فهمي محمد
في السادس والعشرين من سبتمبر 1962/ م ، اريد من سبتمبر ان يصنع المستقبل الذي يجب ان يطوي صفحة الماضي بكل قيمه العصبوي والمتجذرة مذهبياً وسلالياً في اليمن ، وفي الواحد والعشرين من سبتمبر 2014/ م ، اريد من ايلول سبتمبر ان يتقيا ذلك الماضي بكل قيمه وأنساقه ليتم إعادة انتاجه في المستقبل المنظور للقرن الواحد والعشرين في مشهد عبثي لا يتكرر فعله الا في شعوب تتخلاء عن مستقبل اجيالها إستجابة لذلك العقل العابث والمتعالي بكل قيم الجهل وثقافة الكراهية .
في السادس والعشرين من سبتمبر 1962/ أراد على عبدالمغني ورفاقة بفعلهم الثوري ايقاد شعلة الحرية في حركة الزمن المتعاقبة في هذا البلد حول اعتاب المذهب والسلالة الحاكمة والمتسلطة باسم اللهوت الديني ، بهدف تحويل ذلك التعاقب الزمني الذي استمر اكثر من الف ومائة عام يصنع العبودية والفوارق الطبقية وقيم الاستبداد في المجال السياسي والاجتماعي الى صيرورة تاريخية تتجاوز هذا الجمود الماضوي بكل قيمه وانساقه ، وتصنع عوضاً عن ذلك مستقبل الشعب والدولة في اليمن
وفي ايلول سبتمبر 2014/ م ارد عبدالملك الحوثي وجماعته الماضوية ان يوقفوا استئناف هذه الصيرورة السبتمبرية بعد ان تعرضت للتعطيل التدريجي منذ انقلاب 5/ نوفمبر 1967/ م وحتى اعتاب عام 2011/ م ، وهو العام الذي قرر فيه ابناء اليمن مجدداً ان يقولوا رأيهم في المستقبل الذي طال انتظاره طويلاً منذو ان سطر على عبدالمغني ورفاقة اهداف المسار الجمهوري في بيان مارس 1962.
ما يحدث اليوم في 21/ من سبتمبر في عاصمة الجمهورية صنعاء لا يستحي ان يقول انه يمارس التشفي من ال26/ من سبتمبر ، بل وينتقم للقوى وللقيم العصبوية التي تم التطاول عليها والمساس بقدسيتها في ايلول الابيض عام 1962 .
بين فعل الصيرورة في 26/ سبتمبر وفعل التوقف والممانعة في 21/ سبتمبر ، تقع مسافة كبيرة تختزل الكثير من دلالة المعنى في مستقبل اليمن ، فهي تحمل في طياتها الكثير من القيم والانساق والصراع والقوى المنبعثة من كراهية الماضي وجرثومة التاريخ المدفونة ، وحتى مسارات الفعل المتعاكسة في حركتها المقصودة داخل هذا البلد المتعثر في طريقه الى المستقبل
بين هذا وذاك في رمزية سبتمبر يرسم المستقبل في اليمن او يضيع ، في ظل معادلة صراع قائمة بين الثورة والثورة المضادة ، وبين صيرورة التاريخ التي تصنع مستقبل الشعوب وحركة الازمان الخالية من معنى التقدم ، بين فكرة الدولة والمواطنة المتساوية وبين فكرة الولاية المتعالية عند جماعة اللادولة ، انه صراع بين مستقبل يجب ان يكون في اليمن وبين ماضي يجب ان يعود او نعود نحن اليه .