المواطن نت/ تقرير – مبارك اليوسفي
بدأت في ال 26 من يوليو الماضي اختبارات الثانوية العامة بقسميها الأدبي والعلمي للعام الدراسي 2020/201، والذي يستقبله حوالي 191 ألفًا، و819 طالبًا وطالبة في مناطق سيطرة الحوثيين (انصار الله)، حسب بيان وزارة التربية والتعليم في صنعاء، في ظل وضع تعليمي سيء وغير مسبوق ويبدو أن هذا العام يستقبلون الطلاب الاختبارات بطريقة لم يسبق لأحد أن استقبلها، في ظل استمرار جائحة كوفيد 19 ووسائل حماية منعدمة.
منذ صباح أول يوم تذهب الطالبة نور عون إلى مركز الاختبارات في منطقة الدائري وسط صنعاء، دون التزامها بأي وسائل حماية تقيها من الإصابة بكوفيد 19، فلا وجود لأي التزامات تفرضها الجهات المعنية على الطلاب من أجل سلامته في ظل تجاهل كبير من قبل المعنيين، عن وجود الفيروس أصلا، تقول نور أنه ينتبها خوف كبير في معظم الأحيان من الإصابة بالفيروس خاصة مع الازدحام الشديد داخل مراكز الاختبارات، لكن حالة اللامبالاة عند الجميع يجعلها تعدل عن هذا الخوف في بعض الأحيان.
تكاد تكون المعلومات حول كوفيد 19 شحيحة للغاية في مناطق سيطرة (الحوثيين) وحتى الآن لا يوجد أي معلومات عن عدد الإصابات او الوفيات في ظل مخاوف كبيرة من تفشي الوباء بين أوساط الطلاب وغيرهم، كما أن الجهات المعنية ترفض الإعلان عن وجود أي حالة، أو التحذير من تفشي الوباء، بالإضافة إلى عدم توفير وسائل الحماية لأي أحد.
وكانت قد أعلنت سلطات صنعاء القضاء عن الوباء نهاية العام الماضي دون أي توضيحات أخرى، أو الإعلان عن عدد الإصابات، كما أنها سعت بشكل كبير على تظليل الرأي العام حول المعلومات الأساسية عن الفيروس ومدى خطورته، متجاهلة ما يحدث بالعالم بأسره، و ضاربة بكل المؤشرات عرض الحائط، فيما تتحدث مصادر طبية عن وجود حالات كثيرة داخل المستشفيات، بالإضافة إلى حالات وفاة كثيرة أيضا، توفت نتيجة الإصابة بهذا الوباء.
معد هذه المادة زار أحد مراكز الاختبارات في صنعاء، وقد شوهد ازدحام كبير في المركز، دون الالتزام بأي وسائل حماية، لا يوجد أي طالب يرتدي كمامة ولا تباعد اجتماعي، ويختلف الطلاب بين مؤيد ومعارض لوجود هذا الوباء، يتحدث طلاب عن توفي بعض أقاربهم بالوباء بينما يرى آخرون أن الوفاة جاءت نتيجة القدر فقط، وفي هذا الصدد يقول الطالب براء صادق: أنه الوضع طبيعي للغاية، ولا توجد أي مؤشرات لوجود أي مرض، ويرى أن كورونا هذا محض خيال لا أكثر.
براء ليس وحده من يتحدث بهذا الأسلوب هناك كثيرون يوافونه الرأي، وهذا الرأي جاء نتيجة التسيب والإهمال من قبل الجهات المعنية وعدم جديتها في مسألة مكافحة الفيروس، كما أن الجهات المعنية حاولت بكل الطرق نشر معلومات مظللة تتحدث عن عدم وجود الفيروس، فيما عملت أيضا على ترسيخ هذه المعلومات عند الأطفال والطلاب بشكل عام.
انقطاع المرتبات
ليس الفيروس وحده من يهدد سلامة الطلاب بل هناك تهديدات وتحديات أخرى كثيرة تهدد مستقبل الطلاب من حيث سير العملية التعليمية منذ بداية الحرب باليمن في مارس من العام 2015، فالحرب أثرت بشكل كبير على سير العملية التعليمية بشكل كبير.
