المواطن/ كتابات ـ د.عبدالمؤمن الفهيدي
مرت خمسة أعوام ويكاد السادس يلج دورة حياة أحلام يمنيين حالمين بالتحرير، مناهضين للملشنة الحوثية بلا أمل ينهض بهم.
حكومة تلو حكومة وأخطاء تدافع بعضها ليحل الخطأ مكان آخره المرادف، ولا جديد.. وفي الوقت الذي يرجع فيه البعض مرد الإخفاقات إلى مكابرة جماعة الحوثي وما تستطع تحشيده من قوات مليشاوية بالقوة أو ما يصيب الحكومة الشرعية من خارجها فإن هناك من يرجح، وهم غالبية، معللات الاخفاق إلى الإصابات التي تحدثها الحكومة الشرعية في نفسها من الداخل.
لو افترضنا عبثا أن الحكومة الشرعية وهي في وضعها هذا وباسناد قوي وحقيقي من التحالف العربي حققت انتصارها الساحق والأخير على مليشيا الحوثي فماذا بعد؟!
ستُمنى الحكومية الشرعية حينها بالهزيمة أمام الشعب، أمام الإنتصار نفسه وهو أشد اخجالا من الهزيمة نفسها أمام المليشيا ما لم تجري الحكومة تصحيحات جذرية لمنظومة الفساد التي تعتلجها لا البحث في بدائل الخطأ.
إن أقرب الطرق لاستعادة الدولة ودحض الانقلاب يتوفر أولا في وجود معنى حقيقي لدولة.. معنى ندركه من سلوكياتها ومن تركيبتها ، وصرفياتها، وقنواتها المؤسسية الاتصالية ببعضها بما يجعل من الخلط أو التشبيه بينها وبين سلطة المليشيا في اللاممكن.
منذ تعيين الدكتور معين عبدالملك رئيسا للوزراء وهو يجلو لنا بين فينة وأخرى بإحدى هذه القرارات أو التوجيهات المصححة لمسار الشرعية وإقامة بنيانها من الداخل بدلا عن وقفة الركام الذي تأخذ شكله وما أن ينتهي من دفع عجلة الدفع الرباعي المتوقفة هذه حتى يشرع في بسط ذراعيه وفتح كفيه لاستلام ضربات جلد سياط أولاد الخطأ ، ولسعات ديدان المستنقع الذي تم ردمه.
آخر مستنقع ردمه الدكتور معين كان مستنقع مرتبات الداخلية التي كانت تحول بصورة شخصية إلى التحويلات البنكية وهو ما وفر للحكومة مبلغ مليار و300 ألف شهريا فأين كان يذهب هذا المبلغ؟!
لا يمكن التشكيك بتصريحات رئيس الوزراء فيما يتعلق بالأرقام وفي مثل هذه الحالات خصوصا أن الطرف الآخر سيُعْمِل جل جهده في تفنيد التصريح والإفصاح عن بهتانه وهو مالم ولن يتم.
ليس مهما الآن أين كانت تذهب تلك المبالغ التي تصل إلى منزل الميسري بحاويات وجواني ، قدر البحث عن صوابية الخطوة من عدمها…
إن تحويل رواتب الداخلية إلى جهات بنكية يفصح ويكشف للشرعية عن مدى وجودية جهاز أمني أو وهميته وكانت الحقيقة التي كشفها القرار المتخذ أن جزء كبير من مبلغ المليار والثلاثمائة ألف يذهب لأسماء وهمية.
والمعلومة الأهم التي يحولون إخفاءها هي مبلغ ١٧ مليار شهريا كان يستلمها الميسري كموازنة تشغيلية لوزراة ليس لها وجود ولا حتى مقر ، بل كانت تنقل هذه المبالغ الى منزلة كل شهر ، فيكنز منها ما ارد ، ويصرف لمن أراد . وهذا غير المرتبات لأنها تصرف في بند أخر .
وفي خطوة سابقة سلكها معين بانهاء احتكار استيراد المشتقات النفطية وفتح الباب لجميع التجار للدخول في المناقصات، وفرت هذه الخطوة هدر مبلغ 220 مليون دولار في فساد يتعلق بموضوع شراء الوقود الذي كانت تصرف الحكومة لأجله ما ملايين الدولارات .
وراء كل عملية استئصال لفساد ما تخرج جراثيم العضو المستأصل في تظاهرة توصم معين عبدالملك بالعضو الفاسد والعميل المرتزق الذي ينبغي استئصاله.
توجيهات وخطوات معين شملت الجميع دون استثناء دون نظر لحزب المسؤول أو وجهته أو قربه من رئاسة الوزراء لكنهم لم ينبسون ببنت شفة بل ينزوي معظمهم منكمشا على نفسه يتضرع أن لا تغادر توجيهات معين من رف الحكومة إلى رف الإعلام ليفتضح فساده ومشكلة هؤلاء أنهم لا يملكون أوقية تغطي فسادهم بمهاجمة الآخر.
ماذا لو طالت إصلاحات معين وزارة النقل ؟! الوزارة الأكثر حاجة لإصلاحات ملحة في اليمن كغيرها من الوزارات ؟! الوزارة التي أتت في أولى المراتب من بين الوزارات أو الوزرات التي كشف الإعلام النقاب عن أبشع صور فسادها وبالوثائق ، الأهم كيف سيتخلى إعلام الدفع المسبق عن الميسري لحمل أوزار الجبواني؟!
وهو الذي يفسر تشنجات وتصريحات الوزير الجبواني ، خاصة بعد أتخاذ إجراءات لإصلاح مكامن الفساد في الوزراة .
أنت عميل وضد الصالح العام لأنك وضعت حائلا بين أفواه جيبية محسوبة عليك ومال الدولة العام… هذا هو منطق من يشكك في ما تقوم به الحكومة جهارا ، إذا ما حاولت الإفصاح عنه .
لا أعرف الكثير عن الدكتور معين عبدالملك ولا أحبذ أن أعرفه شخصيا قدر معرفتي له كمواطن يتابع ويقرأ تحركاته وتوجيهاته التي يأمل بها كثيرا في انقاذه .