تعز – مكين العوجري :
تعتمد أغلب الأسر الريفية في مديرية حريب جنوب محافظة مأرب الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية بشكل أساسي على الزراعة والثروة الحيوانية، إلا أن هذا الاهتمام تراجع حسب سكان محليين بسبب أن أغلب المزارع التي كانت مصدر دخل لمئات المزارعين وتزرع أنواع الفواكه أصبحت في مناطق خطرة في حدود التماس بين القوات الحكومية ومسلحي جماعة الحوثي.
مزارع على خطوط التماس
اضطر صالح الغنيمي وهو شخصية اجتماعية في مديرية حريب ويمتلك عدة مزارع تزرع فيها أنواع الفواكة والخضروات والحبوب إلى ترك مزارعه في آل غنيم ومناطق أخرى.
ويقول الغنيمي إن الكثير من المزارعين في قبيلة آل غنيم في ملعاء والحجلة تركوا مزارعهم التي كانت تمثل لهم مصدر الدخل الوحيد بسبب أنها أصبحت مناطق تمثل خطرًا كونها قريبة من مناطق التماس وبعضها تحولت إلى حقول ألغام بعد أن جرفت السيول كميات كبيرة من الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي إلى هذه المزارع.
تحول الغنيمي الذي كان يمتلك 200 رأس من الأغنام والإبل ولديه مزارع يزرع فيها أنواع الخضروات والفواكه وتمثل له مصدر دخل اقتصادي كبير إلى شخص مشرد عن أرضه وخسر كل ما يملك ولم يعد لديه مصدر دخل، كما يقول.
ويتابع الغنيمي في شرح معاناة المزارعين في حريب جراء الحرب أن المزارع البعيدة من خطوط التماس والتي كان يستطيع المزارعون الاستفادة منها إلى ماقبل ثلاث سنوات تحولت إلى حقول للألغام منذ أكثر من عامين حيث يؤكد أن سيول الأمطار جرفت المئات من الألغام التي زرعتها جماعة الحوثي في جبال ملعاء المطلة على المزارع في مناطق آل غنيم وآل عقيل مرشة ووضوء والحجلة بمديرية حريب وأصبحت مليئة بالألغام حيث سقط بسببها شخصان واضطر أصحاب هذه المزارع إلى تركها.
تدفق مستمر وتطهير ضعيف
نزع الألغام كما يقول الغنيمي التي تمت من قبل مركز مسام لنزع الألغام التابع لمركز الملك سلمان لم تكن عملية واسعة ودقيقة واعتبر ماقام به مسام عملًا خجولًا فحسب وهذا ماجعل الكثير من المزارعين حسب الغنيمي غير مطمئنين ويخشوا العودة إلى مزارعهم خوفًا من الألغام.
وحسب مزارعين تواصل معهم مراسل “المشاهد” فإن تخوفهم من العودة إلى مزارعهم هو أن مع كل تدفق جديد لسيول الأمطار تجرف معها ألغامًا جديدة وهذا يعني أن الخطر يظل مستمرًا في هذه المزارع.
تطهير المزارع والمراعي
خلال العامين الماضيين كانت فرق نزع الألغام في مشروع مسام قد بدأت في عملية التدخل في تطهير ومسح بعض المناطق في عموم مديرية حريب، ففي 14 مايو من العام الحالي أكد مشروع مسام أنه قام بعملية مسح وتطهير المراعي في منطقة الدرب وتأمين مناطق الرعي بعد بلاغات وصلته من رعاة الأغنام بالعثور على ألغام أرضية في المنطقة.
وبحسب مسام فقد أصيب سائق قاطرة في 16 مارس الماضي بانفجار لغم جرفته السيول في مديرية حريب، مشيرًا إلى أن السيول المتدفقة على محافظتي مأرب وشبوة قد تسببت في جرف كميات كبيرة من الألغام من المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين ونزوحها إلى المناطق المأهولة بالسكان والأراضي الزراعية في مديريات حريب بمحافظة مأرب ومديريات بيحان وعسيلان بمحافظة شبوة.
ووفق بيان صحفي سابق لمشروع مسام أنه خلال يوم واحد في شهر أغسطس 2022م نفذ عملية إتلاف وتفجير لـ1717 لغمًا وعبوة ناسفة وذخائر غير متفجرة في منطقة المجبجب بمديرية حريب.
وأوضح أسامة القصيبي مدير عام مشروع »مسام« في تصريح صحفي نشره موقع المشروع أن فرقًا الميدانية نجحت في إزالة 417103 لغمًا وذخيرة غير منفجرة وعبوة ناسفة منذ شهر يونيو 2018 وحتى 2023م في المناطق التي شهدت ولازالت صراعًا مسلحًا مشيرًا إلى أن “50 مليون مربع تم تطهيرها بالكامل”.
ومع بقاء الوضع في هذه المزارع كما هو عليه يبقى السؤال إلى متى سوف تظل الجهات الرسمية والمعنيون بنزع الألغام غير قادرين على تنظيف هذه المزارع بشكل دقيق وكامل حتى يطمئن أصحابها للعودة والعمل فيها باعتبارها مصدر دخلهم الوحيد؟
نقلاً عن المشاهد