يعيش معظم المعلمين ظروفا حياتية قاسية منذ سبتمبر من العام 2016، نتيجة انقطاع مرتباتهم، ما جعل الكثير من المعلمين يبحثون عن أعمال أخرى يحصلون منها على مصدر رزقا آخر، لجأ محمد القاضي إلى العمل على متن دراجة نارية منذ أكثر من ثلاثة أعوام، ويقول في حديثه أن انقطاع المرتب جعله يبحث عن مصدر آخر، لكنه يذهب بين فترة وأخرى إلى المدرسة ويتفقد سير العملية التعليمية هناك، وغيره كثيرون تركوا التدريس، ما جعل الجهات الرسمية تستبدل بعضهم باخرين متطوعين شباب يفتقرون إلى الكفاءة اللازمة، وهذا ما انعكس سلبا على سير العملية التعليمية.
وقد تسبب انقطاع المرتبات بتعطيل العملية التعليمية عن نحو 3.7 مليون حسب منظمة اليونيسيف وقد تسبب الصراع القائم في اليمن بتدمير أكثر من 2500 مدرسة، دمر منها نحو 66% وأغلقت حوالي 26% أبوابها فيما تستخدم حوالي 7% لأغراض عسكرية أو أماكن إيواء للنازحين حسب تقرير نشرته منظمة مواطنة بعنوان تقويض المستقبل.
انتشار ظاهرة الغش
ثمة هناك ظاهرة أشد خطرا على التعليم من غيرها وهي انتشار ظاهرة الغش المدرسي، فقد زادت هذه الظاهرة بشكل كبير في السنوات الأخيرة، وذلك بسبب الاهمال الكبير والفساد غير المسبوق في قطاع التعليم في اليمن.
يقول الطالب سعيد ناشر، أنه تفاجأ بتحويل قاعة الاختبارات إلى قاعة عش جماعي غير مسبوق، وقد صدمه هذا المنظر، ويوضح أن المراقبين يقومون بأخذ مبالغ مالية من قبل الطلاب لتسهيل عملية الغش والسماح لهم بالغش، بدوره يقول أحد المعلمين الذي رفض ذكر اسمه أن السبب في وجود هذه الممارسات حاجة المعلمين المادية بسبب انقطاع المرتبات، وأنهم يعتبرونها فرصة لهم.
ويتباها الطلاب بالكثير من الممارسات والطرق الحديثة للغش والتي وصلت إلى استخدام الهواتف النقالة داخل قاعات الاختبارات، وهذا ما أكده لنا الطالب براء، وقال أنه وزملاؤه لديهم مجموعة في الواتساب يقومون بتصوير الأسئلة وإرسالها إلى المجموعة والتي فيها أشخاص قريبين لهم خارج القاعات وبدورهم يقومون بحل تلك الأسئلة وإرسالها إلى المجموعة ذاتها كي يتسنى للكل الطلاب معرفة الإجابات وحلها دون أي تدخل من المراقبين والقائمين على الاختبارات.
حلول
يقول الأستاذ عبدالعزيز حمود، أن الحل الوحيد لعودة مسار التعليم إلى الطريق الصحيح هو، إعادة صرف مرتبات المعلمين بشكل منتظم، وذلك من أجل أعاد كافة المعلمين إلى مدارسهم، وإلزامهم بخطة مجدولة من قبل وزارة التربية والتعليم، وعدم استهداف المدارس أو استخدامها لأي أغراض أخرى خارج نطاق التعليم.
واشار حمود إلى أن صرف مستحقات المراقبين والقائمين على سير الاختبارات ستحد من عملية انتشار ظاهرة الغش لأن هذه الظاهرة جاءت نتيجة الحاجة المادية حسب قولة، كما يشدد على اتباع الوقاية اللازمة للوقاية من فيروس كورونا وعدم التساهل معها، وفي هذه الحالة يجب على الوزارة المتابعة والتقييم بشكل دوري وعلى من لا يتبع او يخالف أي شيء تحمل العواقب كما يشير عبدالعزيز إلى ضرورة أن تكن الوزارة صارمة بهذا الخصوص.
تم نشر هذا التقرير بدعم من JHR/JDH – صحفيون من اجل حقوق الانسان و الشؤون العالمية في كندا