المواطن/ افق: علي عبدالفتاح – خاص
الإهداء إلى: كل المواطنين اليمنيين والعرب والمسلمين الذين يعانون بألم مُرّ من هذه المعضلات الجاثمة فالقاشعة بعنفوان عاصف في المعمورة كلها ومنها أرضنا العربية الاسلامية.
كانت التآثرات المتفاعلة المتداخلة المتضادة بل المتدافعة حسب التعبير القرآني الحكيم الدقيق الأساس المكين التكويني لحركة المادة بأشكالها المتنوعة والمختلفة وأثر ذلك في حركتها التغييرية التطورية الداخلية المكتفية ذاتياً وذلك من وفي تجاه نشوء الدقائق اللامرئية والأكوان المرئية بفعل العلم اللدُّني الإلهي والعلاقات السببية المودعة في أساس العمليات والميكانيزمات المكتفية ذاتياً فالتطورات الجوهرية حتى تنامت عمليات فأشياء وظواهر التركيب الجيولوجي بتراتبياتها الطبقية الزمكانية اللزومية أو التكتونية الاستثنائية المتزحزحة ثم وكذا على الصعيد الارتقائي للحركة البيولوجية الكيمياوية التالية فالاجتماعية الغائية (الهادفة) وحيث من هذه الأخيرة التي تسيدت وتتسيد الوجود شيئاً فشيئاً وصلنا الآن إلى عتبات الوصول إلى مشارف حركة تسيد ملكوت الحرية على انقاض ملكوت الضرورة من خلال حركة وعمليات العبور التاريخي الطويل الناشئ من حركة تطور المرحلة الشيوعية البدائية فالتشكيلات الاقتصادية الطبقية التاريخية المتوالية من أجل نصرة هذه الغاية السببية الإلهية الكبرى وذلك منذ ظهور واكتشاف العمل القاسي فالإنتاج الصراعي جوهر هذه الحركة التطورية ـــ التطويرية حتى عهد الشعوب الحرة المنتجة وعبر الإنتاج المؤتمت الخيّر المثمر جداً بل المهولة الراهنة.
ومن ذلك وانطلاقاً من تطور وتعقد الشيوعية البدائية بسذاجة أفراده وبراءتهم الطفولية داخل الإطار الوحشي أو الشمولي للمرحلة الوحشية فالبربرية فالعسكرية فالمدنية الحديثة التي أزاحت وتزيح راهناً ونهائياً المشاعية من الوجود التطوري للبشرية, تلك الشيوعية البدائية المستوحشة التي سبرت العلوم كنهها وسماتها وجوهر تعليلاتها وأسبابها التناقضية التدافعية الداخلية ومفرزاتها والمراحل النافية المتوالية لها كما درست تلك التطورات العلمية البشرية من شواهد ووقائع الحاضر المتبقية داخل المرحل الجارية السابقة للعصر الحديث أو اكتشفت خصائصها البعيدة زمكانياً العلوم الإنسانية الراهنة المدققة وصولاً إلى المرحلة الحادثة حيث التطور المنظومي الشامل للبشر رغماً وبسبب العناد الاستغلالي الاحتكاري الحاد الكارثي المأساوي المؤسف للبعض القريب من الطغم المالية التي لا آفاق سياسية حقيقية وفعلية آحادية لها منذ اللحظات التاريخية الحادثة وصعوداً.
لذلك فإني أكرس هذه المقالات التطورية الجوهرية للوصول إلى هذا المجرى الصيروري النوعي الكبير للشعوب في اتجاه ملكوت الحرية ونشوء التاريخ الجديد (الحضاري) الباذخ والنوعي للإنسان.
إن تطور وتعقد الشيوعية البدائية تحت تأثير حركة البحث الحتمي الوجوبي المعاني القاسي عن الاستمرارية الحياتية المعيشية تنامياً فتقدماً تطورياً بسبب جدلية العلاقة بين الكدح العشوائي العفوي فالمستقصي لاحقاً وتأثيرات العمل المتحسنة دوماً بفعل الممارسة اليومية وموضوعات وخامات وطاقات العمل المزدادة انتقاءاً وتدقيقاً دوماً أيضاً فنتائج العمل الملبية للخيرات البشرية المتحسنة أبداً وأثر هذا الديالكيتيك اليومي الوجوبي الحتمي في تراكم عمليات الأشياء والظواهر في اتجاه الآفاق في صيروراتها (تحولاتها) المفتوحة في أيامنا هذه.
