سؤال السيادة الوطنية في السياق اليمني الراهن “دراسة تحليلية ــ نقدية”
(الحلقة 6 من 10)
المواطن/ كتابات – عيبان محمد السامعي
رابعاً: دور سلطنة عُمان في اليمن:
السياسة الخارجية العُمانية سياسة كَتُّومة وغامضة ومثيرة للجدل في آن, كحال “الإباضية” المذهب السائد في السلطنة.
يقول النظام العُماني أنه ينتهج سياسة “الحياد” تجاه أزمات المنطقة العربية, ولهذا يرتبط بعلاقات مع مختلف النُّظم الاقليمية والدولية بما فيها الكيان الاسرائيلي![60]
وفي مسألة توصيف الدور العُماني في اليمن ينبري رأيين: الأول: يرى أن الدور الذي تلعبه عُمان في الأزمة اليمنية دور ايجابي لانتهاجها سياسة “الحياد”, ورفضها الانخراط في إطار التحالف العسكري الذي تقوده السعودية والإمارات, وبحسب هؤلاء فإن هذا الأمر يعطيها أفضلية عن بقية الأطراف الخارجية.
وهناك من يرتاب من هذا الدور, لاسيما وأن مسقط لم تعلن موقفاً واضحاً داعماً لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي, فضلاً عن تواجد قيادات انقلابية على أراضيها.
ترتبط عُمان بعلاقات مميزة مع إيران والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا, هذا الأمر مكّنها من التأثير على الحوثيين وحمْلِّهم على إطلاق رهائن أمريكيين في نوفمبر 2016م بُعيد زيارة قام بها جون كيري وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية آنذاك.
ويبدو أن الصلات المشتركة بين عُمان وإيران قد وفّرت للأخيرة فرصة توظيف الحدود اليمنية العمانية التي تبلغ نحو 300 كلم بتضاريسها المعقدة لتهريب الأسلحة للحوثيين.
لدى عُمان نفوذ واسع في محافظة المهرة شرقي اليمن, فالمهرة تمثل للسلطنة عمق استراتيجي لمصالحها ولأمنها القومي. وتعد المهرة ثاني أكبر محافظات اليمن إذ تبلغ مساحتها 82405 كلم مربع, وتتمتع بخصوصية ثقافية واجتماعية متفردة, وتشترك عائلات مهرية وعُمانية بوشائج اجتماعية وصلات قربى, وهناك تجانس في العادات والتقاليد والأزياء وسمات ثقافية أخرى, فاللغة المهرية وهي إحدى اللغات السامية القديمة, تعد لغة مشتركة لسكان المهرة ومناطق جنوب شرق عُمان.
ويحظى أبناء المهرة بتعامل عُماني خاص, إذ يحظون بتسهيلات كبيرة أثناء تنقلاتهم إلى الداخل العماني, ليس ذلك وحسب بل إن معلومات متداولة تفيد بأن الآلاف من المهريين قد حازوا على الجنسية العمانية خلال السبع السنوات المنصرمة.
مؤخراً سعت الإمارات العربية المتحدة إلى وضع يدها على المحافظة, وإنشاء تشكيلات عسكرية على غرار “النخبة الشبوانية والنخبة الحضرمية”. وقد قوبلت هذه المساعي الإماراتية بسخط واسع من أبناء المهرة, كما تسببت بتوسيع الفجوة في علاقات البلدين التي تتسم تاريخياً بالتوتر.
وكانت السلطات العُمانية قد أعلنت عن اكتشاف خلية تجسس إماراتية عام 2011م. وفي العام 2015م, اتهمت مسقط أبوظبي بإدارة “عمليات شراء غير مسبوقة لأراضي وولاءات قبلية شمالي السلطنة على الحدود مع الإمارات، وأنها قدمت أموالًا طائلة لشخصيات قبلية غير معروفة، واكتشفت ذلك في ولاية «مدحاء» العمانية التي تقع بالكامل داخل الأراضي الإماراتية، ومحافظة «مسندم» العمانية التي تطل على مضيق هرمز (شمالي الإمارات)” [59]
وبالعودة إلى العلاقات اليمنية ــ العمانية, فمن الجدير ذكره هنا أن علاقات البلدين قد اعتورتها حالة من التوتر الحاد, وخصوصاً في الفترة الممتدة من نهاية ستينيات وحتى منتصف سبعينيات القرن المنصرم, فقد كانت سلطنة عمان تشهد آنذاك ثورة مسلحة تقودها “الجبهة الشعبية لتحرير ظفار” التي بدأت شرارتها عام 1965م تأثراً بأصداء القومية العربية وحركات التحرر الوطني في العالم العربي, وهدفت إلى الإطاحة بنظام السلطان سعيد بن تيمور وتأسيس جمهورية ديمقراطية بمضامين اجتماعية تقدمية. وقد تبنت الجبهة رسمياً الاتجاه الماركسي عام 68م وهو ما كان له أثره في قيام علاقات وطيدة بين الجبهة ونظام جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.
وقدمت اليمن الجنوبي دعماً سخياً للجبهة واحتضنت الكثير من قياداتها, كما وفرت أماكن داخل الأراضي اليمنية الجنوبية لتدريب عناصر الجبهة وإنشاء إذاعة للجبهة وصحيفة.
ولم يُكتب لهذه الحركة النصر, إذا تم القضاء عليها في 1976م بفعل الدعم الخارجي للنظام العُماني ولاسيما الدعم المقدم من بريطانيا.
الهوامش:
[60] مؤخراً قام بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي ذو التوجه اليميني بزيارة علنية إلى سلطنة عُمان, وقد اُستقبل بحفاوة بالغة!
[61] ميرفت عوف, لماذا قد تريد الإمارات إشعال الساحة العُمانية الآن؟, موقع سياسة بوست, مقال, متوفر على الرابط الآتي:
https://www.sasapost.com/oman-united-arab-emirates-influence-ambitions-yemen/