المواطن/ كتابات _ محمد هائل السامعي
يتضح في اليمن ،بأننا مانزال العيش ماقبل الدولة -وهذا ما يوضحه واقع المُجتمع اليمني،ماهو بايّن من -توَحش ،وجشع وتأزم،كما أن التجارة لم تُعد خِدمة كما نعرف ،ولكنها تحولت الى مصدر لتحقيق التراكم المالي والثراء على حساب الأخريّن .
نعرف بأن -“الليبرالية” – أعطت لِلسوق صلاحية كاملة في تحدد كل شيء ،حتى أصبح المجتمع -مادي بحت- لا شيء يَحكمه سِواء الجشع،وهذا أحدالاسباب في إئصالنا الى هذه الكارثة،اضافة الى فشل الانظمة الحاكمة في العقود الماضية وفسادها في محاربة الاستثمار والتنمية والتحديث.
عند سّن ما فوق الخامسة من العُمر ،نبدأ في الإدراك -مَعرفة بعض الاشياء -مِنها النُقود ،والتي بِواسطتها نتعرف على السلع وأثمانها ،والجَودة ونتفحص مَذاقها ،ونعرف عن عجز الرأس المال في صناعة- السلع والخدمات الاجتماعية.
مع إسّتمرار الحرب في اليمن ،وعـَمل المُنظمات التابّعة للأمم المُتحدة -التي تَشغَل تِجارياًً وتَمنح بعض المدارس قليل من البِسكويت للطلبة بقصد الكسب الإعلامي، والتزيّف ،والربح على حساب مُعانات الشعب -مع غياب دولة تهتم بالتعليم في اليمن مُقارنة بِبَعض الدول الاخرى التي تمنح الطلبة في مدارسها أكثر مِن وجبة غذائية في المدرسة, في حرص مِنها على تغذيتهم بدنية كما تُغذيهم عقلياً بشكل سليم.
في السنوات الاولى ,مع تَخطيِنا نحو المدرسة -في الصفوف الدراسية الأولى نتعرف على الباعة البُسطاء ، مَن يَقعدوا بِجوار المدرسة ،عَامليّن في بيع بعض الادوات المدرسية وغيرها من الاحِتياجات للطلبة -من السلع الخفيفة-و مِن هُنا نبدأ بالإصرار مُطالبين الأسر المُعيلة لنا بالحُصول على مُصروفات يومية للمدرسة ،مِن ثم تبدأ ثقة الامُهات والأباء ،لكون الأطفال قد أصبحوا على مَعرفة بالنُقود وقوتها الشرائية ،بإرسالهم الى دكاكين القرية لشراء بعض الاحتياجات -الخاصة من سلع استهلاكية يومية صغيرة ،وعندها يشترط الاطفال على أربابهم -بما تَبقى من فائض نقود عن شراء السلع المُرسل لِجلبها من المتجر-دُكان القرية، يبدأ الأطفال بالشعور عن حاجتهم لِقليل من النقود لشراء بعض الالعاب -لإشباع رغباتهم، ومن ثم يُضارب الطفل تِجارياً مع صاحب الدُكان ،بمعنى -الحذق – التشاطر في الشراء ،مُحارباً التاجر الجشع الذي يَعتبر التجارة وسيلة لِتحقيق التراكم المالي وتكوين الثروة ،لكي يَحصل على فائض النقد من عملية الشراء والحصول على حقه مقابل خِدمة توصيّل ذهابه للتسوق.
قد يكون صحيحا -طِفلك لخِدمتك ،ولكن مُقابل تقديمه خِدمة هو مُحق أن يَحصل على مُقابل خِدمته، وتقف المسؤولية هنا على الأسرة وتليه المدرسة وغيرها من وسائل التنشئة السليمة -من زرع ثقافة لدى الاطفال بأن – أي خُدمة خاصة لشخص قد تكون بمُقابل كآن تَعمل مُستقبلاً ،مُحامي في الإستشارات القانونية ،او التجارة بأنشطة اقتصادية مُتعلقة بمنافع مادية ،والتي من ضِمنها :النقل – المواصلات والاتصالات والحرف المنزلية ووسائل الترفيه والخدمات السياحية والاستشارات الهندسية …
يُعد تقديِمك خِدمة لمُجتمعك , كموظف تتقاضى مُرتب من الحكومة وفي مجال عملك ,يجب أن تكون بدون مُقابل لكونك تحصل على مُرتب من هذا الشعب ،ومن واجب وسائل التنشئة السليمة – تعليمهم،وتعزيز الوعي لديهم،لزرع ثقافة العطاء والتفاعل والإصرار على خِدمة المُجتمع أكثر ،وان لا نُساعدهم في الجشع والتعامل المادي البحت.
