تعز
اليوم وبعد عامين من الجريمة يجري تشييع جثمان الشهيد أصيل الجبزي في مسقط رأسه بمديرية المعافر عزلة الجبزية وفي ذكرى استشهاده الثانية.
سيدفن أصيل، اليوم، غير أن عدالة القضية لا تزال قائمة ولا يزال المجرمون طلقاء يسرحون ويمرحون في ظل تعطيل متعمد لملف القضية.
الجريمة
في صبيحة 22 اغسطس 2020م فجعت الحجرية وتعز واليمن بخبر ذبح الشاب أصيل عبدالحكيم الجبزي نجل رئيس عمليات اللواء 35 مدرع بعد يوم من اختطافه من منزل والده العميد عبدالحكيم الجبزي، في قرية الحار عزلة الجبزية مديرية المعافر.
عثر الأهالي على جثمان أصيل مكبلاً ومقتولاً باحد مجاري السيول في القرية، عليه اثار تعذيب، قطعت بعض أعضائه وتم التمثيل بجثته.
الجريمة البشعة التي هزت المعافر وما جوارها جاءت بعد تحريض متواصل استهدف الجبزي وضباط اللواء 35 مدرع، وبعد تسريبات قالت أن أوامر من محور تعز العسكري صدرت باقتحام منازلهم وتفتيشها كونها تحتوي على مخازن أسلحة.
اختطف أصيل الجبزي من منزلهم، وكان برفقته اثنين من مرافقي والده، قتل أصيل وتم اقتياد رفاقه إلى السجن، ولم يكن المطلوب أصيل؛ بل كان المطلوب والده العميد عبدالحكيم الجبزي وعندما لم يتم العثور عليه قرروا الانتقام منه بطريقة همجية وبشعة، قتلوا فلذة كبده كي يستطيعوا كسره واطفاء ضوئه.
تفاصيل الجريمة
تفاصيل الجربمة وكما يرويها عم الشهيد أصيل، رواية سردية أوضح من خلالها ما حدث للشهيد الشاب.
كانت البداية، بحسب عم الشهيد، عندما كان مجموعة من الشباب بينهم ولد عبدالله عبدالحميد، يسهرون ليلاً أمام دكان بالقرب من منزل الجبزي ليثيروا الضجيج ويفتعلوا المشاكل؛ وكان هدفهم الدخول في مشكلة مباشرة مع العقيد عبدالحكيم الجبزي.
يواصل عم أصيل: “في الليلة التي سبقت حدوث المشكلة عاد الشباب إلى نفس المكان لإثارة المشاكل مدعيين أنهم نقطة أمنية، ويتزعمهم ابن عبدالله عبدالحميد خطيب الجامع ومدرس مادة القرآن في المدرسة، وعاد عبدالله عبدالحميد (خطيب الجامع) ومعه مجموعة من المسلحين من ضمنهم الاستاذ محفوظ احمد علي سيف، وهو الذي وصل يرفع صوته ويطلق الرصاص مدعياً أنه مكلف من محور تعز لإقامة نقطة عسكرية هناك لمنع مرور عبدالحكيم الجبزي، وقد رافق ذلك التحدث بالشتائم والتهديد من قبلهم للجبزي وعائلته.
يضيف: “في العام الماضي عندما كانت المشاكل بالبيرين وعندما أراد عبدالحكيم تأمين الجبل بالافراد والسلاح خرجت قيادات الإصلاح للمساجد وعبر مكبرات الصوت في بيوت الله يقولوا بأن ابو العباس طالع الجبزية، وأخرجوا امنعوا ابو العباس، خرج الناس لملاقاة ابو العباس فوجدوه ابو اصيل, ورغم ذلك قرروا منعه ولم يقم بالاشتباك معاهم، بل قعد معهم وحاورهم وغادر، وعندما صعدوا الجبل بأعضاء الإصلاح ومليشيات المخلاف وبموافقة وسكوت الأهالي الذين لم يتحركوا لمنعهم كما منعوا ابو اصيل لأنهم يعلمون أنهم سوف يلاقونهم بالنار إن منعوهم، لم يرد كذلك الفندم عبدالحكيم الاشتباك معهم، لانه لا يريد جر منطقته للصراع وكذلك لأن الأهالي سيحملونه مسؤولية ذلك”.
