المواطن / افق – فهمي محمد
يستهجن الكثير من المهتمين في الشأن السياسي اليمني إذا ما ذكرت لهم الحضور الايراني وخطره في اليمن ، وببساطة شديدة قد يقال لك اين ايران ؟
لم نشاهدها في اليمن ولم نشاهد سلاحها اوجنودها يعربدون في شوارع صنعاء او في ميناء الحديدة او حتى في صعده معقل الحركة الحوثية ، كما لم نشاهد لها طوال اربع سنوات هن عمر الحرب في اليمن وجود مادي ينتهك السيادة الوطنية على غرار ما حدث ويحدث من ممارسات علنية لدول التحالف العربي لاسيما دولة الامارات والتي اصبحت مادة دسمة تتناولها القنوات الاعلامية الفضائية وهي محقه في ذلك بغض النظر عن ما اذا كانت النكاية السياسية تكمن وراء ذلك التناول الإعلامي الكثيف او لا ، فأنا مازلت أئمن إيمان مطلقاً بأن الإعلام هو منبر صوتي للفعل السياسي ، وهذا الإيمان راسخ في قناعتي الشخصية بقدر رسوخ إلحادي بفكرة حيادية دورالإعلام لا سيما الإعلام العربي .
واقع الحال في المناطق الخاضعة لسلطة الشرعية في الكثير من مظاهره وتجلياته لا يجعلك قادراً على الدفاع دون حرج عن نزاهة تدخل التحالف العربي في اليمن رغم اهميته ، واذا كنت لا تحترم عقل قرائك وحاولت الدفاع عن صدق نوايا التحالف العربي تحت اي مبرر فإن الوجود المادي لقواته وتحركاتها في بعض المناطق سرعان ما تسقط ورقة التوت عن مقالتك وتضعك في موقف لا تحسد عليه ، ولهذا يحاول بعض الكتاب تلطيف التوصيف لهذه الإشكالية في تلك الممارسات المتجاوزة لما هو غير مسموح به من منظور السيادة الوطنية وذلك بالحديث عن ضرورة إعادة ضبط العلاقة بين السلطة الشرعية وقوات التحالف العربي وفق مرجعية الهدف المعلن من التدخل العسكري في اليمن ، لكن واقع الحال يقدم الأدلة المادية على إتساع الخرق في جدار السيادة الوطنية دون إكتراث او خجل ، ناهيك عن إنتهاك حقوق الانسان وقتل المدنيين العزل .
وإذا كان ذلك ما يصدق على التدخل السعودي الإماراتي في اليمن ، فإن التدخل الايراني أشد خطراً وتأثيراً على مستقبل الاجيال في اليمن ،
بكونه يمثل حضوراً لمشروع تقليدي مذهبي عصبوي ، يتكئ في الأساس على نرجسية سلالية ويهدف في نفس الوقت إلى إعادة رسم الخارطة الجيوسياسية وبشكل يعيق بناء دولة وطنية ديمقراطية تتكئ على مفهوم المواطنة البحته في اليمن وهذا يعني ان الحضور المادي للقوات العسكرية الايرانية في اليمن ليس ضرورياً .
إيران لاتجد نفسها معنية بالسيطرة المباشرة على المواني والسواحل بقدر ما تجد نفسها معنية في صناعة مخالب قط في الفضاء العربي المحيط بها ، تستخدم عن بعد على المدى القريب او البعيد في معادلة صراعها الإقليمية والدولية دفاعاً عن مشروع الدولة المذهبية في ايران ، وذلك مايجعل سياستها في المنطقة العربية تهدف إلى تفكيك الدولة الوطنية ذات الهوية الجامعة او إعاقة بناءها ، مع سحب المجتمع ثقافياً إلى عصر ما قبل الدولة الوطنية ( إحياء الثقافة العصبوية المذهبية في الوسط الاجتماعي على غرار ما يجري في العراق واليمن ) وتحويل المذهب إلى عقيدة سياسية تتصارع مع الآخر المذهبي ليس في مجال الفقه والعبادات ولكن في المجال السياسي العام وفيما يتعلق بالسلطة والثروة .
بيت القصيد في هذه المقالة إنه في حال أن وضعت الحرب اوزارها في اليمن يستطيع اليمنييون ان يطردوا الوجود السعودي او الاماراتي في سنه او سنتين ، وقد فعلوها قبل ذلك مع الامبراطورية البريطانية في اربع سنوات هن عمر الفعل الثوري في ثورة 14/ اكتوبر / بقيادة الجبهة القومية او الذئاب الحمر على حد وصف الأديب / عبدالعزيز المقالح ، ولكنهم في المقابل يحتاجون إلى عقود طويلة من الزمن حتى يتمكنوا من تنظيف العقل اليمني من تغول هذا المشروع العصبوي المذهبي السلالي التي نجحت إيران في نفخ الروح فيه داخل اليمن .