المواطن نت/ تقرير – محمد هائل السامعي
يتصاعد الغضب الشعبي على وسائل التواصل الاجتماعي هذه الأيام أثر أزمة وكارثة حقيقية حلّت على الشعب اليمني ، مع ترقبّ لخروج جماهيري للتظاهر في أغلب المحافظات اليمنية ،لتعبّر عن غضبها العارم ،لما وصلت معها من حرب في الخدمات مع السلطات، وفساد مسؤوليها الذريع،
وذلك في ظل الارتفاع لدرجات الحرارة في بداية صيف قادم ،وكهرباء منقطعة لساعات طويلة خاصة في المناطق الساحلية من البلاد والتي يكتوي سكانها بجوءها الحار القاتل، فيما المحافظات الأخرى أصبحت الكهرباء فيها غائبة بشكل تام، مما يجعل سكانها عرضة للاستغلال من قبل اصحاب المولدات الخاصة وشركائهم من المسؤولون في السلطات المحلية في مدينة تعز جنوبي اليمن والتي تعاني حصار خانق منذ سبعة اعوام من قبل جماعة الحوثيين الانقلابية.
الكهرباء في تعز مصدر ثراء مشبوه
ولم تكن أزمة الكهرباء في اليمن وليدة اللحظة، فمشكلة الكهرباء تكمن في العجز الحاصل عن تغطية الطلب الذي يزداد كل يوم ،كم أنه لا ضوء ينير العتمة لشعب عالق في الظلام ،ويعيش مظلوماً ،وتحاصره الحرب ، ويدمر مؤسساته الباسطين على السلطة من الشرعيين والغير شرعيين ،ولا يختلف الحال عند سكان المناطق الخاضعة لسلطة الانقلاب الحوثي في (شمال البلاد) ،او عند سكان المناطق الخاضعة لسلطة الشرعية والانتقالي الجنوبي، وسط اليمن وجنوبه .
فمنذ مطلع العام 2015م مع دخول اليمن جحيم الحرب ،التي لم تحسم حتى اللحظة ،فقدت اليمن تماماً الطاقة التي لم تستطيع تغطية الطلب ،فيما أجبر هذا الاحتياج من قبل المواطنين في التغلب على هذه المعاناة ،الذهاب لشراء مولدات الطاقة المنزلية، بقصد التغلب الأزمة لتواجههم مشكلة كبرى في إنعدام المشتقات النفطية التي ستعمل على تشغيلها ،ومن ثم يلجؤون و مجبرون إلى استخدام ألواح الطاقة الشمسية،كحل أخر وبديل ،على الرغم من أن هذه الطاقة البديلة لا تفي بتغطية الطلب ولا بمتطلبات الاستخدام والذي يقتصر دورها على الإنارة المنزلية الضعيفة ومصدر طاقة للأجهزة الإلكترونية الصغيرة.
واستمرت معاناة السكان في انعدام الخدمات خاصة الطاقة الكهربائية و تكيفوا بشكل قهري مع وضع لم يكن مرغوباً، ليجدوا أنفسهم فريسة لتجار الخدمات ،من مسؤولين فاسدين تجار مستغلين ،في التربح من معاناة جوعى من شعب مضطهدين، في اضطرار للتزوّد بالطاقة وشرائها من شركات صغيرة ،تملك وتستأجر مولّدات تجارية وتعمل بربحية خاصة ومشبوهة ،وتتوفر في المدن والأسواق الشعبية،وتوضع في الشوارع ،تعمل على توزيع الطاقة على المنازل والمحلات التجارية، مقابل بدل مالي،ورسوم اشتراك وتبعاته ، وتجاوز سعر الكيلوا وات 400ريال للكيلوا ،اما التيار الكهربائي الرسمي فقد أصبح من الحلم عودته ،لفقدان ثقتهم بنخبهم وبالعالم بأنه سيعيد لبلدهم الأستقرار والسلام .
ويتخذ المسؤولين من الحرب التي تعيشها اليمن هي حُجة في التهرب من الالتزام اتجاه أبناء شعبهم ، الى جانب أزمة المشتقات النفطية وأسعارها الباهظة التي تعد مصدراً أساسياً لتوليد الطاقة الكهربائية في المدن والأسواق الشعبية، التي تتوفر فيها الكهرباء الخاصة -التجارية ،لتستمر اليمن تغرق في الظلام المزمن، الظلام الذي بات يمثل رمزاً لما تعيشه اليمن من تدمير وحرب وصراع سياسي وإرتزاق وفساد.
وما تزال أزمة الكهرباء مستمرة والتي سيظل يعاني منها الشعب اليمني أكثر، في ظل وجود سلطات لا يهمها سواء مزيد من الجبايات و الثراء على حساب المواطن المغلوب، وكما يقول الاقتصادي السويدي غونار ميردال
((لرسوخ الفساد في البلدان المتخلفة سبب هام هو تقديم الرشوة الی السياسين والموظفين التي تلجأ اليها الشركات الغربية من اجل الحصول علی اسواق لها وتمرير اعمالها بدون ان تلاقي عقبات كبيرة))
أما اليوم فقد أصبحت الرشوة تقدم من الشركات المحلية ومن أصحاب المصالح للسياسين والمسؤولين الحكوميين، ولخصخصة ماتبقى من القطاع العام وتأجير وبيع مايمكنهم بيعه ،لان من يملكون السلطة على مستوى عالي ،قد أستوفوا البيع،وثرواتهم في الخارج لا يمكن حصرها، وأزمة الطاقة التي بلغت ذروتها ستصل بهم إلى المزبلة ،ولا يمكن في كل صيف تبقئ الأزمة قائمة ،ويحترق ملايين من اليمنيين بحرارة الصيف ،وصبرهم هذه المرة نرى أنه قد تجاوز حدوده.