عبدالواحد السماعي
تُمثل بعض الأحياء في مدينة صنعاء، عاصمة اليمن، موطناً لمجتمع المهمشين، حيث لا يمتلك العديد من سكان هذه المجتمعات أعمالاً ثابتة، وكل ما يجنيه العامل منهم غالباً يقل عن 40 دولار أمريكي في الشهر الواحد.
ولايزال مستوى ضعفهم يزداد سوء بفعل طول أمد النزاع وما ترتب عن ذلك من أزمة اقتصادية، ومع انعدام مصدر ثابت للمياه، وعدم قدرتهم على الوصول إلى الخدمات الأساسية.
وضع صحي كارثي
تعيش فئة المهمشين وضع صحي كارثي بمعنى الكلمة هناك العديد من الأسر التي تسكن داخل هذه المحاوي (المخيمات)، بعد أن أجبرتهم الظروف المــــادية الصعبة على إيجاد مساكن مناسبة تؤويهم، فكانت تلك الخيام المصنوعة من الطرابيل والكـــــراتين وبعض الاقمشة الممزقة والمـهترئة، ومخلفـــات البناء ومتراصة بشكل عشوائي، تفتقر هذه الخيام الى أبسط خدمـــات الصرف الصحي، تنبعث من أوساط هذه الخيام الروائح الكريهة، تتشارك اكثر من اسرة في دورة مياه واحده إن وجدت ، حيث ان يكتفي الكثير من القاطنون في هذه الخيـــــام بالقيــــــام بعمل حفرة صغيرة بجانب كــل خيمة لقضاء حاجاتهم.
تأثير فيروس كورونا
تُعتبر فئة المهمشين أشد احتمالاً للإصابة بهذا الوباء، بسبب التمييز والعوائق التي تحول دون حصولهم على المعلومات والخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية والادماج الاجتماعي والتعليم.
يجب توفر هذه المعلومات للأشخاص لكي يعرفوا كيفية حماية أنفسهم والحصول على الخدمات أثناء العزل الصحي والعزل الذاتي.
ينتشر فيروس كورونا بسرعة، ويشكل خطــــــورة خاصة على هذه الفــئة التي تعيش في أماكن مغلقـة داخل المدن المكتظة بالسكان، تعيش ما نسبته 12%([1]) من سكان اليمن من النساء والأطفـــال والشيوخ فـي بيئات سكنية منفصلة تماماً عن باقي المجتمع، حيث يواجهوا الإهمال وسوء المعاملة ونقص الرعـــــاية الصحية ونقص المعلومات اللازمة والضرورية لكي يتمكنوا من حماية أنفسهم من هذا الوباء
يمكن ان يكون فيروس كورونا كارثياً في بيئات فئة المهمشين في اليمن أنها صورة مخيفة جداً حول ما يمكن ان يفعله مثل هذا الوباء داخل هذه الأماكن، لا يمكننا ان نتجاهل هؤلاء على الاطلاق.
كيف واجهت هذه الفئة فيروس كورونا
في الوقت التي تكافح فيه أقوى الأنظمة الصحية في العالم، جائحة فيروس كورونا، بأحدث التقنيات الطبية المتطورة، يعاني أغلب اليمنيين، وخصوصاً فئة المهمشين منهم، من نقص حاد لأدنى الوسائل لمكافحة الفيروس، وهي وجود الماء لغسل اليدين.
” ليس لدينا ماء ولا كهرباء ولا مجاري وكأننا لسنا يمنيين ” بهذه الكلمات افتتحت سبولة محمد 33 عاماً كلامها بنبره يملأها الحزن وعينين مرهقتين، وجسد نحيل، سبولة هي إحدى النساء المهمشات التي تعيش في محوى في منطقة الحصبة وسط العاصمة صنعاء.
