بهاء الدين عباس
تُعدّ الانتخابات بشكلها العام إحدى صور المشاركة السياسية في أي بلد، وقد شهدت اليمن ثلاثة انتخابات برلمانية بجانب دورتين انتخابيتين للمجالس المحلية، فبعد إعادة تحقيق الوحدة بين شطري اليمن وقيام الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990، كانت اليمن على موعد مع أول انتخابات برلمانية في 27 أبريل 1993، وقد بلغ عدد المرشحين الذين خاضوا الانتخابات (3166) مرشحاً، منهم (1226) مرشحاً حزبياً و(1940) مرشحاً مستقلاً، فيما بلغ عدد المرشحات (42) مرشحة من إجمالي المرشحين، منهن (18) مرشحة حزبية و(24) مرشحة مستقلة.
كان نصيب مرشحات الأحزاب مقعدا واحدا فقط مِن إجمالي مقاعد البرلمان (301)، وهو لمرشحة الحزب الاشتراكي اليمني (حزب يسار الوسط) عن الدائرة (24) بمحافظة عدن مع انضمام فائزة مستقلة لكتلة الحزب الاشتراكي اليمني في وقت لاحق.
ومع مقاطعة الحزب الاشتراكي اليمني في 1997 للانتخابات البرلمانية، بلغ عدد المرشحين لهذه الانتخابات (1311) مرشحاً، منهم (754) مرشحاً حزبياً و(557) مرشحاً مستقلاً، فيما بلغ عدد المرشحات في هذه الانتخابات نحو عشرين امرأة. وهذه المرة أيضا كان نصيب النساء المرشحات من الأحزاب مقعدين من أصل (301) لصالح مرشحات حزب المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم وقتها) في محافظة عدن عن الدائرة (20) والدائرة (21).
في عام 2003، وهي آخر انتخابات برلمانية شهدتها اليمن إلى يومنا هذا، كان نصيب النساء المرشحات من قبل الأحزاب مقعدا واحدا في البرلمان لمرشحة حزب المؤتمر الشعبي العام بمحافظة عدن عن الدائرة (22).
النساء الناخبات
يعود سبب تراجع حضور النساء في البرلمان اليمني إلى أن الأحزاب السياسية كانت تميل إلى حشد النساء ناخباتٍ أفضل منهن مرشحاتٍ، وذلك بسبب طبيعة المجتمع القبلي في بعض مناطق اليمن الذي يفضل المرشحين من الرجال.
وقد علقت سارة قاسم هيثم، مسؤولة القطاع النسوي للتجمع اليمني للإصلاح في تعز (حزب إسلامي لم يقدم أي مرشحة للانتخابات البرلمانية أو المجالس المحلية) بقولها: “بسبب حداثة التجربة الديمقراطية في اليمن، يصعب تقبل المرأة مرشحةً في أي انتخابات”، وتقول لبنى القدسي أمينة دائرة المرأة في التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري (حزب يساري قومي): “بشكل عام، ما زال المجتمع غير مؤهل لتقبل عمل المرأة في مجال المشاركة السياسة”.
بجانب النقص في تمويل الحملات الانتخابية للمرشحات من قبل الأحزاب، أشارت سكرتيرة دائرة المرأة في الحزب الاشتراكي اليمني وهبية صبرة قائلة: “إن الأحزاب السياسية ترشح النساء في دوائر انتخابية لا تتناسب مع شعبيتهن وحضورهن الاجتماعي، فيتسبب هذا في خسارتهن الانتخابات”.
وعلى صعيد تكتل أحزاب اللقاء المشترك (تكتل لأحزاب المعارضة) لم تتمكن هذه الأحزاب من الاتفاق على ما إذا كان ينبغي تعزيز إشراك النساء في الحياة السياسية وصنع القرار وطريقة تحقيق ذلك.
داخل الحزب
تشترك جميع الأحزاب اليمنية في برامجها الحزبية ولوائحها الداخلية، في إشراك المرأة في صفوف حزبها وكوادرها الحزبية على النحو الآتي:
التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري تشكل فيه النساء نسبة 33% من قيادة الحزب، بواقع عضوتين في الأمانة، و24 عضوة في اللجنة المركزية، وتُعدّ الناصريات الأكثر تفاعلا في أعمال الحزب الداخلية بسبب أخذ مراكزهن داخل الحزب على محمل الجد، تقول لبنى القدسي أمينة دائرة المرأة في التنظيم الناصري: “التزمت قيادة التنظيم الناصري بإشراك المرأة في العملية السياسية خيارا ديمقراطيا انتهجه التنظيم وطبّقة في كل مستوياته التنظيمية”.