على أن استمرار تطور عمليات تلك الأشياء والظواهر وإنسانها الناشط المنتج فعلاقاته المتكون فالصاعد منذ المراحل الممتدة الطويلة للألوف الألوف من السنين المنعكسة في تطورات وتعقدات كيان الإنسان ووعيه في اتجاه نشوء (الإنسان العاقل) منذ 45 ألف إلى 50 ألف عام كما تؤكد العلوم المختصة, قد أفضى إلى تبدل ورقي النشاط التالي لهذا الإنسان العاقل القادر على التجريدات الأولى المنتزِعة لمفاهيم الأشياء البدائية صفاتً وخصائصاً فتصنيفاً فحركة فالتكامل الأولي البدائي للغات البشرية المتكونة الأمر الذي انعكس في نشوء فتكامل نسق الوعي الخرافي الخيالي القائم على تعقد ذاكرة الإنسان فالوعي والتفكير الأسطوري التاريخي الخيالي الفني الأغنى الأرقى (الملاحم) وبالتالي دفعت في المدى التالي إلى نشوء الأشكال الهلامية المتقطعة لحكايات الجدات والأجداد الفولكلورية الشفاهية المشبعة بالنزعات والغايات المادية والتي تكاملت سردياً لاحقاً وتتشبع بدورها بالأهداف والتصورات المثالية وذلك كله, جميعه, بسبب التطورات ــ التعقدات المتبلورة من ظهور وتطور أشكال العمل المتحسنة دورياً ويومياً, يدوياً وخبروياً فتكنيكياً فظهور الاستقرار النسبي شبه العارض للمعيشة ثم في اتجاه أشكال الانتاج المادي فالمعرفي المتقدم التي شهدت تطوراتها وتعقداتها التالية عبر قرون الكدح البشري وعلاقاته ومراحله في تطور الاقتصاديات التقنية فالاجتماعية الثقافية حتى وصلت إلى المظاهر الأولى لنشوء وتحقق وإنجاز (فائض العمل والإنتاج) (فائض المعيشة المباشرة) التي كفلت إثر تطورات انتاجية العمل هذه تطورات وتعقدات مماثلة في تفكير الخبرات القيادية لدى طلائع البشر الطوعيين ثم تعقد أذهان الأعيان التاليين المثبتين إكراهياً للزعامة القيادية في اتجاه التثنية (الثنائية) الطبقية الاقتصادية الاجتماعية أساس ظهور معظم التثنيات الفكرية عبر ومن خلال تبلور الطبقة النهائي وتناحراتها المبرر الموضوعي فالذاتي لنشوء الدولة والمجتمع الثنائيين والتي ضمنت إلى حد كبير على الصعيد التاريخي التقدمي وحدة المجتمع الناشئ التحالفية فالاقليمية وحتى الامبراطورية فتكريس الثنائية والتثنية الاستعبادية والاستغلالية على كافة الأصعدة بدءاً من التباينات الأولوية داخل بنية وحدة العشيرة أو العشائر إلى التناقضات الصريحة المتناحرة الاقتصادية الاجتماعية, (عبيد وأحرار), (مستغِلين ومستغَلون), (فقراء واحتكاريين), (مستضعفين ومستكبرين), (عامة وخاصة), (رعية وحكام), (جماهير ونخب), إلخ إلخ , وأثر الثنائية والتثنية المنعكسة عن ذلك في التناقضات المتضادة التدافعية الفكرية الأرقى المتشبعة (جماد وروح), (مدنس ومقدس), (ناسوت ولاهوت), (عدل وظلم), (أخلاقيات متقدمة دافعة وانحطاطات مبتذلة كابحة), (الانشداد إلى الأمام بمنهجية وضوحية متوضحة أو بغموض مضبب خاسر), (الانشداد نحو الخلف الذي يذبل وسيذبل في اللحظات التاريخية الحادثة هذه الأيام وصعوداً إلا بمضمون عادل سوي وتطوري مكين).
