تعز/ تقرير – مكين العوجري
منذ مايقارب سبعة اعوام وابناء مدينة تعز يقبعون تحت وطئة رحمة شركات الكهرباء الخاصة و المسؤولين المستفيدين من الاموال الطائلة التي تحصلها دكاكين الكهرباء الخاصة تحت مسمى الشركات الاستثمارية في مجال الطاقة والتي تستخدم مقدرات المؤسسة العامة للكهرباء بتعز.
وفي ظل استمرار تردي الوضع الاقتصادي في البلد يواصل اصحاب المولدات الخاصة استثمار فساد مسؤولي السلطة المحلية من أجل أستغلال حاجة ابناء تعز للكهرباء حتى وصل بهم إلى رفع تعرفة استهلاك الكيلوا الواحد إلى 500 ريال، مما جعل ابناء تعز عرضة للنهب دونما رقيب.
في احدى الشركات بمدينة تعز يصل سعر الكيلوا إلى 450 ريال واشتراك شهري يصل 2000 ريال، فيما شركة كهرباء أخرى نطاق عملها في مدينة التربة تبلغ قيمة الكيلوا الواحد 350 ريال و2000 ريال اشتراك شهري.
أموال باهضة
تحققنا من بعض الفواتير التي تصل المستهلكين عبر بعض الشركات الخاصة بالكهرباء في تعز والريف الجنوبي (الحجرية)، وتبين فيها تفاوت في سعر الوحده (الكيلوا) و رسوم الاشتراك الشهري الذي تفرضة الشركات اجباريا على المواطنين، ففي احدى الشركات بمدينة تعز يصل سعر الكيلوا إلى 450 ريال واشتراك شهري يصل 2000 ريال، فيما شركة كهرباء أخرى نطاق عملها في مدينة التربة تبلغ قيمة الكيلوا الواحد 350 ريال و2000 ريال اشتراك شهري.
ويعد كبار المستهلكين مثل المحلات التجارية والمطاعم و الصرافين من أهم المستهلكين حيث تصل قيمة الاستهلاك الشهري مايزيد عن 350 ألف ريال، مما يبن أن عملية توسيع الاستثمار ومخالفة القانون له أثر مالي كبير يحصل عليها مسؤولي الجهات المعنية في السلطة المحلية، مقابل عائدات مالية مهولة يحصلها المستثمرين في الكهرباء بتعز.
الاستثمار في الكهرباء
وعن طبيعة الاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية يقول المهندس امين الحاج رئيس نقابة عمال الكهرباء بتعز أن
قانون الاستثمار في مجال الطاقة الكهربائية لايجيز اي تأجير للطاقة الا من خلال وزارة الكهرباء وتحت إشراف الموسسة العامة للكهرباء والتي تقوم ببيع التيار لكل المواطنين بسعر موحد في كل عموم اليمن.
ويتفق مع الحاج في ذلك المحامي صلاح احمد حيث يشير إلى ان أي عملية استثمارية يجب ان يتم دراستها من قبل الوزارة ، لافتا إلى ان الشركات الحالية في تعز ليس لها أي سند قانوني وكل العقود الموجودة باطلة لأنها من صلاحيات الوزير وحده من يحق له التوقيع على عقود الكهرباء او عقود شراء الطاقة بطرق قانونية وسيلمة.
فتوى قانونية
وبحسب مذكرة مسربة من مكتب الشئون القانونية بالمحافظة وموقعة من مدير المكتب السابق الدكتورة وفاء الصلوي، فإن الاتفاق المبرم بين مدير عام مؤسسة الكهرباء بتعز باطل ، حيث تفيد المذكرة (الفتوى) أن العقود المبرمة بين المؤسسة العامة للكهرباء فرع تعز مع التجار أو المستثمرين تعد باطلة بطلانا مطلقا لأنها صادرة من غير ذي صفة وهو مدير عام الكهرباء، بينما المخول الوحيد لذلك هو وزير الكهرباء ومجلس انشطة الطاقة التي يرأسها الوزير وعضوية اربعة خبراء آخرين وفق ما نص عليه قانون الكهرباء.
واكدت المذكرة بطلان اللائحة الخاصة بتنظيم عمل المولدات الخاصة عبر القطاع الخاص و الصادرة عن المؤسسة العامة للكهرباء فرع تعز كون ذلك من اختصاص وزير الكهرباء ومجلس انشطة الكهرباء.
