مكين العوجري
في وضع عابس يحيط به ضباب البؤس لا يزال مئات الآلاف من أطفال اليمن معرضون لخطر المجاعة جراء الحرب الدائرة في البلد، وتفاقم المعاناة أكثر مع تفشي جائحة كورونا.
اضحت الكثير من الأسر تفتقر لأبسط مقومات الحياة مما انعكس ذلك على إطعام الاطفال، خاصة مع تدني مستوى برامج التغذية التي تقدمها منظمات أممية والتي أصبحت شبه غائبة، والتي لا تصل إلى أغلب الأطفال الذين هم في حاجة ماسة إلى الغذاء والرعاية.
ويعاني اليمن من إحدى أسوأ الأزمات الغذائية في العالم، وكثيرًا ما يعجز الأهل عن إحضار أطفالهم إلى مرافق العلاج لعجزهم عن تحمّل تكاليف النقل أو نفقاتهم الخاصة خلال الفترة التي تتم فيها مساعدة أطفالهم.
الغذاء البعيد
بحسب تقارير أممية فإن خلال السنوات الأخيرة ارتفعت حدة سوء التغذية لدى الأطفال الصغار والأمهات في اليمن، وذلك في عدة محافظات هي الأشدّ تضررًا مثل حجة والحُديدة وتعز، حيث ويتعرّض الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد لخطر الموت ما لم يحصلوا على مساعدة غذائية علاجية.
محمد «اسم مستعار» رضيع عمره لم يتجاوز العام، ولده في حالة فقر حاد، يذهب في كل صباح إلى حراج العمال لعله يجد عملا يطعم أطفاله، ويوفر حليب ومستلزمات الاطفال الرضع، إلا أنه يصطدم كالعادة بالبطالة التي فاقمتها جائحة كورونا من خلال خفض فرص العمل لدى أرباب الأسر، ومع ذلك لا يجد سبيلاً لإطعام طفله الذي بحاجة شديدة إلى غذاء، وغيره الكثير من الأسر لا تصل لهم أي ادوات غذائية من ما تتحدث عنه المنظمات والجهات المانحة.
وأثناء التقصي حول ما إذا كانت الأسر الفقيرة تصل لها مكونات برامج تغذية الأطفال، اتضح أن الكثير من الأطفال المتضررة أسرهم من كوفيد19، والذين بحاجة إلى غذاء، لم تصل إليهم برامج التغذية التي ترعاها منظمات أممية، الأمر الذي يجعل الأطفال أكثر عرضة للمجاعة في ظل الجائحة.
نقص رغم الضعف
وعلى فترات متفاوتة وخاصة خلال كوفيد19 انخفضت برامج تغذية الأطفال في اليمن رغم ضعفها، وبهذا الصدد يقول “علاء اللبيني” مسؤول قسم التغذية في مستشفى المظفر في محافظة تعز (مستشفى حكومي)، أن المستشفى يتلقى عدد من أصناف التغذية الخاصة بالأطفال مثل نوعين من الحليبات وهما “F 75” و “F100″، وكذلك تغذية SAM وهي RUTF، مشيراً إلى أن أحد أنواع الحليب F100 توقف لمدة خمسة اشهر.
وقال ان نوع الحليبات علاجية يتم معالجة الاطفال بها اولا باستخدام نوع “F 75” في مرحلتين، ومن ثم يتم استخدام F 100 في المرحلة الثالثة، مؤكداً أن منظمة الصحة العالمية تقدم بعض الأدوية بشكل متقطع، وكذلك وجبات الأمهات متوفرة بشكل مستمر من المنظمة ذاتها
وعن آلية التوزيع لحليب الاطفال يقول إن القسم لديه حالات لا يتجاوز أعمارها ستة اشهر، يتم تخصيص لهم الحليب F 100 مخفف، إلا أنه ليس بشكل مستمر نتيجة توقف وصول الحليب من المنظمات المانحة.
ورغم تفشي كوفيد19 واستمرار الحرب والتدهور الاقتصادي في اليمن الا أن برامج التغذية والرعاية للاطفال تشهد نقص حاد، حيث تعاني مستشفى المظفر من انخفاض في الأدوية وبدل المواصلات للاطفال، وبدل رسوم مقابل إجراء فحوصات أجهزة خارج المستشفى كونها لا تمتلكها.
وتدنى مستوى الإقبال على قسم التغذية عند تفشي جائحة كورونا خشية من الإصابة بالفيروس، وكذلك اضطرار القسم إلى التوقف عن تقديم الخدمات الصحية للاطفال عندما ينقطع الحليب مما يجعل الأطفال أكثر عرضة للإصابة بسوء التغذية، حسب وصف رئيس القسم.
تحذيرات أممية
وفي فبراير من العام الحالي 2022م حذرت منظمة دولية معنية برعاية الأطفال من أن نحو 4.3 مليون طفل في اليمن سيخسرون جميع المساعدات الإنسانية في مارس- آذار المقبل مع تراجع تعهدات المانحين، مما يهدد بتوقف تقديم المساعدات المنقذة لحياة الملايين في هذا البلد الفقير الذي يشهد حربا دامية منذ سبع سنوات.
وقالت منظمة إنقاذ الطفولة ومقرها بريطانيا على “تويتر” إنه “من المرجح أن يخسر نحو 4.3 مليون طفل في اليمن جميع المساعدات الإنسانية في مارس- أذار وفقا لبيانات الأمم المتحدة مع استمرار الصراع في الازدياد”.
وأكدت المنظمة أن الأطفال يدفعون الثمن الأكبر في حرب اليمن وهم بحاجة ماسة إلى المساعدة للبقاء على قيد الحياة هذا العام.
وتقول المنظمة إن طفلا يموت كل عشر دقائق في اليمن بسبب أمراض يمكن الوقاية منها مثل الإسهال وسوء التغذية والتهابات الجهاز التنفسي، وهناك نحو 15.4 مليون شخص يفتقرون إلى المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي
ويشير تقرير مشترك ل«ليونسيف والفاو وبرنامج الأغذية العالمي» إلى أن في جميع أنحاء البلاد، يعاني 2.2 مليون طفل من سوء التغذية الحاد، من بينهم ما يقرب من أكثر من نصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم مما يهدد حياتهم. هذا بالإضافة إلى حوالي 1.3 مليون امرأة حامل أو مرضع يعانين من سوء التغذية الحاد.
وأعلنت الأمم المتحدة مطلع العام الحالي وقف أو تقليص برامج إغاثة حيوية في اليمن جراء نقص التمويل بما في ذلك برامج في مجالات الغذاء والصحة والمياه، إذ لم تتلق سوى 2.68 مليار دولار من أصل 3.85 مليار دولار طلبتها عام 2021 من المانحين لتنفيذ خطتها الإنسانية
ويؤدي الجوع إلى تعريض الناس بشدة لمختلف مخاطر الصحة العامة التي تواجه البلاد، بما في ذلك كـوفيد-19 والكوليرا وحمى الضنك والملاريا.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.