المواطن/ كتابات ـ فهمي محمد
على إثر وحدة الشعب اليمني التي تحققت عام 1990/م، بقرار تأريخي وشجاع من قبل قيادة الحزب الاشتراكي اليمني الحاكم في جنوب اليمن وقيادة المؤتمر الشعبي الحاكم في شماله تحول مفهوم الدولة ومفهوم الشراكة الوطنية إلى جدلية سياسية بين شركاء دولة الوحدة منذ الوهلة الأولى، ناهيك عن إنعكاس مثل هذا الجدل السياسي المتعلق بمفهوم الدولة ومفهوم الشراكة الوطنية على مجمل الخطاب السياسي المتداول بين كل التعبيرات السياسية التي تكونت هي الأخرى أو أعلنت عن وجودها التنظمي والسياسي بفضل هذا القرار التأريخي الذي اتخذه الحزبيين الحاكمين في الشمال والجنوب في 22/ من مايو 1990/ – وعلى وجه الخصوص كان الأستاذ المناضل علي سالم البيض هو صاحب الدور الإستثاني الفاعل في عملية تحقق هذا القرار التأريخي انطلاقاً من حسن النوايا – لاسيما وأن هذا القرار لم يتوقف يومها على مسألة إعادة وحدة الشعب اليمني سياسياً بما يعني إلغاء الحدود التشطيرية التي قسمت اليمن إلى شمال وجنوب، بل تعد ذلك إلى ضرورة تحقيق شروط الديمقراطية الليبرالية كآلية سياسية ناجعة يتم من خلالها تحقيق عملية التداول السلمي للسلطة الحاكمة في ظل الدولة الجديدة التي كان يجب أن تقوم وتتأسس عملياً على فكرة الدولة الضامنة وعلى مفهوم الشراكة الوطنية، لاسيما وأن مثل هذه الأخيرة لم تكن مطلوبة بين شركاء دولة الوحدة فحسب = { الحزب الاشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام } على إعتبار أن التسليم بالديمقراطية كان يعني خروج أحد الشركاء من السلطة عبر صناديق الاقتراع بعد إستكمال بناء الدولة بشكل صحيح خلال الفترة الانتقالية ، بل كانت أي الشراكة الوطنية ضرورية وحتمية على وجه التحديد بين الشمال والجنوب بشكل أساسي لكي تستطيع الأجيال القادمة أن تتجاوز ماضي التشطير دون أن يصاب وجدانها الجمعي بغبن وهي تعيش في ظل دولة الوحدة اليمنية واكثر من ذلك تجد نفسها معنية بالدفاع عنها، ما يعني في النتيجة من جهة أولى أن حتمية الشراكة الوطنية – على قاعدة الندية في الحضور – وديمومتها بين الشمال والجنوب كانت غير مرتبطة بالمطلق بحسابات الفوز أو الخسارة الناتجة عن عملية الديمقراطية كما هو حال الحزبين الحاكمين في دولة الوحدة = { الحزب الإشتراكي اليمني والمؤتمر الشعبي العام } ومن جهة ثانية أن دولة الوحدة كان يجب أن تقوم على أنقاض سلطة القبيلة في الشمال ودولة الحزب في الجنوب، أي صناعة نموذج ثالث يؤسس للمستقبل = { الدولة الضامنة } على قاعدة أن يكون الجنوب والشمال شركاء متكافئين في صناعة القرار السياسي المتعلق بمستقبل دولة الوحدة أو الدولة الضامنة، أو دولة الشعب على حد وصف الباحث الكبير محمد صالح الحاضري، وهو وصف دقيق بالنسبة لي لأن دولة الشعب تتجاوز بمدلولها السياسي سلطة القبيلة في الشمال ودولة الحزب المسيطر في الجنوب .