وتفاعلا مع الفتوى المسربة قال المحامي عمر الحميري أن إقالة مديرة مكتب الشئون القانونية بتعز الدكتورة وفاء الصلوي كان بسبب الفتوى التي اصدرتها حول بطلان تعاقد مؤسسة الكهرباء مع شركات الكهرباء التجارية لاستخدام الشبكة العامة واستثمارها في بيع الطاقة باسعار باهضة، مشيرا إلى أن قرار الاقالة كان منع الصلوي من عرقلة الصفقة العبثية وذلك بعلم ومشاركة من محافظ تعز نبيل شمسان.
وبحسب مصادر خاصة فقد عرضت الشركات الخاصة والوسطاء مبالغ مالية على مديرة مكتب الشئون القانونية السابق وفاء الصلوي، الا أنها رفضت ولم تقبل الرشوة المقدمة لها ، فتم اقالتها من منصبها.
وقال الناشط عبدالله سلطان شداد في منشور له عبر حسابه بالفيسبوك أن أحد العروض التي تقدمت به إحدى الشركة الدولية والتي تم الرفع به الى رئيس الوزراء معين عبدالملك، وهو توفير مولدات وتشغيلها بواسطة المازوت وبطاقة ٣٠ ميجا لتعز (١٠ ميجا للمخا، ١٠ ميجا للتربة و ١٠ ميجا للمدينة).
واضاف شداد “على أن يكون سعر الكيلو بيعا للمؤسسة بسعر ٤٠ ريال، ويكون مدة الاستثمار للشركة في ذلك سنتين، ثم تؤول ملكية المولدات لمؤسسة الكهرباء وبذلك معلوم أن الحكومة ستوفر مبالغ كبيرة جداً مقارنة بما يتم بالتشغيل بواسطة الديزل، ويعتبر سعر المازوت بأقل من نصف سعر الديزل”.
رواية رسمية
تواصلنا مع ” مدير مؤسسة الكهرباء تعز” عارف غالب حيث اكد أن اجراءات عقود الكهرباء الموجودة في قانون الكهرباء رقم 1 للعام 2009 م والتي تسمح لوزير الكهرباء او مجلس انشطة الطاقة في الوزارة القيام بها فقط، ويعد هذا اعتراف منه بتجاوز المهام في مؤسسة الكهرباء بتعز من خلال التوقيع مع اصحاب المولدات مبررا ذلك بحصوله على توجيهات من محافظ تعز السابق الدكتور امين محمود والذي وجهه بالتسهيل للمستثمرين في مجال الطاقة ، وحصل “المواطن نت” على وثيقة تؤكد ذلك.
واشار غالب أنه اضطر إلى ارتكاب مخالفة قانونية بعد تجاهل طلب التوقيع مع المستثمرين ، لذلك وقع الاتفاق كأمر واقع وبناء على توجيهات المحافظ السابق امين محمود، لافتا إلى أنه طالب المحافظ نبيل شمسان بتحديد الاسعار لكي يتم التنفيذ والضبط و لم يستجيب وترك الامر بلا رقيب ولاحسيب حد تعبيره، “موضحا” أن المؤسسة العامة للكهرباء لديها مذكرات تؤكد ما قامت به لضبط الاسعار ومنع الابتزاز والاستغلال من قبل اصحاب المولدات للمواطنين مؤقتا حتى يتم توفير كهرباء حكومية واصلاح الاضرار بسبب الحرب واعادة الاوضاع كما كانت قبل الحرب ولكن لم تتجاوب قيادة السلطة المحلية بالمحافظة.
واضاف مدير مؤسسة الكهرباء “وبعد ان وصلنا الى مرحلة ان السلطة المحلية والوزارة لن تقوما بعمل لائحة منظمة وضوابط للاسعار وكونها ليست من اختصاصي عمل لائحة وتحديد الاسعار ومع ذلك قمت اخيرا بعمل قائمة وتحديد الاسعار مع جميع الرسوم وتم مخاطبة مكتب الصناعة والتجارة بها لكي يتم تنفيذها والزام اصحاب المولدات بها وضبط المخالفين”.
واشار إلى انه لا يعلم بمايخص التلاعب بالعدادات ولا يتوقع ان يحصل منهم ذلك ، الا أنه اشار إلى ان يكون هناك عدادات رديئة وقرأتها غير مضبوطة.
واكد ان هناك توجيهات رئاسية بتوفير 30 ميجا لتعز ووصلت الاجراءات الى رئيس الوزراء وتوقفت، ونفى الاتهامات الموجهة الى اصحاب المولدات بانهم يقفون وراء عرقلة التوجيهات الرئاسية
ولفت إلى ان عدد الشركات او المحطات الخاصة تصل حوالي 13 شركة، أما بمايخص الاشتراك الشهري فقال أنه قانوني اذا تم الاتفاق به بعقد بين اصحاب المولدات والمشترك وهو راضي بذلك والعقد شريعة المتعاقدين حسب تعبيره.