أما عن نسبة النساء القيادات في حزب المؤتمر، فقد بلغت 29%، وبخمس نساء في الأمانة العامة للحزب، ويعود السبب وراء ذلك أن المؤتمر كان الحزب الحاكم، مما دفع كثيرا من النساء للالتحاق به من أجل تحسين وضعهن الشخصي بفضل الإمكانات التي يمتلكها. وترى صباح راجح قيادية في حزب المؤتمر الأمر على خلاف ذلك، فتقول: “الدافع وراء انضمام كثير من النساء إلى حزب المؤتمر هو وسطية الحزب واعتداله بعيدا عن أي أيدلوجية معينة”.
كانت نسبة النساء في قيادات الحزب الاشتراكي اليمني 25٪، وقد بلغت حصة النساء في المكتب السياسي للحزب 3 و5 نساء في الأمانة العامة. تقول وهبية صَبرة سكرتيرة دائرة المرأة في الحزب الاشتراكي: “كان المؤتمر الأخير للحزب الاشتراكي في 2014 قد شهد تصعيد كثيرٍ من النساء إلى مناصب قيادية في الحزب”.
تبلغ حصة النساء في التجمع اليمني للإصلاح في المستويات القيادية نسبة 13%، وتتركز معظم هذه الحصة في مجلس شورى الإصلاح، لكن ومن جهة أخرى، دعم الحزب القطاع النسوي بشكل كبير، واكتسبت النساء فيه مهارات سياسية وتفاوضية بجانب قدرتهن العالية في الحشد وجمع التبرعات. تقول أروى وابل قيادية في الإصلاح: “إن النساء في الحزب لهن مكانتهن، ونشطات في جميع القطاعات والمستويات”.
بعد أحداث 2011 أو ما يسمى “الثورة الشبابية”، ظهرت أحزاب جديدة على الساحة السياسية في اليمن، ومنها حزب العدالة والبناء، وتشكل النساء في هذا الحزب أكثر من40% من أعضاء الحزب. تقول حنين صفوان رئيسة القطاع الطلابي في حزب العدالة والبناء: “في الأمانة العامة هنالك 28 امرأة، ناهيك عن 35 امرأة أخرى على رأس قيادة فروع الحزب”.
أما عن الصورة العامة لمشاركة النساء في الأحزاب، تقول هدى البكري ناشطة شبابية ومجتمعية: “إن هناك وجودا جيدا للنساء في بعض الأحزاب، سواء في المستويات القيادية، أم على مستوى اللجان الفرعية”.
التحوّل من الأحزاب الى منظمات المجتمع المدني
منذ عام 2003، ركزت الأحزاب اليمنية على إصلاح النظام الانتخابي، وذلك من أجل رفع حصّتها في مقاعد البرلمان، وهذا ما دفع كثيرا من النساء إلى التحول للعمل في النقابات ومنظمات المجتمع المدني.
يرجع السبب وراء هذا التحول، كما تقول رانيا بازل، وهي ناشطة مجتمعية وطالبة ماجستير علوم سياسية، إلى أن النساء وجدن فرصة أفضل في منظمات المجتمع المدني للتطور ولصقل المهارات وللنجاح بأكثر من وجودهن في الأحزاب.
ومع دخول اليمن مرحلة الحرب والصراعات الدموية، تغير الوضع. تحكي صباح راجح القيادية بحزب المؤتمر: “مع اندلاع الحرب في اليمن، أصبح العمل الحزبي للنساء غير آمن، وهذا ما يجعل العمل في المنظمات المجتمع المدني أكثر أمانا”.
يبقى العامل الاقتصادي هو العامل الأهم. يقول عمار السوائي وهو مدرب ومستشار في مجال المشاركة السياسية: “مع تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن، تميل النساء للعمل في منظمات المجتمع المدني، لما توفره هذه المنظمات من امتيازات مالية ورواتب للعاملين فيها”.
مراكز مرموقة
يبقى هنالك نساء حقّقن مراكز مرموقة في أحزابهن وعلى الصعيد السياسي على حد سواء، ومنهن:
- جوهرة ثابت، الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني ووزيرة شؤون مجلس الوزراء في حكومة باسندوة.
- رنا غانم الأمين العام المساعد للتنظيم الوحدوي الشعبي وعضوة فريق الشرعية في مفاوضات إستكهولم.
- توكل كرمان عضوة مجلس شورى الإصلاح والحائزة على جائزة نوبل للسلام.
- أمة العليم السوسوة، رئيسة قطاع المرأة في المؤتمر الشعبي العام ووزيرة لحقوق الإنسان وسفيرة سابقا.
وغيرهن كثير من نساء الأحزاب اليمنيات الناشطات في جميع القطعات سواء أكانت سياسية واقتصادية أم ثقافية واجتماعية.
( أنتجت هذه المادة ضمن مشروع غرفة أخبار الجندر اليمنية الذي تنفذه مؤسسة ميديا ساك للإعلام والتنمية).