وأثر تلك التعارضات الاجتماعية الاقتصادية فالسياسية الفكرية في تنامي الصراعات الاجتماعية الأيديولوجية لاسيما مع الأزمات, ولاسيما أزمات انسداد الطريق والأفق على التحديد. فتفاقم الصراع الطبقي أساس كل التناحرات والحروب بعد تكونه المشهود إثر نشوء الطبقة ــ الدولة وان اتسم هذا الصراع الاجتماعي الطبقي الفئوي بمستويات غير مباشرة خفية ومغلفة لقيادتها من التجنحات المتشظية (للتحالف الأغلب للبعض العسكري المصلحي والرأسمالي المُعاني المتهرب مع بقايا الإقطاع وبقايا القبلية) في فسيفسائية كالحة عند ومع ارهاصات أو لحظات انسداد الأفق فتنابذات هذه الفسيفسائية المتربطة بالقومية والجهوية والطائفية والعرقية السلالية المأزومات والمهترئات والمظاهر الحديثة والقديمة لطمس واضعاف هذا الجدل التدافعي الفئوي فالطبقي الموضوعي الذي ينبغي حتماً أن يكون سلمياً ديمقراطياً حراً محتكماً إلى صناديق الاقتراع وذلك كله في إطار هذه الفسيفسائية, عبر عدم حسمها وتثبيتها للاختيار الدستوري التوافقي المدعوم جماهيرياً ومؤسسياً والمنظم للمسار الموضوعي التراكمي الحر للتطور الجاد والتنمية الشاملة بفاعلية السلطة الجادة المنتخبة والاصطفاف الصلب للحمة الوطنية بقيادة الفاعلية الكفؤة الجادة والمعارَضة الأعرض المناضلة والمجاهدة صوب التنمية وحماية الدستور وذلك في ظروف الحرية والديمقراطية الملموسيتين والقائم على استبصار استراتيجي وحدوي متدرج لسائر الأطراف المعنية وزاوية تفكير منهجي مناسب للعام الكوني والخاص العربي الاقليمي والأخص الوطني أو القطري.
وعوداً على بدء أذكّر القارئ اليقظ بأن التفكير الخرافي فالأسطوري (الملحمي) الأكثر غنىً فتطوراً إنما هما تاريخياً قائمتين على الخيال المفتوح في ظروف انعدام الاستقطاب الاجتماعي وكذا كانتا قائمتين على نزعات واقعية مادية على الصعيدين الحسي والمعنوي اتسعت بخاصة مع حركة التفكير الأسطوري الأرقى لارتباطها بوقائع الأحداث الكبيرة للحروب الممتدة أو المظاهر والصروح الثقافية المتقطعة والمتكونة ثم دفعها على أساس تنامي انتاجية العمل لعلاقات المقايضة الباكرة إلى وفي اتجاه بذور العلاقات السلعية النقدية نسبياً وإلى الأمام لنفس السبب ألا وهي ارتقاء انتاجية العمل فتطور الحرف فالتجارة فالصناعات الأولية وعلاقاتها ونتائجها وثمراتها الكبرى المعارِضة والداحضة لتلك الفسيفسائية المذكورة في ثنايا الارتباط المتشابك مع الواقع العالمي والعربي البالغ الحراك الدينامي لا الجمودي الثابت اللامتحرك.
إنه الواقع العالمي المزدوج النهوضي الشرقي والمُأزَّم الأطلسي المتفاعلين مع ذلك ورغمه لأسباب سأوضحها في المقال اللاحق.
إن الواقع العالمي والعربي يحدث الآن مساراً ديناميكياً وميكانيزمات جدلية بالغة التأثير التحويلي في ظروف تنامي وتسارع الصراع أو التدافع الاجتماعي الثقافي عند ومع تثنيته الاستقطابية الحادة فالآفلة بإذن الله أو عبر تناحرات أطراف وتجنحات الفسيفسائية المشارة الذي يحمل جوهراً فئوياً ــ طبقياً أيضاً وبالضرورة في اتجاه التبلور التطوري أو محاولة امتصاصه وكبحه المستحيلتين إلا من تعميم الوفرة ومظاهر العدل الأولية فالاستقرار النسبيين. بل وإمكانات نجاحات القيم الأيديولوجية للمترفين من سائر أطراف الفسيفسائية المتمزقة على هذا الأساس الأولي العادل المستقر وحده… علماً بأن الصراعات الاجتماعية الطبقية التدافعية غير المسلحة بالتراكمات المرحلية أو التاريخية الاجتماعية ــ الاقتصادية ــ التكنيكية ــ الثقافية والعلوم المنهجية السياسية الكيفية فالنوعية الطليعية والتحالفات الأعرض الداخلية الوطنية والاقليمية العربية الاسلامية والكوني الأعرض وكذا القيم والمُثُل الأخلاقية العليا