علي عبدالفتاح
المواطن -تحليلات
منذ السبعينات انتقلت البقية الباقية من بلدان “العالم الثالث” إلى مرحلة التطور البرجوازي الذي ينبغي أن يكون وطنياً سيادياً مستقلاً, وفي أيامنا هذه (2018م) وصعوداً أصبحت تحكم هذه البلدان قوانين التطور الرأسمالي واشتراطات التطورات الديناميكية العاصفة للعصر التي يستحيل معها الارتداد إلى المرحلة الاقطاعية رغم آثارها المتبقية المتداعية, كما أن الثبات والاستقرار القبلي بنيوياً على الصعيد الوطني أو حتى الجهوي أصبح يتداعى في هذه البلدان في اتجاه الاندماج داخل العلاقات السلعية ــ النقدية فالسوق الوطنية ــ الدولية رغم الكوابح الكبيرة والكثيرة الناجمة عن سياسات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي الذي يعترض تثور الواقع العام عوضاً عن الاستقرار التنموي والتهذيب والتلطيف العام وآثارها السلبية العامة العالمية التي تطال تلك السياسات المصرفية.
وفي هذه الظروف تداعى الطرفان الشيوعي والديني إلى التحالف الوطيد الراسخ القائم على الوضوح الديمقراطي الوضيء والواقعية السياسية الاجتماعية الأكيدة وأثرها في تنامي الثقة الراسخة بين الطرفين الشيوعي والديني في اتجاه تنمية الاقتدار الوطني المنطوي الشامل والاتجاه نحو المستقبل الظافر بالعمران والتمدن والسلم الأهلي القائم على اللحمة الوطنية المطردة الرسوخ, حيث ينجم عن هذا التحالف الصلب وتلك اللحمة الموطدة إمكانات كبرى حتمية في ضمان جدية المسئولين أيّاً كانوا, واستقرار وتطور الأوطان والهوية العربية الإسلامية للوطن اليمني القائم على الدور القيادي النافذ للشرع الأغر.
وبالنسبة لنا نحن الشوعيون فقد استفقنا على حقيقة المقدس وضرورته وأهميته منذ أواخر السبعينات, كما أزال الستار عن هذه الاستفاقة فترة الشيوعي الفذ ميخائيل جورباتشوف لتجد سُبلها الآن إلى التعمم الوطيد داخل علاقة التنابذ والوحدة بين المقدس والمدنس وصالح الإنسان وإبداعه العملاق وازدهاره المثمر, فلم يبقَ على ذلك وعلى صعيد قطرنا اليمني سوى انتصار السلام اليمني وتوطيد مداميك الاستقرار والشروع في تشمير السواعد للعمران واستكمال الحوار المُيمنن على أساسه وقاعدته, أي السلام الثابت.
وبالنسبة للتحالف الشيوعي ــ الديني على تلك القواعد الراسخة من الوضوح ليست نبتة يمنية فقط, بل هي خيار ثابت لكل شيوعيي العالم غرباً وشرقاً وشمالاً وجنوباً, باستثناء عارض ومؤقت جداً للحزب البني الشيوعي الصيني الذي أعلن دخوله مرحلة “تحديث الاشتراكية” في آخر مؤتمر له قبل عام وأثر ذلك في وضع اللبنات الصلدة لتجاوز طابعه التوتاليتاري (الشمولي, العسكري, الاستبدادي).
هذا وقد تخلى الحزب الصيني الحاكم عن اشتراطاته على حلفائه من الأحزاب الشيوعية الصغيرة ــ كالحزب الشيوعي الماليزي مثلاً ــ والتي لا يصل عددها إلى عدد أصابع اليد الواحدة لترتبط عضوياً بركب شيوعيي العالم قاطبة بتصوراتها الحادثة لبناء الكوكب والأساليب الديمقراطية المتعمقة المتوسعة للتغيير في كل مكان وأولويات الحرية المفتوحة والإبداع المستدام والإقناع المبرهن مما لا يُصمتوا الشيوعيون اليمنيون عن النضال من أجل ذلك والتضامن مع أشقائنا من المؤمنين في كل مكان بما في ذلك منظومياً شاملاً في الصين, والضرورة القصوى لتفعيل الحوار الدائم لا المنقطع من أجل التسويات الصائبة في هذا الشأن.
أما بالنسبة للأسباب الجوهرية في حركة التحالف الشيوعي ــ الديني واستدامته اللانهائية فتعود إلى التجديد الشيوعي الراهن في الموقف والنظرات ومضمون وشكل المستقبل الذي دلفه وتدلفه حركة البشرية الحادثة راهناً.
وبالنسبة للاسلاميين مثلاً, فقد اكتنزوا خبرات سياسية جماهيرية عريضة ويستعيدون العلاقة شيئاً فشيئاً بالدين على أسّ الأساس, أي بفجر الإسلام وضُحاه, مع وعي كامل بضرورة وأهمية الارتباط بمزايا التقدم العلمي ــ التكنيكي الحديث وسيلةً لتجسيد مُثُل وأهداف الدين الحنيف الذي تضّمن باكراً جداً مضامين العدالة الاجتماعية مصدقاً للآية الكريمة (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمَّرنا مترفيها ففسقوا فيها فدمرناها تدميرا) وكذلك (حتى لا تكون دُولة بين الأغنياء منكم) وهلمّ جرا…
على أن هذا التحالف يقوم على القواسم المشتركة الراهنة الحاضرة من الوقائع والمطالب السديدة الدستورية التوافقية, فإذا أُنجزت وتجسدت على الأرض اليمنية الطيبة وجب إعادة جدولة الوقائع والمطالب الجديدة الحادثة وبصفة دورية في إطار الدستور وصولاً بيمننا إلى مرافئ الرقي والتمدن وهكذا حتى تأتي الأرض التي تمتلئ عدلاً أو ملكوت الحرية والرخاء في نظراتنا الشيوعية المناضلة القائمة على الحفاظ على الأرض وتارتخيتها الجيولوجية والبيولوجية فالاجتماعية الغائية وصور العمران الجديدة القائمة بدورها على التوازن الدقيق الاجتماعي ــ الاقتصادي ــ الثقافي…إلخ استباقاً للمآسي والكوارث وتقوم على التنبؤ العلمي السديد الصائب والتعقل الهادئ الذي يرفض أي شكل من أشكال التحريض الداحض المخل لصالح السلم والاستقرار