بلال الطيب
كان لا بد من تماسك الصف الجمهوري أكثر، خاصة وأنَّ الإماميين يدقون أبواب صنعاء، وأنَّ عدد من الضباط الجمهوريين الكبار تخلوا في المُقابل عن مسؤولياتهم، وقاموا برحلة الشتاء إلى القاهرة، ودمشق، وبيروت، وأسمرة، في البدء عُين النقيب عبد الرقيب عبد الوهاب ذو الـ 25 ربيعًا رئيسًا لهيئة الأركان 10 ديسمبر 1967م، تحت ضغط وإلحاح كبيرين من زملائه الضباط ذوي الرتب الصغيرة.
وتحت ذلك الإلحاح الشبابي ايضاً، أصدر القائد العام الفريق حسن العمري قرارًا بإعادة تشكيل القيادة العسكرية من عدد من الضباط ذوي الرتب الصغيرة، نذكر منهم:
- ملازم أول عبدالرقيب الحربي – نائبًا لرئيس الأركان للشؤون العسكرية.
- ملازم أول محمد صالح الحنبصي – نائبًا لرئيس الأركان للشؤون الإدارية.
- المقدم يحيى مصلح مهدي – رئيسًا للعمليات الحربية.
- المقدم علي مصباح – مديرًا لشؤون الضباط.
- المقدم علي قاسم المنصور – مديرًا للتنظيم والإدراة.
- النقيب لطف سنين – قائدًا لسلاح المدرعات.
- ملازم أول علي مثنى جبران – قائدًا لسلاح المدفعية.
- ملازم أول محمد صالح فرحان – قائدًا لسلاح المشاة، وقائدًا للمحور الغربي.
- النقيب حمود ناجي – قائدًا لسلاح المظلات، وقائدًا للمحور الشرقي.
- المقدم محمد الآنسي – قائدًا لسلاح الإشارة.
- ملازم أول يحيى الكحلاني – قائدًا للشرطة العسكرية.
- المقدم عبدالعزيز البرطي – قائدًا للواء الحديدة.
- ملازم أول سعيد هزاع – قائدًا للواء إب.
في شهادته على تلك اللحظة الفارقة، قال الملازم أول محمد صالح الحنبصي – أحد الشباب المُعينين – : «أدركت القيادة السياسية وبحنكة وذكاء وخبرة القاضي عبدالرحمن الإرياني.. أنَّ إشراك شباب جيل الثورة من العسكريين المؤهلين عسكريًا، والتي ظهرت قدراتهم القتالية الميدانية طيلة خدمتهم منذ قيام الثورة المباركة هو الأقدر على تحمل المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة، والذي يعتبر الحدث الأكبر والثاني بعد ثورة “26 سبتمبر 1962″؛ بل المحك الأساسي لبقاء الجمهورية أو القضاء عليها، ويعتبر من أهم مراحل تاريخ النضال اليمني المُعاصر».
وأضاف: «في ظل قرار التشكيل هذا، استاء بعض الضباط الأقدم، فمنهم من غادر صنعاء، ومنهم من احتجب في منزله، ومنهم من رفض تنفيذ أوامر رئيس الأركان، ومنهم من غادر البلد قبل صدور قرار التشكيل؛ لما ولد في نفوسهم من إحباط من سرعة تحرك القوة المعادية إلى قرب العاصمة.. ».
سبق لعمر الجاوي – وهو من أبطال ملحمة السبعين يومًا – أنْ تحدث بشيءٍ من التفصيل عن هروب أولئك الضباط الكبار، وهو تصرف عده كثيرون بالأمر الإيجابي؛ كون الهاربين تركوا المجال لضباط شباب أثبتوا أنَّهم الأجدر، وكانوا إلى جانب طلاب كليتي الشرطة والحربية طليعة وطنية، وثمرة ايجابية للثورة الأم، أثرت كثيرًا في مسار الأحداث.
وعن أولئك الهاربين تحدث المناضل محمد عبدالسلام منصور – أحد أبطال تلك الملحمة – بإنصاف مُذهل: «إنني على يقين تام أنَّ القوى الجمهورية بمختلف اتجاهاتها قد قاتلت ببسالة، وإذا كان أحد قد غادر صنعاء، فإنَّ ذلك لا يعني أنَّه صار ملكيًا؛ بل إنَّه قدَّرَ أمام الهجمة الملكية المسعورة أنَّ القوات الجمهورية لن تقوى على صد تلك الهجمة، وتمثلت له “أحدث 48” بيانًا، فأساء التقدير في ذلك، وله كل الحق في تقديراته، وعليه تبعات إساءة تلك التقديرات في الحدود الإنسانية المعقولة، وفي حدود حسن النية الواجب افتراضه عند الجميع، ولا سيما أنَّ هؤلاء قد أثبتوا – قبل وبعد الحصار – أنَّهم جمهوريون حتى النخاع».