عن المنتصف نت
بعد أكثر من ٨ سنوات من الحرب في اليمن، يقف اليمنيون اليوم على واقع ضبابي بين (الحرب والسلام)، ينشدون السلام الذي صار بعيد المنال، ويأملون في إنهاء الحرب التي تتوعدهم عصابة الحوثي باستئنافها في أي لحظة.
عن هذه المواضيع وغيرها يستضيف “المنتصف نت” سكرتير أول منظمة الحزب الاشتراكي اليمني بمحافظة تعز باسم الحاج، وتناقش معه عددا من القضايا على الساحة الوطنية، ومنها الجهود الدولية والإقليمية الرامية إلى تمديد الهدنة الأممية واستئناف المفاوضات ورؤية الحزب الاشتراكي حول وقف تصدع الشرعية اليمنية ومستقبل اليمن في ظل تعدد سلطة الأمر الواقع في اليمن، وأبرزها عصابة الحوثي الإرهابية المدعومة من إيران، التي تسعى لتنفيذ مشروعها الطائفي في اليمن بقوة السلاح وتزييف وعي اليمنيين بالاعتماد على خرافة الحق الإلهي. وفيما يلي حصيلة هذا اللقاء:
1– هناك جهود أممية ودولية وإقليمية لإيقاف الحرب والدخول في مفاوضات سلام.. كيف تقيم هذه الجهود؟ وماهي وجهة نظر الحزب الاشتراكي منها؟
موقف الحزب الاشتراكي اليمني من السلام العادل والشامل والمستدام موقف مبدئي. ومنذ وقت مبكر قدم الحزب مبادرات أبرزها مبادرة أطلقها في 2015 واستمر الحزب في مختلف المناسبات يدعو لإيقاف الحرب الداخلية والتدخل الخارجي العسكري واستعادة مؤسسات الدولة القانونية والعودة لطاولة الحوار واستئناف العملية السياسية على قاعده الشرعية السياسية التوافقية.
وبخصوص الجهود الاممية يرحب ويثمن الحزب الاشتراكي بكل جهد أممي ودولي وإقليمي يخدم ايقاف الحرب على طريق انهائها، وتتضاعف كل يوم الحاجات الملحة لوضع قطيعة مع الحروب الأهلية التي نكلت باليمنين وغيبت مؤسسات دولتهم، كما نؤكد هنا على أهمية تطوير نهج وأداء مكتب المبعوث الأممي في إدارة ملف بناء وتشييد السلام على مستويين:
المستوى الأول يتمثل بآليات إدارة عملية المفاوضات من خلال إشراك واسع للقوى السياسية والحزبية والمدنية والاجتماعية والمرأة والشباب وعدم اقتصار عملية المفاوضات على المكونات العسكرية (الحكومة الشرعية والمكونات العسكرية في إطار سلطاتها من جهة والحوثيين من جهة اخرى).
المستوى الثاني هو المتمثل بموضوع المفاوضات؛ وبهذا الخصوص نشدد على تصفية البنية التحتية للحرب من خلال حلحلة الملف الإنساني والذي يمثل مدخل حقيقي نحو عملية سلام تفضي إلى إنهاء الحرب على طريق عودة الجميع نحو مؤسسات الدولة القانونية والشرعية التوافقية وعلى قاعدة مخرجات الحوار الوطني الشامل ويشمل الملف الإنساني إطلاق الاسرى والمعتقلين والمخفيين قسرا على قاعدة الكل مقابل الكل، ونزع الألغام، وفتح الطرقات والمعابر، وانهاء الانقسام في المؤسسات الاقتصادية (البنك المركزي) وتوحيد العملة وصرف الرواتب وتحييد المطارات والموانئ والأوعية الإيرادية من تدخل المليشيات المسلحة وتأمين عائداتها لصالح الخدمات الإنسانية والتنموية بدلا من توظيفها كموارد لتغذية المليشيات وحروبها العبثية وكدا تحييد المساعدات الإنسانية وتحصين كل المؤسسات السيادية وخدمات الماء والكهرباء والمنشآت النفطية من أي أعمال عسكرية أو استخدامها لأغراض عسكرية..
حلحلة الملف الإنساني
في تصوري أن أي عملية سلام لا تقدم على حلحلة الملف الإنساني بمكوناته المذكورة أعلاه، وتقديم مكتب المبعوث بدرجة رئيسية آليات وتصورات تقنية لإنجاز الملف الإنساني، والتزام الجميع بإنفاذ التوافقات عليها؛ يجعل جولات المفاوضات مجرد هدن تستريح المليشيات من خلالها لاستئناف الحرب المفتوحة..