في صبيحة كل يوم تستيقظ سبولة مبكراً، وتوقظ بناتهـــــا للذهـــاب إلى أحـــد المساجد المجاورة للمحوى الذي تعيش فيه، لجلب الميـــــاه، بسبب عدم توفر المياه في الخيام التي يعيش فيها المهمشون صورة من الارشيف
عندمــــا سئلت خالـــــد هراري 33 عاما ًماهي الوسـائل التي أتخذها لتجنب الإصــابة بفيروس كورونا
أجاب ” أيش من وسائل نحن نبحث عن قيمة الأكل والشرب كل يـــــوم، الأمر الأخر لا أحـــــد يهتم لشأننا عندما نذهب إلى أي مستشفى لطلب العلاج يتم التعامل معانا بنظرة أخـــــرى مختلفة عن كل المواطنين هـــذا في الوضــــــع العادي، تخيل لما يوصل كورونا عندنا، صدقني ما يعالجوا واحد مننا “
وحذرت مفوضية اللاجئين من تعرض المجتمعات النازحة والمهمشة لمخاطر متزايدة في حالة تفشي فيروس كورونا، نظراً لوضعهم غير المستقر وظروفهم المعيشية والصحية المزرية.
وقالت مديرة منظمة أطباء بلا حدود في اليمن والعراق والأردن، كارولين سيغين، لوكالة “فرنس برس”، إن اغلب اليمنيين لا يمكنهم الحصول على مياه نظيفة، وبعضهم لا يمكنهم الحصول على الصابون.
وأضافت: “كيف يمكننا أن نوصي بغسل اليدين، ولكن ماذا لو لم يكن لديك أي شيء لتغسل يديك به؟
الوصمة الاجتماعية
اثناء الجائحة وحسب كلام بعض الأشخاص في المخيم كان اغلب الناس من المجتمع العام يتجنب حتى المرور بجوار المخيم ويسلك طريق اخر برغم انه كان يمر دائما ً من هذا الطريق، لاعتقاده ان مخيم المهمشين قد يكون مصدر للوباء.
يقول محمد شمهان 28 عام من سكان مخيم سعوان ان صاحب البقالة التي امام المخيم اثناء الجائحة قام بنقل البقالة من جوار مخيم المهمشين الى مكان يبعد قليلا عن المخيم وعندما كانوا يذهبون الى الشراء منة يتحجج بعدم وجود الشي المطلوب لدية خوفاً من ان يأخذ الأموال منهم وان ينتقل الوباء الية، وفي المقابل عندما يأتي شخص اخر ليس من مجتمع المهمشين يطلب نفس الشيء يعطيه صاحب البقالة وحصل هذا الشيء أكثر من مرة حتى سار الموضوع معروف عند كافة سكان المخيم بان صاحب البقالة يرفض ان يبيع لهم مما كان يضطرهم للذهاب الى أماكن أخرى.
يقول حيدر سويد مدير ادراه التامين الصحي لعمال النظافة بالنسبة للشائعات حدث ولا حرج (اخدام – وسخين – من صاحب الخادم يصبح نادم – … الخ ) لكن في بعض المخيمات بدأت تذوب مثل هذه الشائعات ويضيف بالنسبة للشائعات فيما يخص كورونا ظهرت شائعة ان الاخدام هؤلاء لا يظهرهم شيء عندهم مناعة من كل شيء من باب السخرية والتهكم عليهم .
يقول نعمان الحذيفي رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين ليست هناك ما ترقى لتكون إشاعة فيما يخص كورونا ولكن نستطيع ان نسميها مخاوف وسبب هذه المخاوف هو الوضع الصحي والمعيشي الذي تعيشه هذه الفئة والذي يعتبر وضع ممكن ان يساعد في انتشار الوباء، اما فيما يخص الشائعات بحول اصابتهم بفيروس كورونا لا توجد كون الجائحة عالمية وليست مقتصرة على فئة اجتماعية دون أخرى.
دور عمال النظافة في مواجهة الجائحة
يؤدي عمـــــال النظافة واجبا وطنيا ساميا ومهمة اجتماعية نبيلة. صحيح أن مهنتهم بسيطة، ولكنها تحتاج روح إنســـانية ونكـران للــــذات في سبيل المساهمة في تجميل المظهر الحضـــــاري للمدن والمجتمعات.
