتأسس على مفهوم السياسة ولا على مفهوم الشورى ، بل تأسست على مفهوم القوة والغلبة والمجادلة بالسيف ، ذلك ما يوكده زعيم الانقلاب الاول في الدولة العربية الإسلامية بقوله ” اعلم اني وليت عليكم ليس برغبة منكم ولكني جالدتكم عليها بسيفي مجالده … “.
فالحاكم حين يصل إلى السلطة عن طريق القوة والغلبة والمجادلة بالسيف فإنه بلاشك سوف يعمل ابتداءً على الغا أي قنوات سياسة مشروعة تمكن المجتمع من ممارسة الفعل السياسي في وجه سلطته الذي قاتل وجالد من أجلها او حازها عن أبيه الذي قاتل من أجلها ، واكثر من ذلك مفارقة في حب السلطة يخبرنا التاريخ عن أحد الحكام المسلمين المشهود له قبل أن يصبح حاكماً بأحد الثلاثة المتعبدين في حرم الكعبة ، أن هذا الأخير العابد عندما جاءه خبر الإمارة أطبق المصحف الكريم وقال هذا اخر عهدي بك ، بل ضاق صدره بعد ذلك أمام مستشاريه وهدد بالوعيد لمن يتحدث بعد اليوم في مجلس حكمه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ما يعني ذلك أن الحاكم في الدولة العربية الاسلامية منذو القدم وحتى اليوم لا يمارس الاستبداد والتسلط ويورث الحكم لأولاده فحسب ، بل يلغي السياسة ويلغي الفعل السياسي أمام الأفراد والمكونات الاجتماعية والسياسية ، وبالمفهوم الذي يؤدي حتماً الى إلغاء إرادة الأمة .