وفي تقديري أن المجتمع الدولي لم يسعى بشكل جاد لممارسة اشكال الضغط المختلفة التي تخدم السلام في اليمن واستعادة دولة اليمنيين بل أسهم فاعلين دوليين واقليميين في تعميق الانقسامات وتعدد سلطات أمر واقع بدلا من تعزيز مؤسسات الشرعية القانونية التوافقية.
خطورة إبقاء الشرعية كيانات مفككة
2- يقول البعض ان التفاهمات السعودية- الإيرانية تتجه لتعزيز مكانة مليشيا الحوثي على حساب الشرعية التي تتصدع مكوناتها يوما بعد آخر. هل تتفق مع هذا الكلام؟
أي مباحثات وتفاهمات في المنطقة وبين الأطراف الاقليمية الفاعلة وخصوصا بين إيران والسعودية مسألة مهمة وتشكل ضرورة وخصوصا أن عدد من بلدان المنطقة العربية اكتوت بنيران هده الحروب بطابعها الطائفي ونشط تنامي وصعود الهمجيات على حساب تطلعات المواطن العربي لدولة وطنية ديمقراطية تصون حقوقه السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية وقبل ذلك توفير بيئة آمنة.
وبخصوص التفاهمات السعودية الإيرانية وانعكاسها على اليمن. طبعا يعتبر ملف اليمن أحد الملفات المهمة التي تم مناقشتها بين البلدين، وعلى ضوء ذلك تمت مباحثات وتفاهمات حوثية سعودية، فرضتها جملة حقائق اقتصادية وسياسية أولها حاجة السعودية لإنجاز مشاريع اقتصادية واستثمارية وتنموية وشراكات اقتصادية دولية بما في ذلك شراكات مع الصين، حيث كان للصين دور فعال في هذا التقارب.. والحاجة لتشييد المشاريع السعودية العملاقة مرتبطة بتأمينها من المسيرات الحوثية وحليفها إيران.
كما أن فشل مكونات الشرعية وخصوصا بعد مشاورات الرياض ابريل 2022، خلال أكثر من عام، من تحقيق تقاربات وحلحلة كثير من التعقيدات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والمؤسسية وغيرها.. كل ذلك وضع الشرعية من منظور السعودية في وضع لا يؤهلها حتى الآن كشريك ندي بالإضافة الى أنها لا تهدد مصالحها مثل الحوثي.
وفي تقديري أن ذهاب المملكة السعودية لتفاهمات حوثية فقط وبما يخدم مصالحها الاقتصادية، وابقاء الشرعية كيانات مفككة لا يخدم الأمن القومي السعودي ولا أمن المنطقة والبحر الأحمر والسعودية والإمارات بدرجة رئيسية. وما يصب في خدمة مصالح الدولتين والاقليم هو إنجاز سلام حقيقي في اليمن والإسهام في بناء نموذج دولة وطنية قوية وإنجاز نموذج تنموي ناجح على طريق تعديل موازين القوى بأدوات سياسية واقتصادية تفضي إلى سلام دائم وشامل ودولة وطنية ديمقراطية اتحادية حديثة على طريق بناء شراكة وعلاقة ندية وتشاركية بين اليمن ودول الاقليم. مع التنبيه إلى أن استمرار الانقسام في اليمن والتفكك يعد خطر على الأمن القومي السعودي والإقليمي والدولي.
حوار وطني لإنقاذ الشرعية
3- كيف يمكن إنقاذ الشرعية اليمنية من السقوط والانهيار؟
إن إنقاذ الشرعية اليمنية من السقوط والانهيار والتآكل يتطلب من مختلف المكونات العسكرية والسياسية والمجتمعية انتهاج حوار وطني جاد وواسع والوقوف أمام عدد من الملفات التي بدون إنجازها سيهوي الجميع إلى مجاهيل ستكون أكثر كلفة وباهظة.
ومن الملفات التي تتطلب وقوف مكونات الشرعية أمامها بجدية انتهاج نضام حوكمة للمؤسسات الرسمية في نطاق سلطاتها، ووضع إطار تفاوضي يتعلق بالقضية الجنوبية وإنجاز مصفوفة أولويات مطلبية تتعلق بمصالح المواطنين التي تم الانقضاض عليها بعد 94، وذلك على طريق استعادة شراكة الجنوب في إطار القضية اليمنية ومشروع استعادة وبناء دولتها..
