المواطن/ كتابات – عيبان محمد السامعي
شكلت قضية المرأة في اهتمام وتفكير الشهيد / عبدالفتاح إسماعيل أهمية كبرى . وتأتي هذه الأهمية من الواقع المرير الذي تعيشه المرأة في ظل مجتمعات غارقة حتى أذنيها في التخلف بمعناه الشامل . لقد ربط الشهيد تحرر المرأة بنيلها حقوقها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية , ذلك أنه من بين العوالم الرئيسية في اضطهاد المرأة هو أنها ليست متحررة اقتصادياً , بل أنها تعتمد اعتماداً أساسياً على دخل الرجل , وهذا ما يجعلها أسيرة تحت رحمته . كما أنه لا يمكن أن تتحرر المرأة من مختلف أصناف الاضطهاد الاجتماعي والسياسي بدون أن تتحرر اقتصادياً وثقافياً . إن قضية تحرر المرأة ترتبط بشكل عضوي بتحرر المجتمع بكل طبقاته وفئاته , وأن نضال المرأة لا يمكن أن يصبح نضالاً حقيقياً إلا متى ما اتصل بنضال المجتمع بشكل عام من أجل خلق المجتمع الجديد الخالي من كافة أشكال اضطهاد الإنسان للإنسان . وفي هذا السياق يقول الشهيد فتاح : “إن المجتمعات البشرية التي أصبح هدف نضالها تحقيق مجتمعات خالية من الاضطهاد كأرقى تطور في التاريخ البشري ليعمل الكل بشكل متساوٍ ولينال الكل حقوقه أيضاً بشكل متساوٍ أصبحت بشكل خاص تجتذب المرأة إلى النضال من أجل دك الأنظمة الإقطاعية والبرجوازية التي تضع القيود والأغلال على أيدي وأعناق النساء سواءً في المجتمع أو في الأسرة , ولذلك فإن المرأة اليمنية يجب أن تواصل معترك النضال بكامل طاقتها وفعالياتها , ويجب أن تنتزع من براثن النظرة البليدة والبلهاء التي تعتبر المرأة وسيلة من وسائل المتعة ليس إلا وتركن في زوايا البيت لهذا الغرض ولا يحق لها أن تشارك مع أخيها الرجل في صنع الحياة الجديدة , حياة التقدم والازدهار . ” ونضال المرأة في فكر الشهيد لا يخرج عن حقيقة حتمية .. حقيقة الصراع بين القديم والجديد .. بين القيم والتقاليد البالية التي عفا عليها الزمن وبين القيم والتقاليد الجديدة التي يجب أن تغرس . وهنا ـ كما يقول الشهيد ـ تكمن نظرتان متعاكستان وخاطئتان في نفس الوقت . النظر إلى المرأة على أساس القيم والتقاليد القديمة , نظرة خاطئة من الأساس . وكذلك النظر إلى المرأة ومطالبتها بالانتقال إلى قيم جديدة باسم الحضارة دون أية ضوابط , وهذا يعود إلى نوع من السلوك الرخيص والمبتذل , وهو نظرة خاطئة أيضاً بل نظرة مهنية لكرامة المرأة وإنسانيتها . فالانشداد إلى القيم القديمة البالية التي كان يستخدمها الإقطاع , ويستخدم بها المرأة عبدة في البيت , هذه القيم يجب أن ترفض , وفي نفس الوقت يجب أن نحارب أي نظرة مبتذلة , وغير أمينة وصادقة تقدم باسم التقدمية والحضارة . لذلك تتطلب الضرورة الموضوعية خلق وعي عميق في مواجهة هذه المفاهيم الخاطئة .. وعي يقود إلى إعادة صياغة القيم والمفاهيم بما يؤدي إلى احترام المرأة وتقديرها كإنسانة لها نفس الحقوق .. ولها نفس المميزات , فليس هناك فرق بينها وبين الرجل . ولن يتأتى هذا إلا متى ما آمنت المرأة بعدالة قضيتها , يتعين على المرأة أن تناضل في سبيل انتزاع حقوقها وألا تنتظر من الآخرين أن يمنحوها حريتها كهبة ما لم تتقدم صفوف النضال لانتزاع حقوقها المشروعة وتحرير ذاتها من خلال إيجاد حركة نسائية قادرة على استيعاب التحولات في المجتمع والاستيعاب الخلاق للفكر العلمي الثوري بصفته القادر على حل المشاكل الاجتماعية التي تواجه المرأة اجتماعياً وأسرياً ويمكّن من القضاء على التركة الطويلة من الاضطهاد الذي رزحت تحته المرأة طوال القرون الماضية .