المواطن / تقرير _محمد هائل السامعي
لا يختلف الاقتصاد اليمني كثيراً عن غيره من اقتصاديات دول العالم النامي التي يسودها العديد من التصدعات في هياكلها، كما أنها لم تكن هذه التصدعات وليدة لحظة معينة، بل هي حصيلة لعوامل عديدة، منها: الاقتصادي ومنها السياسي والاجتماعي.
ندرك تماماً ما تعيشه اليمن من أزمة اقتصادية – مالية، خانقة منذ سيطرة جماعة الانقلاب على العاصمة صنعاء في 2014م، كما تعيش حرب شرسة أخرى في العملات النقدية، منذ نقل البنك المركزي اليمني الى عدن في العام 2016م من قبل السلطة الشرعية، بقصد السيطرة على السياسة المالية والنقدية للعملة، وتحمُل المسؤولية في دفع رواتب الموظفين، مع العلم أن هذه الرواتب لم تعد كافية لمستحقيها، أمام تدهور القوة الشرائية للعملة المحلية، وتعطيل السياسة المالية والنقدية.
يأتي هذا بعد عجز جماعة الانقلاب في دفع إلتزامات عليها من رواتب الموظفين وغيرها، والتي تؤدي هذه الازمة بدورها إلى تفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن أكثر، وتدمر ما بقى من الاقتصاد المنهك بشكل أكبر.
في بداية العام 2020م، أصدرت جماعة الانقلاب قرار بمنع تدول الأوراق النقدية في مناطق سيطرتها، العملة الجديدة- الاوراق المطبوعة حديثا التي اصدرها بنك الحكومة اليمنية الشرعية – عدن ، كما أنها تمارس جل وسائل النهب والعقاب الجماعي بحق المدنيين في مناطق سيطرتها ممن تجد بحوزتهم نقود جديدة، وبدورها خلّفت ما أقدمت عليه جماعة الانقلاب بهذه الخطوة الخطيرة سعرين لصرف العملة بالدولار على مستوى البلد، وفارق في القيمة بين الاوراق النقدية للعملة المحلية المطبوعة حديثة وقديمة في مناطق سيطرتها، إضافة لحرمان قطاع واسع من الموظفين في مناطق سيطرتها من الحصول على رواتبهم ، ومضاعفة البؤس الذي يعيشه سكان تلك المناطق جراء هذه المغامرات ، وفقدان قيمة أموالهم حتى أن أحد الشباب من تعز مقيم في مناطق سيطرة الشرعية قرّر ، تحقيق الاستقرار النفسي والزواج بشابة من مدينة صنعاء الواقعة تحت سلطة جماعة الانقلاب وهو بحاجة لعملة من النقد القديم لدفع تكاليف إقامة حفلة زواج في صنعاء، وتضاعفت الخسارة اكثر لديه، إضافة الى مآسي كثيرة يعاني منها المرضى وأسرهم القادمين إلى صنعاء للعلاج ، وابتزاز للمواطنين المسافرين من مناطق سيطرة الشرعية الى مناطق سيطرة الانقلاب.
فيما الكثير حائر ، يظل البعض في اليمن عاجز ، امام صراع قائم بين القديم والجديد من العملات، وبين شجرة البن والقات، واطراف الصراع كلاً منها يبحث عن السيطرة على أكبر مساحة حتى يفرض سلطته اكثر ، وبنقد نقابة الموالعة اليمنيين الساخر ومعها دائرة البن، التي تسعى إلى إيجاد حراك شعبي وتوجيه أنظار الشعب اليمني نحو صناعة ثورة زراعية – في العودة الى زراعة البن ، وكما عُرف اليمن تاريخياً بأنه موطن البن الأصلي ، نطمح بعودته الى صدارة العالم، في إنتاج البن لتحقيق اكتفاء ذاتي اولا، ورفد الاقتصاد الوطني الذي يُحسّن الميزان التجاري اليمني بشكل جزئي مستقبلا ً، ومع تصديره سيجلب المزيد من العملات الاجنبية التي افقدتنا شجرة القات من الحصول عليها، وتأثر الميزان التجاري بالعجز ، ولهذا على الجميع التوجه نحو زراعة البن لاستعادة الريادة التاريخية نحو النهوض الشامل ، فلا مجال لإنقاذ هذا البلد إلا بالتشجيع على الزراعة ، واتاحة الفرصة امام الرأس الوطني في الاستثمار والصناعة والتصدير.
فالبن اليمني مافتقر من يزرعه ،ولا يمكن له أن يبتلى بالهوانِ ،حد وصف الراحل الشاعر الكبير مطهر الارياني في قصيدته ،الذي غناها الفنان علي بن علي الانسي، وفي احدى ابيات هذه القصيدة ،يخاطبنا نحن الشباب ،”
يلّاه بنا يا شباب الريف من كل بندر
نحيي ليالي الهنا والحب والخير الاوفر
بالوان من فن هذا الشعب من عهد حمير”
و3مارس مناسبة، و يجب عدم نسيان شجرة البن باقي ايام السنة، ولو أن كل أسرة زرعت شجرة بن واحدة، لحققت اكتفاء ذاتي من هذا المحصول بعد سنوات قليلة، كما أن علينا الرفع من مستوى توقعنا في غرس الاشجار، إضافة الى انها ستساعد تمكين المجمعات الزراعية المنتجة للبن في توفير فائض يمكن هذه المجمعات من التصدير بشكل أمثل، وتتحقق المنافسة على مستوى عالمي