كما أن الملف العسكري والامني يتطلب حزمة إجراءات تحول دون الاقتتال البيني لهده المكونات العسكرية وإنتاج مجموعة إجراءات أوليه تسبق الدمج تضمن تحرير أفراد المؤسسة الامنية والعسكرية من الولاءات التي تتخادم مع تطلعات لا تحترم المشروعية الشعبية، وتحييد تدخل الجيش في الموارد وإعادة موضعته خارج المناطق المأهولة بالسكان، وربط الجيش بوزارة الدفاع وإيقاف تدفق المال والدعم السياسي الإقليمي خارج مؤسسات الشرعية الرسمية المتوافق عليها.
كما أن الملف التفاوضي اليمني اليمني والعلاقة مع الإقليم وتصويب وتصحيح مسارات الشراكة مع الإقليم تمثل إحدى الأولويات التي يصعب القفز عليها، بالإضافة إلى أن إنجاز عدد من المشاريع الخدمية من خلال التوظيف الأمثل للموارد المتاحة والمهدرة، إلى جانب إعادة ضبط مسار مساعدات المانحين باتجاهات خدمية وكذا أهمية بناء خطة اقتصادية تنموية قادرة على الاستجابة والتكيف مع التعقيدات وبما يلبي حاجات الناس المعيشية وفق اقتصاديات صغيرة وكبيرة.
إنجاز هكذا ملفات تمثيلا لا حصرا هو أساس لبناء نموذج جاذب وناجح ويساهم في إعادة توازن القوى وبشروط ومعادلة غير حربية
مليشيا تعتمد على الخرافة والقوة
4– كيف تقيم مستقبل العلاقة بين اليمنيين وبين مليشيا الحوثي بعدما أحدثته هذه المليشيا من تجريف كبير في الهوية الوطنية من خلال تغيير المناهج وفق أجندات طائفية ومن خلال أقامت المراكز الصيفية وغيرها؟
أولًا بالنسبة للحوثيين هم يمنيين ولا خلاف أو نزاع حول يمنيتهم، موضوع الخلاف الرئيسي هو الاستيلاء على السلطة استنادا على قوة المليشيات المسلحة والاتكاء على مشروعية لا تاريخية ولا دستورية تستنجد بالحق الالهي بدلا من المشروعية الشعبية في تقرير المصير السياسي لليمنيين. وبهذا الخصوص أؤكد أن الرهان على الاستمرار في اغتصاب السلطة استنادا على المليشيات المسلحة وعلى خرافة الحق الإلهي هو رهان فاشل لا يستطيع أن يصمد أمام عجلة التاريخ وتقدمه، إن رهان أي سلطة على القوة المسلحة سواء كانت تستند على خرافة أو على استحقاق استبدادي من نوع اخر سيسقط حتما أمام الإرادة الشعبية الوطنية اليمنية..
وبخصوص تدريس مناهج طائفية سواء كانت تتمسح بالشيعية أو السنية وتدجين عقول النشء وحشوها بمفاهيم تصطدم بقيم التنوير والمواطنة والحداثة وحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية ستفشل مثل هده الجهود أمام الحاجات الموضوعية والذاتية لتطلعات الشعب اليمني.
على المدى البسيط قد تحقق مشاريع التعليم الديني الطائفي، وفق التصورات والمفاهيم الزائفة، لمرحلة زمنية معينة اغراض سلطوية ومنافع مادية لزعامات سياسية ودينية لكن حاجات الناس وحركة التاريخ وتطور فعل المقاومة الناعمة في سياق مشروع تنويري سيفرز شعب يحكم من خلال دولة وطنية ديمقراطية ومؤسسات حديثة.
جرائم ضد الإنسانية
5 – تشهد مناطق سيطرة عصابة الحوثي وقائع وأحداث مؤسفة منها اكتشاف مقبرة جماعية في مديرية حرف سفيان بعمران، واحتفالات بيوم الغدير أو الولاية، وتعليقك على هذه الأحداث؟
السلطات الاستبدادية والاحتفاظ بالسلطة عبر ادوات القوة والاكراه تخلف مأسي إنسانية ومقابر جماعية، وتقع مسؤولية على منظمات حقوق الإنسان توثيق الانتهاكات والجرائم، وستأتي يوم تفتح مثل هده الملفات، فحقوق الإنسان لا تسقط بالتقادم.