لن يُغفر لطالب قدَم قُصار جُهده في الدراسة بالريف ,وتفوق ،لِيتمّكن بمُعدله في الثانوية العامة المُرتفع الإلتحاق بكلية الطب ، وبعد تخرجه مِن الجامعة يرفض العودة الى قريته- يُريد الحصول على وظيفة في المدينة ،فيما لا تزال هناك وحدة صحية – مُستوصف مبنى مُغلق لا كادر فيه ،وقرئ منطقته تفتقر لطبيب يُقدم خِدمة لها ، فأنت جبان دون شك وخائن للمُجتمع سِواء كان لديك مَعرفة او لم تعرف ،عندما تتعمد على أخذ أطفالك ،- من الريف في الهروب بهم نحو المدينة ،خوفاً من الجهل والأمية ،حين يذهب بك بالخوف بالتفكير ,على الضمان لهم تعليم جيد في مدرسة خاصة ،على الرغم من أن المدراس الخاصة لا تُُنتج جيل مُتعلم حقاً ؛كان الاجدر بك ان تبحث مع ابناء قريتك -في الريف على حل إشكالية تدني مُستوى التعليم ، ونمو التعليب والأمية بوتيرة أعنف.
سَيقول البعض: انتقالي مع أسرتي بمن فيهم الاطفال الى المدينة, ليس هروباً ولكن السبب إقامتي ومقر عملي فيها، ومن الطبيعي أن تنتقل مع أسرتك وأطفالك لارتباطك بعمل ،وفي المدينة هناك مدارس حكومية ،وعليك دفع أطفالك للتعليم والدراسة فيها ،وهذا من الطبيعي جداً، اما أن تذهب بهم للدراسة والتعليم في مدارس خاصة ،فأنت مُشارك في تدمير التعليم وصناعة الامية.
نعرف أن الرسوم للدراسة بالمدارس الخاصة الباهظة الثمن- بالدولار -التي ستدفعها ثمن لتعليم طفلك في مدرسة خاصة ،لكن التفاخر لدى مجتمعي التقليدي المتخلف مشكلة أكبر -البعض منا يَشعر بفخر ان اطفاله يَدرسوا -يَتلقوا تعليمهم بالدولار..
الأجدر بك عزيزي الخائف على أطفالك من الجهل والامية ،ان تنفق هذه الرسوم في المكان الصح، وبإمكانك دفعها كمرتب سنوي لأحد خريجي الجامعات من ابناء قريتك -الخريج الجامعي الذي َيَملك طاقة كبيرة ونشاط تمكنه من تدريس عدد كبير من الطلبة في القرية ،ولو بفترات اضافية في المدرسة ،اذا كان وضعك المالي – دخلك الشخصي مرتفع-رجال أعمال او غيره -هنا ستكون مُساهم في حل مشكلة الامية والجهل لدى ابناء مُجتمعك ،وستساهم ايضاً في الحد من البطالة التي يُعاني منها الخريجين بعد الجامعات، وبهذا تكون شخص مُتعاون- ايجابي في المجتمع ،وعلى هذا النحو عليك عزيزي القارئ أن تقيس التعليم في الجامعات الخاصة، التي لا تشارك الدولة في صناعة كوادر حقيقية، ولا تُنجب سِواء مزيداً من الخريجين الى الشوارع ،ولا يختلف عما تقوم به الجامعات الحكومية بهذا الجانب – الفجوة الكبيرة بين سوق العمل ومخرجات التعليم الجامعي في الزمن الحالي -خير شاهد..
كما لا يُجرم أن تُحضر دراسات عليا في دولة غير بلدك ،بحيث لا يكون على حسابك الشخصي -حساب اقتصاد بلدك.
ان السياسة التدميرية- المتعمدة من قبل مُلاك النظام قديماً وحديثاً لدى الجامعات الحكومة في بلداننا تفرض رسوم عالية على مُكملي الدراسات المُسعَرة بالدولار امام الطلاب اليمنين الراغِبين في إكمال الدراسات العُليا ،ومن خلال هذه السياسة يرى البعض مِمّن لديه القُدرة،ويَملك المال ان يُسافر خارج البلد للدراسة ,فلا فرق ان يَدرس داخل البلد او يُسافر للدراسة في خارجها .