إنهم عمــــــال النظافة الحاضرون في كل مكان، لكننـا بالكاد نراهم. لا أحد ينتبه إليهم، على الرغم من أن لا حي يخــــلو منهم، ولا عين تخطئهـــــم شوارع المدن وأزقتهـــا عناوينهم التي يفنون فيها زهرة عمرهم بدون مظلـة تحميهم من لهيب الشمس وبروده الشتاء. صورة لعمال نظافة في احدى المحاوي وسط العاصمة صنعاء يوم الخميس 18 مارس 2021 م
يقول مدير إدارة التامين الصحي حيدر سويد ان عدد عمال النظافة في امانة العاصمة يبلغ 6000 ستة آلاف
عامل وعاملة يتم تقسيمهم على شوارع ومرافق حكومية في صنعاء بالإضافة الى عمال رفع النفايات.
يعتبر عمال النظافة الجبهة الثانية، أو لعلها الأولى، في معركة المواجهة، جنبا إلى جنب مع الطواقم الطبية. إذ يجد عمال النظافة أنفسهم، وجها لوجه، في مواجهة “كوفيد-19”. ولكن الكثير لا يدرك صعوبة هذه المهنة، خصوصا في ظل الظروف الصعبة الراهنة، وذلك لعدم توفر التدابير الوقائية ووسائل الحماية الشخصية من أجل حمايتهم، من فيروس كورونا المستجد.
تقضي سعاد ساعات العمل التي تنتهي عند الواحدة ظهرا في مطاردة الفواضل الملقاة والأوساخ والأتربة التي تقع في أطار عملها المحدد. فتقطع بضع كيلومترات ترفع ما يسقطه الناس وتزيل ما يرمونه على الأرض وتجمع ما يلوثون كأنها تريد معاتبتهم. ولكنها كانت صامتة ترد على تحية صباح الخير برقة أجمل وتتعلق عيناها بالأرض كأنها نسيت ان تحلم او ان ترعى السماء بحثا عن أمل مفقود.
عمال النظافة والتامين الصحي الخاص بهم
تأمين صحي ضعيف ولا يوفر كل ما يحتاجه العامل او اسرته حيث، حيث يتم اقتطاع 6% شهرياً من راتب العامل الذي لا يتجاوز راتبة 25 الف ريال شهرياً مقابل تأمين لا يرون منه الا ما ندر ، اما في الآونة الأخيرة ومع اتساع دائرة الصراع فقد اصبح موضوع التأمين للحالات الطارئة فقط اما الامراض العادية او المزمنة فلم يعد لها تامين في الوقت الحالي.
يقول مدير دائرة التأمين انه يتم صرف بدلات صيانة للعمال كل ثلاثة أشهر هذا طبعاً قبل الازمة والحرب، لكن في الوقت الحالي ليس هناك فترة محدده لصرف بدلات الصيانة ولكن الامر يعتمد على توفر الميزانية، اما فيما يخص عملية تنظيف وغسل البدلات الخاصة بعمال النظافة فقد قال انه لا توجد مغسلة خاصة تؤدي هذه المهمة ولكن كل عامل يتكفل بغسل بدلته الخاصة بنفسه.
الإصابات في قطاع عمال النظافة
يعرف الجميع ان عامل النظافة هو أكثر شخص يتعرض للأمراض والاوبئة، لأنه يعمل وبشكل يومي ومستمر في بيئة حاضنة للأمراض واثناء جائحة كورونا ومع ذلك يصمد عمال النظافة ويستمروا في أداء عملهم رغم المخاطر التي يوجهوها اثناء الجائحة في ظروف صعبة مع انعدام شبة كلي لوسائل الحماية الشخصية ونقص كبير لديهم في معرفة الوباء وطرق انتقاله.
تم مشاركة الإحصائية التالية من بيانات مكتب التأمين الصحي لسنه 2020 وليس واضحا ماهي الاليه التي تم اعتمادها للوصول الى هذه الارقام ولكنها لا تقلل من الاخطار الصحية التي يواجها عمال النظافة في ظل غياب تام لمعالجه اوضاعهم الصحية كمواطنين وكموظفين في قطاع حكومي وكعاملين في اهم المجالات الخدمية التي تمس حياة المجتمع وسلامته وصحته.
[1] لطف الصراري الصراري – المهمشون في اليمن اغتراب في أدنى الهامش – موقع السفير العربي
ملاحظة الكاتب: لاتوجد احصائيات دقيقه حيث تختلف النسبه في عده مصادر.