بالعودة إلى قصة مقتل الشاب الطبيب أصيل يقول عمه: “حدث أن عاد الفندم عبدالحكيم الساعة الثانية ليلاً لينام ويرتاح، وعندما وصل علم بما جرى وقال وصلت الحكاية لذلك وقال لمجموعة من الأفراد يبقوا حراسة جنب البيت طالما وقد في تهديدات لانه كان كلما عاد للبيت ليلاً يترك مرافقيه ينامون ويقول لهم أنا بقريتي، وفي الصباح عاد عبدالله (عبدالحميد خطيب الجامع) ومعه الاستاذ محفوظ احمد علي ومجموعة أخرى ووصلوا إلى جنب البيت والمرافق عامل نقطة حراسة لقائده وسوف يذهبون بعدما يتناولون وجبة الإفطار إلى العين، وصل خطيب الجامع يصيح على العسكري: سلم سلاحك سلم سلاحك ويطلق الرصاص باتجاهه، وانتشروا محيطين بالبيت والافراد، وحصل اشتباك مع الافراد الذين دافعوا عن أنفسهم من الهجمة التي كانت لغرض التصفية الجسدية لعمليات اللواء الجبزي”.
يضيف: “حصل الاشتباك ووقع محفوظ في الطريق، وهناك مسلحون من أصحابه خلفه بين القات وأفراد الجبزي جنب البيت، من اين أتته الطلقة من الامام أم من الخلف؟ لا نعلم، تم استثمار قتل محفوظ من أجل تصفية الجبزي، لكنه كان قد غادر مشياً على الاقدام، ثم حاصروا البيوت بالرصاص والنار ثلاثة أيام، بقينا خلالها بدون مأكل إلا ما يسر من الخبز الناشف مع الشاي، وفي الليلة الثالثة قبضوا على أصيل وثلاثة مرافقين واخذوهم أسرى إلى بيت أحد قيادتهم، وتم تعذيب أصيل وضربه وقطع أصابعه، وقد اتتنا المعلومات في الليل أنه تم قطع أصابعه والتنكيل به وبعدها أخذوه مربوطاً ومصلوباً إلى جوار حول البير في السائلة، وتم إصدار حكم الاعدام بالدكتور أصيل الجبزي رمياً بالرصاص بعشر طلقات نارية ورموه بالسائلة”.
ادانات واسعة
هزت الجريمة المجتمع اليمني بشكل عام، كونها الأولى من نوعها في مديرية المعافر وتعز وتتم بهذا الشكل، في تشابه واضح بين منفذيها وتنظيمي القاعدة وداعش، وأدانت الأحزاب السياسية والتكوينات الاجتماعية الجريمة البشعة، ونفذت عددا من الوقفات الاحتجاجية تنديدا ببشاعتها ومطالبةً بالقاء القبض على مرتكبيها واحالتهم إلى العدالة.
تعطيل القضية
مرت أمام قضية الدكتور أصيل مؤمرات عديدة حاولت استهدافها وحرف مسارها منذ اليوم الأول للجريمة، حيث اقحمت النيابة العامة في تعز نفسها في القضية بدلاً من النيابة الجزائية المتخصصة في عدن، وهي الجهة المتخصصة في مثل هذه القضايا كونها قضية ارهاب، بالإضافة إلى محاولة ربط القضية بقضية مقتل أحد المسلحين في اشتباك، وتم دفنه في نفس اللحظة دون تحقيق، بالإضافة إلى بيان شرطة تعز والتي قالت فيه إن القضية جنائية، وإصدار تقرير طبيب شرعي بشكل عاجل.
دخلت الأحزاب السياسية الخط وهدفت إلى حرف مسار الجريمة حيث أصدر حزب الإصلاح في تعز بيان قال فيه إن الجريمة تمت خارج القانون وربطها بقضية قتل أخرى، وكذلك عملت وسائل الإعلام الموالية للحزب على محاولة حرف مسار الجريمة واعتبروها قضية ثأر.
وقدمت منظمة الحزب الاشتراكي في تعز مبادرة للمصالحة، وفق شروط ترضي جميع الأطراف، شملت قضية الشهيد أصيل الجبزي، غير أن المبادرة قوبلت بالتسويف ومحاولة افراغها من مضمونها ومحتواها من قبل محور تعز العسكري وحزب الإصلاح، حيث لم يتم التوافق على المبادرة حتى اللحظة.