نجم المريري
المواطن- قصص
حين يدير الموت حياة الكثيرين من عدسة قناصة أشبه ما تكون بنافذة للجحيم، كان لا بد مِن مَن يعيد للسماء وظيفتها ، كان لابد صامد المساح.
بعيونه الجبلية ويقظته الحذرة ورشاقة خطاه يحمل صامد بندقيته متجها صوب سماء تحجمت وأصبحت عدسة قناصة تتفرس فيها عين إلهٍ للموت ، مقابلها يقف صامد تماما يوجه بندقيته صوب عدسة عطلت عمل السماء ، نافذة الجحيم ، يكتم صامد انفاسه تمر في ذاكرته كشريط فيديو مُسّرع أرواح ابتلعتها نافذة الجحيم الحوثية تلك ثم يطلق رصاصته ، ثوانٍ للموت تكفي لخلق أعوام متتابعة من حياة للكثير مِن من بقي على قيد الحياة ، رويدا رويدا يأخذ الضباب في التمدد بعين القناص، يتسع ، تتكلس بالثلج عدسة قناصته ، ثم تباشر السماء عملها !!
صامد المساح أو صياد القناصين أول المشاركين باكرا في عملية استعادة تعز من فوهة الإنقلاب ضمن كتائب الشهيد عبدالرقيب وهي أول كتيبة جيش وطني شكلت في الجمهورية بعد إنقلاب21 سبتمبر وتم تشكيلها لإستعادة اللواء 35 بعد سقوطه .
كان مقاتلا بطلا بجانب الشهيد الرفيق العقيد طه سعيد مقبل المساح بعد استشهاد الرفيق طه واصل قيادة المجاميع بدلا عنه وخاض المعارك تباعا بدءا من جبهة الضباب ومن ثم المسراخ وبعدها راسن وثم حيفان وبعدها الصلو واخيرا في الكدحة .
صنعت منه الحرب مقاتلا لا قاتل.
أصيب بإصابات كبيرة في عدة جبهات منها في حيفان والصلو إلا أنها لم تثنيه عن نضاله الثوري في مواجهة الإنقلاب .
كان لا بد له بعد أربع سنوات من الحرب لإستعادة وطن أكبر أن يشرع في بناء وطنه الخاص ، كان لا بد له من مواجهة الموت بطريقة أخرى لا بموت بل بحياة هذه المرة ليبدأ في تجهيز مراسيم عرسه .
لأربع سنوات يحاول صامد كراهب ومحارب في آن تقليص مراسيم الموت عن هذه المدينة ، حين فكر بأخذ قسط من مراسيم حياة خلقها للكثيرين باشرت المدينة في قتله .
ستتعطل السماء مجدداً حين تحاول عدسة قناصة حجبها ، سيذكرنا الموت بصامد التاريخ والحياة أيضاً
سنترحم على غيابه كثيرا ونحن نرى المدينة تستبدله بطرابيل تحنطها اتقاءا لرصاص قناصة!!!