حملة الكترونية
ودشن نشطاء و رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة الكترونية واسعة النطاق تحت هشتاج موحد #الكهرباءالعامةمطلب_شعبي ، وذلك للتنديد بالجبايات التي يحصلها المستثمرين وقيادة السلطة المحلية تحت ضغط حاجة ابناء تعز للكهرباء، والمطالبة بإعادة صيانة وتشغيل الكهرباء الحكومي، حيث نشر المحامي عمر الحميري أن آخر فاتورة وصلته بلغت 65400 ريال يمني قيمة استهلاك 15 يوم، وبدون أي متأخرات، مشيرا إلى أنه بالرغم لديه منظومة طاقة شمسية بجانب كهرباء شركة الانوار للكهرباء.
واوضح في منشور له عبر حسابه بالفيسبوك أن محافظ تعز و رئيس الوزراء و وزير الكهرباء مشاركين في هذه الجريمة والتي تبطش ابناء تعز، لافتا إلى ان الحل يتمثل في رفع دعوى ادارية لإلغاء عقود تشغيل شركات الكهرباء التجارية المنعدمة قانونا، وإلزام ادارة المؤسسة العامة للكهرباء فرع تعز بوقف الاستغلال الغير مشروع للشبكة العامة والزامها بواجبها في متابعة تأهيل وتشغيل الكهرباء العامة
فيما يقول الناشط طارق البناء سعر الكيلوا مبالغ فيه والتي تصل إلى 450 ريال وبعضها 500، مؤكدا أن الأسرة الصغيرة تحتاج قرابة 20 ألف ريال خلال 15 يوما وبمعدل 40 ألف ريال في الشهر بالإضافة في الاشتراك الشهري والتي تتفاوت من شركة إلى أخرى.
واضاف “الكارثة الكبرى أن هؤلاء “الهوامير” جميعا يستخدمون شبكة ومولدات الدولة العامة في مشاريعهم الخاصة، ولا أحد يساءلهم طالما ارتبطوا بشبكة المصالح الكبيرة التي تدير المحافظة، ويصل نصيب كل مسؤول فيها إلى منزله أو حسابه البنكي”.
وتسأل “متى ينتفض الناس في مواجهة كل ما يحدث لهم، وهناك ألف ملف يستحق أن يتحرك لأجله الجميع ؟!”.
أما الناشط محمد مهيوب فيقول أن منشورات الفيس بوك لا يمكن ان تغير وتحارب الفساد المستشري بقطاع الكهرباء وبقية المكاتب الخدمية ، في مدينة تعز فكم من حملات سابقة لم تؤثر في الفساد أو تحد منه.
ويرى “نحن بحاجة الى ثورة مسلحة اكثر منها سلمية، الخروج للشارع والاستعانه بشباب الجبهات الذين تضرروا كثيرا من الفساد، رؤوس الفساد ومن يحارب ابناء تعز في معيشتهم هم قتله ومجرمين ومثلهم مثل الحوثي وواجب قلعهم ومقاتلتهم وطردهم، وعلى الشباب الاجتماع واعداد خطة واعطاء مهلة للسلطة وبعدها نخرج”.
يضطر ابناء تعز لشراء الكهرباء الخاصة بمبالغ خيالية لا تتناسب مع دخلهم المالي او انهم يحاولوا شراء منظومة طاقة شمسية بديلة عن الكهرباء الحكومية والتي أصبحت في مهب الفساد.
وردا على الحملة الالكترونية التي شنها نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي اعلن اغلب اصحاب مولدات الكهرباء الاضراب رفضا لأي تخفيض في سعر التعرفة أو الاشتراك الغير وارد في قانون الكهرباء.
وفي ساعة متأخرة من يوم أمس الاربعاء رفعت شركات الكهرباء الاضراب بعد اتفاق ابرم مع السلطة المحلية ان يكون سعر الكيلو 350 ريال يمني بعد ان ارتفع الى 500 ، واشتراك شهري ألف ريال بعد ان كان الفين ريال سابقا.
وينوي عدد من نشطاء مدينة تعز تنظيم مظاهرة احتجاجية يوم غدا الخميس للمطالبة بإعادة تشغيل الكهرباء الحكومية ورفع يد الفساد والشركات الخاصة عن شبكة الكهرباء الحكومية.