تقرير – احمد حسين
على مدى الأعوام الستة الماضية من عمر الحرب شهدت اليمن ازدياداً ملحوظاً لأعداد المشردين نتيجة الصراع الذي أفقد المئات من اليمنيين مصادر دخلهم، وقذف بهم في أتون البطالة والآثار النفسية السيئة التي قادتهم بدورها إلى الضياع.
لا توجد إحصائية رسمية لأعداد المشردين في اليمن، بيد أن مراقبين يقدرون أعدادهم بعشرات الآلاف، يتركز غالبيتهم في العاصمة صنعاء.
ويشكلون فئة اجتماعية تعيش في الهامش، ولا تحظى باهتمام السلطات الحكومية ومنظمات الإغاثة العاملة في اليمن.
باتت هذه الفئة اليوم وجهاً لوجه أمام تفشي وباء كورونا، ذلك أنها الأكثر ترشيحاً للإصابة بالوباء نظراً لطبيعة الحياة المكشوفة التي يعيشها المشردون في الشوارع، وحركتهم الدائمة التي تجعلهم على اختلاط مباشر بالناس في الأسواق والطرقات دون وسائل وقاية.
تقديرات أممية ومحلية
يقدر شركاء الأمم المتحدة للإغاثة أن 2.3 مليون شخص نزحوا حاليا في اليمن – نصفهم في محافظات عدن وتعز وحجة والضالع فيما فر 121 ألف شخص إلى خارج البلاد. وتشير تقديرات “أوتشا” إلى أن نحو 2.7 مليون شخص يحتاجون الآن إلى الدعم لتأمين لوازم الإيواء أو المستلزمات المنزلية الأساسية، بما في ذلك المشردون داخليا والأسر المضيفة الضعيفة.
ويقول مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن النازحين يَحتَمون حاليا في 260 مدرسة، متسببين بذلك في منع 13 ألف طفل من الحصول على التعليم. فيما توضح منظمة اليونيسف أن أكثر من مليون ونصف مليون طفل يعانون من سوء التغذية العام، وأن 370,000 طفل منهم على الأقل يعانون من سوء التغذية الحاد، الذي قد يعرضهم للوفاة.
وكان البنك الدولي قدر خسائر البنية التحتية في اليمن جراء الحرب بحوالي 15 مليار دولار. فيما يرى آخرون أن الرقم لا يعكس حقيقة الدمار والخسائر التي لحقت بالقطاع الخاص والأفراد جراء القتال الذي تسبب في توقف الأعمال كافة، وتدمير ممتلكات خاصة بينها مبانٍ ومصانع ومزارع.
الاطفال يشكلون الشريحة الأوسع
ووفقا لتقديرات الحكومة الشرعية فإن 400 ألف طفل يمني مشرد، يتم استغلال البعض منهم في جبهات القتال من قبل جماعة الحوثي التي جندت 72% من 15 ألف طفل حتى نهاية العام 2015 وفقا لتقديرات منظمة “سياج” لحماية الطفولة، وتقرير الأمم المتحدة السنوي (الذي يعرض محنة الأطفال ضحايا النزاعات المسلحة في العام 2015 في 14 بلدا).
وأسوأ حالات التشرد هي تلك التي يكون ضحيتها الأطفال، حيث لوحظ ارتفاعا غير مسبوق لأعداد الأطفال المشردين في الشوارع خاصة في صنعاء والمدن الرئيسية.
ومن بين نحو 20 طفلا (لا يتجاوزون الـ15 عاما) يعملون كباعة متجولين أو متسولين في تقاطع رئيس وسط صنعاء ينامون في منازل أو خيام تابعة لأسر أصدقائهم.
والأطفال المشردين في الشوارع يكونون عرضة للاستغلال ومختلف أنواع الاعتداءات الجسدية واللفظية والجنسية، فضلا عن الإدمان.
ويدفع أطفال اليمن ثمن باهظا للحرب القائمة، وينذر استمرار الصراع بهذه الطريقة على مستقبل مظلم لأطفال اليمن.
من التشرد إلى القتال
الأخوان نائف (10 أعوام) ومحمد الحرازي (12عاما) اللذان تشردا بعد انفصال والديهما، ولم يجد الطفلان من يؤويهما مما دفع بهما إلى الانخراط في صفوف مقاتلي جماعة الحوثي.
يعمل الأخوان الحرازي، حالياً، في إحدى نقاط الحراسة، التابعة لمقاتلي جماعة الحوثي بصنعاء، حسب قريبهما، عبد العليم غالب، والذي قال “بداية العام 2016، قرر الطفلان الانضمام إلى صفوف المقاتلين الحوثيين بعد إقناعهما من قبل المقاتلين، والدفع لكل واحد منهما يوميا ألف ريال/ما يعادل أربعة دولارات”.
وتوضح الدكتورة، نبيلة الشرجبي، أستاذة علم النفس في كلية الآداب في جامعة تعز الحكومية، أن أسباب انضمام الأطفال المشردين إلى جماعة الحوثي ترجع إلى أنهم “وجدوا من يوفر لهم لقمة العيش دون تسول، وهو ما يعد دافعا هاما للالتحاق بالحرب لصالح الطرف الذي يدفع”.
يطابق رأي المختصة في علم النفس ما جاء في موقع الأمم المتحدة على الإنترنت، من أن النزاعات المسلحة تعرض الأطفال للتشرد، والذين يلتحقون بالجماعات المسلحة أملا في الحصول على الغذاء والمأوى.
ويقول مصدر في وزارة الداخلية التابعة لجماعة الحوثي أن جماعة الحوثي بدأت في استغلال الأطفال المشردين في العام 2012 وزادت حدة استيعابهم للتجنيد من قبل الجماعة في عام 2014، مستغلة بذلك الفراغ الأمني وحاجة الأطفال المشردين إلى الطعام وإلى المأوى.
ويضيف : “ما زالت الطريقة نفسها تستخدم اليوم من قبل الجماعة لاستغلال الأطفال المشردين والفقراء، والزج بهم إلى جبهات القتال”.
وتؤكد منظمة “هيومن رايتس ووتش”، في موقعها على الإنترنت، أن جماعة الحوثي تستخدم الأطفال بشكل متزايد منذ استيلائها على العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر2014.
ووفقا لتقديرات الحكومة الشرعية فإن 400 ألف طفل يمني مشرد يتم استغلال البعض منهم في جبهات القتال من قبل جماعة الحوثي التي جندت 72% من 15 ألف طفل حتى نهاية العام 2015 وفقا لتقديرات منظمة “سياج” لحماية الطفولة، وتقرير الأمم المتحدة السنوي (الذي يعرض محنة الأطفال ضحايا النزاعات المسلحة في العام 2015 في 14 بلدا).
مخاطر جديدة
ويشكل المشردون بحكم تنقلهم الدائم بؤراً خطيرة لتفشي كورونا في اليمن، من خلال تحولهم إلى نواقل اجتماعية للفيروس بسبب اختلاطهم المتواصل بالناس في الأماكن المزدحمة.
ويحتاج المشردون في الوقت الراهن للرعاية الاجتماعية والصحية بسبب مخاطر جائحة كورونا، على الرغم من بقائهم خلال السنوات الماضية خارج اهتمام السلطات الحكومية ومنظمات الإغاثة الدولية العاملة في اليمن، وإلى اليوم لا يزالون منسيين من قبل الجميع.
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH / JHR – صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”.