الموضوعية تؤدي إلى التضبب. فاستحالة النجاحات التناغمية المنسجمة الملموسة فتوطيد المعضلات ــ التناحرات لا صرح البناء العظيم الشامخ, فيما يشكّل الصراع الطبقي الفسيفسائي الذي يتبلور في راهنية عصرنا الأساس الأولي المادي الخفي لكل التناحرات الداخلية والحروب الخارجية وذلك إثر استمرار السيرورات المراوحة لا الصيرورات الاجتماعية ــ الاقتصادية للإنتاج الاستغلالي المادي الثقافي لتلك الدول والمجتمعات المراوحة إن لم تكن المُعاقة في اتجاه الفقر والبطالة المكثفة والبؤس العميم فالتناحرات لا في ظل الوفرة والحرية التي تؤدي إلى تمكُّن وتجسُّد وسؤدد السلم الأهلي المزدهر الوطيد والمجيد… وحينما أذكّر الأساس الخفي لصراع الطبقات في اتجاه التشوه وكذا في اتجاه نسف المكتسبات المتراكمة التراكمية في الوطن اليمني والكثير من البلدان العربية الاسلامية إنما أشير إلى حركة الأطراف الفسيفسائية المشار أعلاه المتناحرة في ظروف ارتخاء وتمزق تحالفاتها الاستغلالية الحادة والسائدة الحاكمة وتشظيها تحت تأثير الانسداد الاقتصادي الثقافي وانسداد الآفاق السياسية المباشرة لأنظمة العجز والاهتراء وتحولات تجنحاتها المتنوعة المتشظية واستدارتها نحو الجماهير الشعبية المفقرة ومن سائر المواطنين من مختلف تكويناتهم الاجتماعية الثقافية لإعادة ترتيب السلطة المهترئة المعاقة ليس إلا, وكذا فإن أزمة الأنظمة والسلطات السلالية العشائرية في المنطقة إنما هو ناجم عن ومن ضغط الواقع الذي قطع شوطاً كبيراً في التطور البرجوازي الرأسمالي الذي يتجذر متبلوراً وأثره في تطلب حتمي للغطاء الفكري السياسي المناسب في ظل الاستنارة الأيديولوجية السياسية المتزايدة لجماهير شعوب المنطقة فالضغوطات الانتقادية الخارجية مما ساعد على تفجُّر البنيات المجتمعية في أكثر من منطقة عربية ديمقراطية واستبدادية ومنها قطرنا الذي أظهر المخبأ كله تحت عمق الأزمة وكذا إيران ودويلات ودول سائر المنطقة العربية الاستبدادية المهترئة المنسحبة من التاريخ تحت تأثير التناقضات الداخلية وتيارات العصر النافذة فالاحتواء البنيوي العظيم للعصر العلمي المفتوح النافذ.
ولذلك كان الهروب الكبير لأطراف الفسيفساء المتحكمة المعاقة إلى الخلف تحت مسميات شرعية وانقلاب وتحالف وعدوان وشيعة وسنة وعرب راهنين وفرس راهنين ومعتدلون ودواعش أو روافض ودواعش إلخ إلخ من الألاعيب والمهازل الجهنمية المأساوية. مثل ما أشير إلى الأساس الخفي نفسه لتباينات وصراعات الطبقات في بلداننا المتأخرة اجتماعياً لا العيانية العلنية المتبلورة الواضحة الديمقراطية السلمية الدستورية وذلك بسبب مستوى التطور الاقتصادي الاجتماعي وعبر التاريخ, نعم من وعبر الكيانات الاجتماعية الثقافية الرواسبية التي تطفو إلى السطح موضوعياً في ظروف تلك الارتخاءات العاجزة, في ظروف الأزمات المستحكمة المعيقة القائمة اليوم مثلاً لذلك كانت العرقية السلالية العشائرية مثلاً والطائفية مثلاً وحتى القومية في مرحلة عجزها البنيوي السببي التاريخي أشكالاً لطمس وعرقلة المسار الموضوعي التراكمي التراكمي الديمقراطي الحر القائم على الجدية المنضبطة لا التسيب أو التفلت التي تضمن فقط توجيه الأزمات, الصراعات, التناحرات في محلك سر أو لصالح تجديد الأزمة المستحكمة والمستفحلة فالتناحرات واستمرارها لصالح الفوضى الافسادية والسلطة العاجزة عن أي ثبات واستمرارية تصحيحية بل على العكس استخدام السلطة الفاسد المهترئة ضد المصالح الموضوعية لمجموع الجماهير الشعبية بعامة من عمال وفلاحين وموظفين وبرجوازية صغيرة والفئات الوسطى الثلاث وبرجوازية انتاجية وتجارية متوسطة وحتى كبيرة جادة فقبائل طامحة راهنياً في النمو والتنمية والاستقرار والازدهار فالتقدم.