يَقترف خيانة للوطن مِن يُسافر للدراسة خارج البلد – وان كان على حسابه الشخصي -،لانه يُشارك في خروج العملة الصعبة من النقد الأجنبي ،في وضع ماتزال بلادنا بحاجة ضرورية لإستجلابها من الخارج .
حل باليمن كارثة وأغُرقت في ظلام حرب عبثية ،غابت خِدمة الطاقة -الكهرباء، وحقق اقتصاد اليمن خسارة كبيرة – مِن شراء اللوحات الشمسية وتابِعتها، إضافة الى شراء المُولدات الكبيرة ،ومع إرتفاع أسعار النفط المُعومة-الناتج عن غياب الإستقرار في السوق اليمنية ،بلغ سعر الكيلو من الكهرباء الخاصة (٣٠٠ ريال يمني) ،اضافة الى الاشتراك الشهري والعدادات التجارية والأسلاك ومُستلزماته ،لا نستطيع تحديد كم خسائر كلفت المواطن ! ،وكم تكلف البلد واقتصادها؟! وهذا ليس حلاً -الا بعودة التيار الكهربائي بشكل رسمي برعاية السلطة الحكومية وبأسعار مناسبة مع دخل المُواطن.
يُفترض حالياً على البنك المركزي – السلطة النقدية في البلد وخاصة في المناطق المحررة ،ان يُعيد الثقة لدى البُنوك التجارية ،وان يَعمل في تنشيط البريد العام ،وضخ اليه سيولة كافية من النقد ،يُمكنه مِن تسليم رواتب الموظفين الرسميين في كافة قطاعات الدولة ،ورواتب الضمان الاجتماعي ؛ كما يتوجب تقديم الشكر للشركات المصرفية التي عَملت في أحلك الظروف في مُساعدتها للبنك لتسليم مُرتبات الموظفين ،في ظرف كانت مستفيدة مِنه في تقديم خِدمة وكسب مزيداً من العُملاء وتحقيق ربح, عندما غاب البنك المركزي عن فرض سلطته والقيام بدوره ،اضافة الى غياب الجهات المالية الرسمية ،يجب اليوم ان تعمل القنوات المصرفية-شركات الصرافة في مُساعدة البنك والبريد الحكومي ،بدلاً من الإحلال محله في العمل.
خصخصة الخدمات العامة من: تعليم ،صحة، طاقة وغيرها ,الذي يجب أن تَكفلها الدولة لكافة مواطنيها مجاناً ،كما لا يوجد اي مُبرر أمام القطاع الخاص أن ينافس القطاع العام ،تحت مسمى الشراكة او غيره في هذه القطاعات ،الا انها جريمة بحق النظام العام ،تَقتل المُجتمع ولا تُخلف سِواء الكوارث للبلد .
للعلم, العلاقة تكامُلية بين القطاعين العام والخاص ،ولا وجود لما يسمى القطاع المختلط -غير الخصخصة للقطاع العام،
وعلى القطاع العام أن يتكفل في اعداد الكوادر وتدريبها بشكل جيد ،بعد دراسة علمية لإحتياجات سوق العمل ،ومن اللازم إعادة الهيكلة للمؤسسات التعليمة وفقاً لمخرجات الحوار الوطني ، بتناسب مع مُتطلبات العصر ،كما انه من واجب القطاع الخاص ،والرأس المال الوطني , الذي ما يزال لدينا أمُنيات له بالقيام على قدمّيه , والعودة في إستيعاب هذه الكوادر من الخريجين – للحد من البطالة؛ والأجدر بالحكومة اليمنية اليوم، ان تضع حد لهذا التوحش ، في إيقاف القطاع الخاص عند حده ، بأن لا يُستثمر على الاطلاق في هذه القطاعات الخدمية ،ويجب التسهيل اما القطاع الخاص ،في توفير- الأمن و الحماية له من قِبل السلطة ،والإعفاء لسنوات بسيطة من الضرائب كتشجيع ،والتسهيل في إزالة الكثير من العوائق البيروقراطية ،اثناء المُعاملات الادارية- وعلى القطاع الخاص أن يَعمل على الإستثمار في قطاعات اخرى تستوعب كثير من العمالة ,في مشاريع تنموية- زراعية ،سياحية ،صناعة سلع ،صناعة خدمات ،والإستفادة من موقع ميناء عدن التاريخي وتفعيل دورها كمنطقة تجارة حرة- والإتجار في خدمة مناولة البضائع مِن شحن وتوزيع وتخزين ونقل وتسهيل الإستيراد والتصدير.