المواطن/ كتابات ـ فهمي محمد
ثورة سبتمبر تسقط إمام السلالة السياسية ولكن.. .
لم تتمكن ثورة ال26من سبتمبر 1962/م، من إسقاط إمام السلالة السياسية ومملكته في شمال اليمن فحسب، بل أعلنت قيام اول جمهورية في اليمن ما يعني أن هذا الأخير يعد بحد ذاته هو الحدث السياسي الأكبر في تاريخ اليمن على الإطلاق، أما قصة الدولة مع الثورة فقد بدأت من نقطة الصفر بكل ما تحمله كلمة الصفر من معنى، لا دستور ولا قوانين كانت موجودة وناظمة في ظل مملكة إمام السلالة، ولانظام إداري ولا حتى شبه مؤسسات قائمة تسمح للبناء عليها، بمعنى آخر كل المداميك المادية والقانونية وحتى السياسية التي يجب أن تبنى عليها فكرة الدولة الحديثة كانت معادلاتها منعدمة، وهذا بحد ذاته مثل تحدي كبير أمام سلطة الثورة، ناهيك عن ذلك فإن ثورة سبتمبر خاضت من أول يوم معركة عسكرية/ سياسية / مزدوجة زادت في الطين بله في معركة التغيير في شمال اليمن، قتال عسكري مع القوات الملكية المدعومة إقليماً وحتى دولياً، وصراع سياسي حسم عسكرياً داخل الصف الجمهوري لصالح قوى إحتشدت في صف الجمهورية وتقدمت صفوف الثورة، دون أن تؤمن بفكرة الثورة أو الجمهورية، بقدر ما كانت تؤمن بإزاحة بيت حميد الدين عن السلطة بدافع الخصومة السياسية، وهي أحد المشكلات الكبرى التي تكررت حرفياً في ثورة 11/ فبراير 2011/م، ضد الرئيس صالح ونظام حكمه !!!
يقال أن التاريخ لا يعيد نفسه وإن فعل فإنه في الأولى تراجيديا حقيقية وفي الثانية ملهاة مضحكة، والملاحظ أو الشاهد في ذلك أن تأريخنا الثوري يعمل على إعادة نفسه في اليمن، بل ما يزال قابلا ً لمسألة التكرار الهزلي في مستقبل الأجيال، ربما لأن القادرين على الكلام أو النقد المسؤول غير مستعدين على تقيم التجربة الثورية بكل شجاعه مهما تكن نتائج ردود الأفعال تجاه هذا التقييم، علينا أن نخضع فعلنا الثوري وتجربتنا الثورية للفحص والتحليل الدقيق في مختبر الفكرة الثورية وعن طريق المحاليل الوطنية الخالصة، وتلك مهمه تقع على عاتق المثقفين أكثر منها على عاتق السياسين عشاق السلطة .
نعود للحديث بشكل مركز في موضوع المقالة ونقول إن مجموع أهداف الثورة كانت تؤدي في واقع الحال إلى بناء الدولة، في حال أن تمكنت سلطة الثورة من تطبيق أهدافها السته، لكن سلطة الثورة ارتكبت أول أخطائها القاتله في بداية معركتها مع التغيير، أقصد التخلي عن الحامل السياسي الذي تولى تفجير الثورة = { تنظيم الضباط الأحرار } فبدلا من تحويل هذا التنظيم العسكري الثوري، إلى تنظيم سياسي يتولى قيادة مسار الثورة ومعركتها التى بدت معركة ثلاثية الأبعاد ( هذا الخطأ لم تقع فيه ثورة 14/ اكتوبر، فقد تحولت الجبهة القومية التي فجرت الثورة إلى تنظيم سياسي يتولى قيادة مسار الثورة في الجنوب) على العكس من ذلك في الشمال تم تفتيت هذا التنظيم السبتمبري بحجة إلغاء الحزبية مع أن غالبية قيادة تنظيم الضباط الأحرار عشية الثورة كانوا أعضاء في حزب البعث، ما يعني في النتيجة أن إزاحة تنظيم الضباط الأحرار لم يجعل مشروع الثورة بدون حامل سياسي فحسب بل فتح الباب أمام القبيلة السياسية … .